بدأت اشارات تحذيرية تظهر بشأن اقتصادات دول شرق ووسط أوروبا التي تنمو بوتيرة متسارعة إذ إنها تشهد نموا قويا مع تناقص عدد العمال مما يزيد التوقعات بحدوث قفزة فجائية في الاجور الأمر الذي يشكل تهديدا بتقليص قدرة المنطقة علي المنافسة العالمية. وعل يالرغم من سلسلة البيانات التي صدرت مؤخرا وركزت علي أن النمو الاقتصادي المتسارع قد بدأ يلتقط انفاسه في دول شرق ووسط أوروبا فإن ظهور مؤشرات علي حدوث زيادة في تكاليف العمال بدأت تعزز المخاوف بشأن تجدد الضغوط التضخمية مع تحذير البنوك المركزية في الاقتصادات الرائدة في المنطقة فعلا علي أنها سوف ترفع أسعار الفائدة. وقال رافائيلا تينكوني الخبيرة الاقتصادية في بيت الاستثمار درسدنر كلاينفورت إن معظم اقتصادات دول وسط أوروبا مثل بولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك تشهد اقوي وأطول اجاه صعودي في الدورة الاقتصادية خلال عشر سنوات. وقالت إن ذلك الوضع الذي يسمح بتحسن معدل البطالة بشكل كبير يزيد أيضا من الضغوط علي الاجور ونلاحظ زيادة قوية في الضغوط التضخمية وهذه الضغوط سوف تتزايد. يأتي الاتجاه إلي دفع اجور أعلي في ظل توجه كثير من العمال المهرة في دول شرق ووسط أوروبا إلي العمل في وظائف بأجور أفضل في الدول الغربية، كما ان عدم حرية الحركة في سوق العمل يجعل من عملية التوظيف صعبة في اجزاء من المنطقة. ونتيجة لذلك فإن تكاليف الاجور في عدد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دول شرق ووسط أوروبا قد قفزت بنسبة 50% خلال العام الماضي. ويكمن الخطر في أن عنق الزجاجة لسوق العمل يمكن أن يشكل انتكاسة لمعدلات النمو القوية للمنطقة والتي قامت بدور رئيسي في تعزيز التحول الاقتصادي للمنطقة منذ انهيار النظم الشيوعية قبل 18 عاما. ولا تزال الأجور حتي في أكثر دول المنطقة تقدما تمثل قدرا بسيطا من مستويات الاجور في غرب أوروبا فيما ينظر إلي القوة العاملة عالية المهارة التي تحصل علي اجور متدنية أنها إحدي العوامل الرئيسية في جذب الاستثمارات الأجنبية التي بلغ إجماليها في العام الماضي أكثر من 30 مليار يورو. وساهم هذا في المقابل في زيادة الطلب علي العمال المهرة في انحاء منطقة وسط وشرق أوروبا في الوقت الذي من المتوقع فيه أن يكون معدل البطالة في المنطقة قد تراجع إلي 3.8% في عام 2006 مقابل 2.13% في عام 2003. وأظهرت بيانات أصدرها مكتب الاحصاء الألماني الاسبوع الماضي أن العمال في دولة لاتفيا يحصلون علي 70.3 يورو فقط في الساعة و40.5 يورو في سلوفاكيا التي تأمل أن تكون أول دولة في وسط أوروبا تنضم إلي منطقة اليورو في يناير عام 2009 فيما يحصل العمال في الدنمارك والسويد ولوكسمبورج علي أجر قيمته 30 يورو في الساعة. وفي الوقت نفسه، كشف مكتب الاحصاء أن تكاليف العمال في جمهورية التشيك ارتفعت بحوالي 12% في عام 2006 بينما قفزت بأكثر من 23% في لاتفيا ورومانيا التي انضمت إلي الاتحاد الأوروبي بداية العام الجاري. من ناحية اخري، فإن جمهورية التشيك التي تراجع معدل البطالة فيها لأدني مستوي في عشر سنوات قد شهدت قفزة في الاجور بمقدار 2.6% خلال الربع الأول لتسجل الاجور فيها اسرع نمو لها في ثلاث سنوات. وتزايدت الاجور في سلوفاكيا 9.4% خلال الربع الأول وكانت جمهورية التشيك وبولندا ولاتفيا وسلوفاكيا اربع دول من أصل عشر في شرق ووسط أوروبا التي انضمت للاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات. وبتسليط الضوء علي الضغوط المتنامية في اجزاء من المنطقة فإن معدل التضخم السنوي في استونيا ارتفع إلي 7.5% في مايو الماضي وسط تزايد التضخم بسبب المخاوف من زيادة وتيرة الاقتصاد بشكل مبالغ فيه في دول منطقة بحر البلطيق. وعلي الرغم من التراجع الطفيف قليلا عن مستويات نمو العام الماضي فإن البيانات التي صدرت في الاسابيع القليلة الماضية أظهرت ان الاقتصايات الرائدة في المنطقة تنمو بقوة هذا العام. ويشمل ذلك بشكل خاص سلوفاكيا التي ظهرت كمركز رئيسي جديد لقطاع السيارات العالمي وارتفع النمو في سلوفاكيا 9% خلال الربع الأول من العام وهو ما يمثل زيادة بثلاثة أمثال النمو ربع السنوي الذي سجلته منطقة اليورو المؤلفة من 13 دولة.