ومن ناحية ثالثة فقد أكد عدد كبير من خبراء التعليم في مصر علي أهمية الاتجاه والتوسع في إنشاء الجامعات الأهلية ككيان جيد ومطلوب تواجده إلي جانب الجامعات الحكومية والخاصة، ولاسيما في ظل تميز تلك الجامعات بكونها لا تهدف إلي الربح وسعيها لإعادة تدوير ارباحها لتطوير العملية التعليمية مما يجعلها قادرة علي رفع جودة التعليم وخفض المصروفات الدراسية للطلاب. يقول الدكتور معتز خورشيد "عضو مجلس الجامعات الخاصة ومستشار الجامعة الفرنسية بالقاهرة ومدير المجلس العربي للدراسات العليا والبحث العلمي" إن الجامعات الأهلية سيكون لها تأثير إيجابي علي العملية التعليمية لأنها ستستوعب شريحة من الطلاب الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالجامعات الحكومية نظرا لتدني مجموعهم وفي نفس الوقت غير قادرين علي الالتحاق بالجامعات الخاصة نتيجة لارتفاع مصروفاتها الدراسية، وبالتالي تعتبر بديلا جيداً للاثنين. ويري معتز ان الجامعات الأهلية تتمتع بعدد من الميزات التي لا تتوافر بالحكومية والخاصة وهي انها لا تسمح بتوزيع الارباح والتي يعاد تدويرها مرة أخري لتطوير العملية التعليمية بالجامعة مما ينتج عنه جودة أفضل ورسوم دراسية أقل. ويرجع د. معتز أسباب عدم التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية حتي اليوم رغم المزايا العديدة لها إلي عدة أمور أولها: ان النظرة المجتمعية ليست متواجدة عند رجال الأعمال لأن رأس المال بطبيعته يتوجه إلي مشروع خاص يحقق ربحية عالية وبالتالي فإن الأسهل والأفضل من وجهة نظر الربحية ان ينشيء جامعة خاصة. الأمر الثاني انه لا يوجد حتي الآن قانون ينظم انشاء وعمل الجامعات الأهلية، حتي ان الجامعتين الأهليتين اللتين تم انشاؤهما حتي الآن بجانب ثالثة يتم الإعداد لها فقد انشئوا في إطار قانون الجامعات الخاصة، ويكشف د. معتز انه تم تشكيل لجنة من خبراء التعليم والقانون ووضعوا ضوابط للجامعات الأهلية لتضاف إلي قانون الجامعات الخاصة لحين اعداد قانون مستقل ينظم عمل الجامعات الأهلية واتخذت اللجنة عدة توصيات أهمها التأكيد علي مفهوم الجامعة الأهلية غير الهادفة للربح لانها جامعة تقدم خدمات تعليمية ويستخدم العائد الناتج عن العملية التعليمية لتطوير الجامعة ولا يسمح هذا التعريف بوجود توزيع للارباح بجانب ضرورة تشجيع الدولة لمن يتقدم لإنشاء جامعة أهلية من خلال دعمه بالحصول علي الأراضي بأسعار مقبولة، وإمكانية الحصول علي قرض من صندوق تطوير التعليم العالي والذي يتبع مجلس الوزراء بقيمة لا تتعدي 25% من قيمة الاستثمارات اللازمة لإنشاء الجامعة وبأسعار فائدة مخفضة. ويشير د. معتز إلي أن جامعة القاهرة نشأت كجامعة أهلية وبمفهوم أكثر اتساعا من المفهوم الحالي لأنه حدث أن تقدمت مجموعة وأعلن عن انشاء جامعة أهلية وتقدم الكثيرون من الشعب المصري علي جميع مستوياته وبنسب متباينة وفق امكانياته بتبرعاتهم المالية وبهذا تم إنشاء أول جامعة مصرية بعد الأزهر، وكانت هذه الرغبة والتوجه المجتمعي هي أحد أسباب نجاح جامعة القاهرة في التواجد. ولذلك فإن التوسع في إنشاء الجامعات الأهلية اليوم يحتاج إلي حملة قومية تتبني رؤية مستقبلية وتحت شعار إن مصير مصر سيتحدد بما تحققه في مجال التعليم والبحث العلمي. ويري الدكتور صلاح صدقي "عميد تجارة القاهرة الأسبق ونائب رئيس مجلس إدارة الجامعة الحديثة لتكنولوجيا المعلومات" أن الجامعات الأهلية هي البديل العصري للجامعات الخاصة ولاسيما إذا كانت الدولة قادرة علي توفير الأموال لمساعدة تلك الجامعات لكي تتمكن من تحقيق التجهيزات والبحوث التكنولوجية التي تأتي بثمارها ولا تكون صورة مكررة للحكومية.. ويضيف أن الجامعات في الخارج أغلبها يقام من خلال تمويل رجال الأعمال والخريجين أما هنا فالحكومة لابد ان تنشيء كل شيء، ولذلك لابد من تغيير هذه المفاهيم وان يتم السعي لتوفير الأموال اللازمة لإنشاء الجامعات الأهلية علي الوجه الصحيح الذي يحقق بصمة علمية حقيقية في مجال الدراسات التكنولوجية المتقدمة. ويؤكد د. صدقي ان عدم توافر الأموال اللازمة هو السبب الرئيسي وراء عدم التوسع في الجامعات الأهلية ولعل تجربة جامعة زويل والتي لم يتم استكمالها حتي الآن خير دليل علي ذلك. ويطالب د. صدقي رجال الأعمال المساهمة مع الدولة وتوجيه جهودها لتوفير الأموال اللازمة لإنشاء الجامعات الأهلية. وتؤكد الدكتورة هويدا مصطفي "أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة" أن الجامعات الأهلية تحقق معادلة التعليم الجيد الذي لا يستهدف ربحا ويسعي لتحقيق مزيد من تنمية العناصر البشرية واتاحة فرصة متكافئة للطلاب لذا فهي فكرة مهمة ولابد من تدعميها من خلال رجال الأعمال وكل الطبقات والفئات التي يمكنها المشاركة في انشائها حتي يكون لدينا أكثر من بديل للجامعات مما يعود بالنفع علي تطوير العملية التعليمية، ولا سيما وان الدولة لا يمكنها التطوير بدون مشاركة مجتمعية. وتؤكد الدكتورة هويدا ان الأمر يحتاج إلي نشر وعي بأهمية انشاء مثل هذه الجامعات مع الحرص علي توضيح ان تلك المسئولية يجب ان يتحملها جميع أطراف المجتمع من منطلق ان الاستثمار في التعليم هو استثمار بشري له مردوده الاقتصادي والاجتماعي في ظل تكدس الجامعات الحكومية وعدم نضج تجربة الجامعات الخاصة.