ترتبط أقدارنا بأفريقيا ليس باعتبارها القارة التي نتواجد فيها وننتمي إليها فحسب ولكن باعتبارها منبع النيل الخالد ونعلم ماذا يعني نهر النيل بالنسبة لنا كمصريين. وإذا كانت أفريقيا لنا هي المكان ومنبع الماء وبالتالي مصدر النماء فإنها أيضا ذات أهمية من حيث العلاقات التجارية والاقتصادية بل والدبلوماسية أيضا. ولعل هناك أمرين أساسيين تستند إليهما عملية التنمية في مصر يختلفان من حيث الأولوية والأهمية عن سائر العناصر الأخري التي تساند عملية التنمية. وهذان الأمران هما: أولهما: مصادر الطاقة ولاسيما ما يتعلق منها بالمياه التي هي شريان الحياة. وثانيهما: التصدير.. وكلا الأمرين يعطيان لأفريقيا اعتبارا خاصا. وتحتل ثقافة التصدير بالنسبة لقارة أفريقيا وبلدانها ودولها أهمية ارتكازية نستطيع فيها أن نحقق مميزات تنافسية وأن ندعم أواصر العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية في اَن واحد. وقد جاء لقاء المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة برؤساء المجالس التصديرية ليؤكد علي الفرص الكبيرة لزيادة الصادرات المصرية خلال عام 2008 سواء كان الأمر يتعلق بالصادرات السلعية أو الخدمية وهذا يدعونا لتأمل بعض التجارب التي تشكل فرصا واعدة في هذا السبيل ومن تلك التجارب ما يتعلق بالعلاقات التجارية بين مصر وبعض البلدان الأفريقية.. ونتوقف هنا أمام المعارض التي أقيمت للمنتجات المصرية في كوت ديفوار التي لعبت فيها السفارة المصرية دورا يستحق التأمل والتسجيل إلي الدرجة التي جعلت منظمي هذه المعارض يرسلون خطاب شكر إلي السفير المصري هناك يقولون فيه: سعادة السفير/ شريف عباس سفير جمهورية مصر العربية بكوت ديفوار: نتقدم لسيادتكم بخالص الشكر والتقدير علي مجهوداتكم المخلصة في إنجاح الدورة الخامسة لمعرض المنتجات المصرية الذي أقيم خلال الفترة من 29 نوفمبر حتي 8 ديسمبر 2007.. وبعد توفيق الله عز وجل ومجهودات ومتابعات سيادتكم تحقق نجاح غير مسبوق لتلك الدورة وظهرت المنتجات المصرية بصورة مشرفة بالسوق الإيفواري. كما نتقدم بخالص الشكر والعرفان للأستاذ/ أحمد شاهين القائم بالأعمال بالإنابة الذي لم يدخر جهدا في إنجاح ذلك الحدث المهم وقد كان لوجود وإشراف سيادته في كل كبيرة وصغيرة تخص ذلك الحدث عظيم الأثر في إيجاد حلول لجميع المشكلات التي واجهت المعرض مما أدي في النهاية ليظهر ذلك الحدث بتلك الصورة المشرفة التي تخدم اقتصادنا الوطني. اَملين أن تحذو جميع سفاراتنا بالخارج حذو سفارتكم الموقرة من خلال مساعدة الشركات المصرية الجادة وتذليل جميع العقبات التي تواجهها من أجل زيادة الصادرات المصرية لأسواق العالم بصفة عامة والأسواق الأفريقية بصفة خاصة. علي أمل استمرار ذلك التعاون وتلك المجهودات خلال الدورة السادسة للمعرض التي تحدد لها تاريخ مبدئي هو الفترة من 28 أكتوبر حتي 6 نوفمبر 2008. التوقيع مدير عام الشركة المنظمة للمعارض مجدي نعمان ولعل في تلك التجربة ودراستها ما يمكن أن يفيد ويشكل حافزا لتدعيم ثقافة التصدير لأفريقيا فقد كان نجاح المعرضين اللذين أقيما في ابريل وديسمبر 2007 للمنتجات المصرية في كوت ديفوار بداية لصفحة جديدة في تنمية الصادرات والعلاقات التجارية مع أكبر وأهم دول غرب أفريقيا.. ولعل المؤشرات التالية توضح بعض أبعاد تلك التجربة: يدور متوسط قيمة الصادرات المصرية لكوت ديفوار سنويا حول 5 ملايين دولار من إجمالي 10 مليارات دولار تستورد بها كوت ديفوار من جميع دول العالم. حقق المعرض الأول مبيعات تصديرية خلال انعقاده حوالي 5 ملايين دولار. احتوي المعرض الثاني علي ضعف حجم البضائع التي تم عرضها في المعرض الأول، وقد تم بيع كل منتجاته والاتفاق علي عقود تصديرية وصلت قيمتها إلي 10 ملايين دولار. من المؤكد أن تتراوح قيمة الصادرات المصرية خلال الفترة من ابريل 2007 حتي ابريل 2008 حوالي 20 مليون دولار مقابل 3 ملايين دولار فقط عام 2006 ومليوني دولار عام 2005. تم الاتفاق بين العديد من الشركات المصرية التي تصنع أجهزة كهربائية متميزة وبين بعض رجال الأعمال في كوت ديفوار علي أن يكونوا وكلاء دائمين لهذه الشركات. ويعتبر السوق الإيفواري أيضا بوابة واسعة لدخول أسواق أخري حوله.. فهناك 3 دولة حبيسة "لا تطل علي بحار أو محيطات" تحيط بكوت ديفوار من الشمال وهي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وتعتمد اعتمادا كليا علي ميناء أبيدجان في تأمين جميع وارداتها فضلا عن الاستيراد من كوت ديفوار نفسها نظرا لوجود شبكة طرق برية إيفوارية ذات جودة عالية تسهل نقل البضائع للجيران الشماليين، بالإضافة لعدم وجود قيود جمركية بين هذه الدول الأعضاء جميعا. مرة أخري فإن أفريقيا ذات أهمية ارتكازية لعملية النمو بل ولضرورات الأمن القومي. ومن هنا يجب أن تحتل موقع الصدارة وأن تتضافر جهود كل الأطراف سواء كانت رسمية أو جمعيات رجال أعمال ومنظمات مجتمع مدني في إطار من التنسيق الكامل والرؤية الواضحة والاَليات الفعالة لكي تنهض وتنمو ثقافة التصدير معها تقوي وتزداد أواصر العلاقات التجارية بيننا وبينها.. ولاشك أن التعاون المبدع بين وزارة التجارة والصناعة بقيادة الوزير رشيد محمد رشيد ووزارة الخارجية بقيادة الوزير أحمد أبو الغيط سوف يفتح اَفاقا واسعة أمام الصادرات المصرية في تلك القارة السمراء وفي غيرها من القارات الأخري. وشكرا لكل جهد مخلص يعمل من أجل مصر ومن أجل المصريين ويفتح أمامهم أبواب الأمل والعمل.