حذرت جهات علي صلة بشركات التطوير العقاري في الإمارات العربية المتحدة والخليج عموما من أن أسواق المنطقة لم تعد قادرة علي جذب عمال البناء الهنود وذلك مع التضخم المتزايد الذي يدفع تكلفة الحياة صعودا، وربط عملات المنطقة بالدولار، مما يضعف قدراتها الشرائية. وقالت تلك الجهات إن قرابة ال 10 ملايين عامل هندي بالخليج يبحثون عن فرص أفضل خارجه، أو حتي في بلدهم الأصلي، في حين بدأت شركات البناء في البحث عن عمال جدد من الصين وفيتنام ودول أخري، وذلك تجنبا لخطر توقف المشاريع الموجودة حاليا بالمنطقة التي تقدر قيمتها ب 1.9 تريليون دولار. وقال تلميذ أحمد سفير الهند لدي الإمارات إن قرابة ال 1.5 مليون عامل من مواطنيه يشعرون بالحيرة مع تراجع قدرة أجورهم الشرائية، وتقلص حجم تحويلاتهم إلي عائلاتهم بسبب انخفاض سعر صرف الدرهم. وشرح الوضع قائلا: العمال الأجانب لا يعملون لأجل أنفسهم، بل لإعالة عائلاتهم في الوطن، فهم ليسوا من المستهلكين، إذ إن طعامهم وسكنهم علي عاتق أصحاب العمل. وقال أحمد إن سعر صرف الدرهم المرتبط بالدولار الضعيف يتراجع باستمرار، وذلك يقلص كثيرا قيمة التحويلات المالية المرسلة من العمال إلي عائلاتهم. فقبل 5 أعوام كان أجر عامل البناء الهندي في الإمارات يعادل أربعة أضعاف الأجر في الهند، وقبل عامين ونصف العام كان عامل البناء غير الماهر يتقاضي 600 درهم، أي ما يعادل 7200 روبية هندية، لكن بعد التطورات الاقتصادية المتسارعة التي تعيشها البلاد بسبب التضخم، فإن هذا الأجر بات لا يتجاوز ما يعادل 6700 روبية. وعلق السفير الهندي علي هذا الأمر بالقول: هذا الفارق يشكل مبلغا كبيرا بالنسبة للجميع، فما بالك بعمال البناء الذين يحلون في أسفل الهرم الاجتماعي. وأضاف: الزوجة التي يقع علي عاتقها تربية الأولاد وإرسالهم إلي المدارس باتت تتلقي من زوجها مبالغ تقل كثيرا عما كانت تتلقاه في السابق وهذا ترتبت عليه أعباء كبيرة. وقد قادت هذه الحقائق إلي ردود فعل متنوعة بين العمال، فقبل أشهر أعلن ما بين 30 إلي 40 ألف عامل هندي لدي شركة "أرابتك" للإنشاءات الإضراب لزيادة أجورهم، الأمر الذي عطل العمل في برج دبي الذي من المتوقع أن يصبح لدي الانتهاء من الأعمال فيه أعلي مبني في العالم. وبعد 10 أيام من الامتناع عن العمل، وجدت الشركة نفسها مضطرة لرفع أجور العمال بمعدل 20% وهو أمر قد ينذر بتحركات عمالية مستقبلية. وإلي جانب أسعار صرف الدولار التي تضر بقيمة الدرهم، يتعرض الأجانب في الخليج إلي الاَثار الخطرة لأزمة التضخم، حيث يسجل التضخم في الإمارات نموا بنسبة 11% وفق الأرقام الرسمية، رغم أن البعض يشير إلي أن الرقم الحقيقي قد يعادل ضعف ذلك. من جهتها تبدو أوساط شركات البناء علي صلة بمجريات الأحداث، وفي هذا الإطار أقر سليم خان المدير التنفيذي لشركة "تيرنر إنترناشيونال" التي تنفذ مجموعة من المشاريع في الشرق الأوسط قائلا: تكاليف المعيشة في دبي باتت غالية للغاية، وأسعار المساكن علي وجه الخصوص تصعد بسرعة وهي خارج السيطرة. ورأي خان أن مستويات النمو المرتفعة التي تشهدها الهند حاليا وطفرة البناء التي تعيشها قد تدفع عمال البناء إلي اختيار البقاء فيها عوضا عن الانتقال إلي الخليج. وأضاف: كان هناك تراجع في عدد العمال الراغبين في الحضور إلي دبي مؤخرا، خاصة مع تراجع الأجور وارتفاع التضخم. وفي ظل هذا الواقع الذي قد يؤدي إلي تأخر العمل في الكثير من المشاريع المنتشرة في الخليج، التي تقدر قيمتها الإجمالية بأكثر من 1.9 تريليون دولار، وتبدو شركات المقاولات في المنطقة متجهة نحو البحث عن العمال في مناطق أخري باَسيا. وفي هذا السياق قال جاري هانزارد أحد مديري شركة "أرابتك": بات من الصعب الحصول علي عمال مهرة من الهند بأعداد كبيرة، وكان علينا البحث في أمكنة أخري، وهنا قد يبرز دور الصين، كما قد نقصد فيتنام للهدف عينه. لكن استمرار التضخم بوتيرة مرتفعة، وهو أمر يتوقعه الكثير من الخبراء، قد يمتد ليطال عمال البناء الجدد، بصرف النظر عن جنسياتهم، كما قد تشمل تأثيراته الأجانب في سائر قطاعات الاقتصاد.