تمثل عمليات التطوير المستمرة للسياسة النقدية التي قادها البنك المركزي منذ قرابة السنوات الخمس علامة فاصلة في أداء القطاع المصرفي بوجه عام ولاسيما اذا كنا نتحدث عن بعض الآليات التي لمسنا آثارها الناجحة مثل آلية الكوريدور التي استحدثها المركزي عام 2002 حيث يري الكثيرون انها حققت نوعا من الاستقرار والسيطرة علي معدلات التضخم وحجم السيولة المتوافرة لدي القطاع المصرفي حيث تأتي عملية الاستحداث من خلال التزام البنك المركزي المصري بميثاق الممارسات السليمة في مجال شفافية السياسات المالية والنقدية الذي أقره صندوق النقد الدولي عام 2000 فضلا عن تطبيق معايير الشفافية ووضوح القواعد والاجراءات لجميع العاملين في السوق المصرفي بالاضافة إلي الافصاح التام عن جميع السياسات واتاحة المعلومات والتفاعل الزمني مع توجهات السوق ومؤشرات الاداء الاقتصادي. الخبراء المصرفيون من جانبهم أكدوا ان تناغم السياسات النقدية مع السياسات المالية في قدر كبير من الاستقرار الذي شهده القطاع المصرفي وعكس قدرته علي امتصاص آثار الكثير من الصدمات الاقتصادية الخارجية والداخلية التي شهدها الاقتصاد المصري وساهم في استقرار العملة المحلية وصمودها امام تقلبات الدولار خلال العام المنصرم. يري الخبراء ان اَلية الكوريدور نجحت في السيطرة علي كثير من التقلبات وحجمت من معدلات ارتفاع التضخم وقاومت الي حد كبير فرط السيولة وذلك بالاضافة إلي الادوات الاخري التي تشملها السياسة النقدية الا انهم اعتبروا في ذات الوقت أن البنوك عليها اعباء ينبغي ان تضطلع بها لتقوم بدورها المنوط بها من خلال توسيع قاعدتها الائتمانية فليس من المعقول ان يكون قطاع مصرفي ضخم وتتركز فيه عمليات الاستثمار في أذون خزانة وسندات حكومية وتقل فيه معدلات التوظف بشكل عام عن 50% وهو أمر ينبغي أن تكون له استراتيجيات بعيدة المدي تضع التوظيف الامثل للأموال البنوك هدفا لها فالكوريدور يعتبر من الادوات الثانوية وينبغي ان يكون وسيلة وليست غاية كما يحدث الآن. اعتبارات المستثمرين ومن جانبه يؤكد د.عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لصناديق الاستثمار ان السياسة النقدية التي انتهجها المركزي ساهمت وعلي نحو كبير في تقليص المخاطر التي يتعرض لها القطاع المصرفي وخصوصا اذا كنا نتحدث عن آلية الكوريدور التي انشئت خصيصا لامتصاص السيولة من السوق وخفض معدلات التضخم وهي من المؤشرات التي ساعدت في تحسن مناخ الاستثمار لانها أحد المحددات التي تدخل في اعتبارات المستثمرين لدي اختيارهم لسوق معين ولكنه يجب علي أية حال ألا تتحول إلي غاية للبنوك وتبعدها عن خطوات الاستثمار التي يجب عليها أن تأخذها في الاعتبار. ويدعم خليفة البنوك إلي ضرورة تغيير سياستها الاستثمارية في المجالات المتاحة امامها خصوصا من خلال الاوراق المالية لأنها ذات عائد ايجابي فلو تم تخصيص جزء من السيولة التي تتدفق علي اذونات الخزانة والسندات الحكومية فإن جزءا كبيرا من مشاكل الاقتصاد المصري العالقة سيتم حلها فالسيولة مطلوبة ولكن يجب ألا تخرج عن معدلاتها الآمنة حتي لا تتحول الي عبء علي الاقتصاد المصري من خلال الركود وارتفاع معدلات التضخم. ومن جانبه يؤكد فتحي ياسين الخبير المصرفي ان آلية الكوريدور لها دور جيد في ضبط ايقاع السوق المصرفي من خلال استهداف التضخم بامتصاص السيولة في السوق او تغطية الاقتراض في حال حدوث عجز ولكن علي الرغم من ذلك فإن هذه الأدوات تستخدم في أوقات معينة ويجب علي البنوك استحداث ادوات ذاتية تحقق توظيف الأموال الهائمة في البنوك في مشروعات تنموية بمفهومها الاقتصادي المعروف التي تدر عجلة الاقتصاد القومي وتوفر فرصا للعمل ومقاومة فاعلة للبطالة بعيدا عن التوجه للقروض الاستهلاكية التي لا تحقق الأهداف المطلوبة من التنمية والتي من المفترض ان تتوجه لها البنوك. وطالب ياسين البنوك بالعودة إلي دورها الحقيقي في الاقتصاد القومي وتحمل مسئولياتها مستفيدة من الاصلاح المصرفي وتحت عباءته القوية التي تقلل من فرص المخاطر التي كانت هاجسا في الماضي.