الإبداع والابتكار لايعرفان حدوداً أو قيوداً أو وطناً أو طبقة اجتماعية فهو ما عبارة عن طاقة عقلية يهبها الله لمن يشاء من عباده ولكنه يرتبط في ذات الوقت بوجود تحفيز مناسب وبني تحتية متكاملة لتشجيعه ورعايته وتفجير الطاقات الكامنة وتحفيز الابداع واحتوائها قبل ان تغادر أوطانها بسبب حلول رياح الهجرة وشعورها بغربة الاوطان فلا نستطيع تقديم ما تنشده لبلادها. وعموماً وعلي انغام الإبداع والابتكار رقصت قلوب الأمة العربية والشعب المصري عندما انتزع المخترع الصغير هيثم الدسوقي الجائزة الكبري للمؤتمر الدولي للاختراعات في الشرق الأوسط بجدارة وبشهادة الجميع عندما استطاع اختراع الماوس الخاتم والذي يعمل بالهلوجرام وزادت فرحتنا ايضا بحصول مبدعين عرب علي 12 ميدالية ذهبية في الاختراعات وتسلموها في المؤتمر حيث اعادت هذه الابداعات الدماء إلي عروق الأمة العربية. "الأسبوعي" اختار ان يشارك هيثم فرحته وقام بزيارته في كلية الهندسة جامعة الأزهر - قسم الاتصالات - حيث توجهنا إلي هناك حسب الموعد المتفق عليه ودخلنا إلي الكلية وأمام ساحات المدرجات انتظرنا حتي يفرغ المخترع الشاب من محاضرته وما إن خرج الطلبة انتقل "الاسبوعي" إلي داخل القاعة لمقابلة هذا المبدع وما ان خف الزحام تكشف ملامحه قبل ان يعرفنا بنفسه والتي بدت هادئة حانية كطفل صغير وكان الذكاء يتفجر من عينيه وقابلنا هيثم بترحاب واختار لنا مقعداً في نهاية المدرج حتي نتبادل أطراف الحديث. وطلبنا منه وبتلهف شديد ان يقص علينا بداية ابتكاره واختراعاته وهنا اوضح ان والده الذي توفي قبل أربع سنوات كان يخصص لهم غرفة في البيت مليئة بالألعاب المختلفة وكانت هناك رغبة تتملكه للقيام بفك هذه الألعاب، واعادة تركيب اشكال اخري بالاستعانة بقطع غيار من لعب أخري قديمة. واضاف هيثم انه كان ومازال يحب القراءة العلمية وقد تمكن وهو في الثالثة عشرة من عمره من اختراع جهاز صغير يقيس نبضات القلب. ويستطرد هيثم انه ظل يقرأ ويحاول الابتكار واختراع أشياء جديدة حتي توجه لأول مرة إلي مركز سوزان مبارك للاكتشافات والعلوم والذي ساهم في اعادة هيكلة فكره وإخراج موهبة الابداع التي حباه الله بها إلي حيز يعتمد أكثر علي الاطار العملي، وبصورة أكبر بعيداً عن الإطار النظري، وفي عام 2004 تمكن ومن خلال أكاديمية البحث العلمي من السفر إلي طوكيو والمشاركة في مسابقة ضخمة حصل من خلالها علي جائزة وامتياز من المعهد الياباني للابتكار والاختراع وكان في هذا الوقت مازال طالبا في اعدادي هندسة. اضاف أن الفترة من 2004 وحتي 2007 كانت بمثابة فترة مراجعة أفكاره وابتكاراته وتمكن من الاستخدام الأفضل للتكنولوجيا في اختراعاته بفضل اليابان. وبملامح يبدو عليها الدهشة يقول هيثم ان من ضمن الأشياء التي سببت له حزنا شديدا إنه وقبل سفره إلي اليابان لأول مرة كان يتلقي النصح من قبل الكثيرين من الصغير الكبير منذ وصوله إلي العاصمة اليابانية ولاقي ترحيبا واسعا هناك وإعجاباً باختراعه بالاضافة إلي اطلاعه علي مخترعات الآخرين والتي وجد انها ليست خارقة للعادة كما كان يردد البعض. الثقة في النفس وهنا يسكت هيثم لبرهة من الزمان ويواصل حديثه حول ضرورة ان نثق في أنفسنا وفي قدراتنا لان هذا هو الشرط الثاني لنجاح أي مبتكر مصري أو عربي لأن اليأس هو بداية الفشل وقتل الابداع. ويضيف انه بحلول عام 2007 بدأ يضع اللمسات الأخيرة علي الماوس الخاتم والذي تم تكريمه بسببه في معرض مؤتمر الشرق الأوسط الاخير حيث يؤكد ان الماوس يعتمد في عمله علي ضرورة ملامسة اجزاء ملساء حتي تعمل ولكن اختراعه المعتمد علي الهلوجرام جعل الابتعاد عن أي جزء أملس هو الافضل حتي يعمل "الماوس". ويضيف هيثم أن مشكلة الابتكار والاختراع في الوطن العربي عموماً وفي مصر خاصة هي غياب فكر الفريق فكل منا يعمل في اتجاه ولكن الدول المتقدمة تعتمد علي وجود فريق متكامل في اختراعاتها تحت قيادة مؤهلة حتي يخرج العمل في ابهي صورة له واشار إلي أننا الساحة المحلية نجد غياب الدعم العلمي وفكر فريق العمل وغالبا ما تسيطر علينا نزعة الأنانية بالاضافة إلي مشاكل التوقف والانفصال، فنحن لا نعمل في اتجاه واحد حيث نتوقف عند نقطة ونكتفي بانجاز معين ولا نضيف عليه وهنا يقول هيثم بنوع من الحدة نحن في عزلة تكنولوجية عن العالم. المخترع الصغير وهنا يلتقط أطراف الحديث محمد البنا الطالب بالفرقة الثالثة قسم الاتصالات بهندسة الأزهر وهو صديق لهيثم.. ويقول: إنه له تجربة في هذا المجال عندما استطاع ابتكار بطاقات ATM.