محمود عبدالعزيز الخبير المصرفي ورئيس البنك الأهلي الأسبق قال ان الخصخصة لا تنجح في أي بلد إلا بعد تنوير الناس وإعلامهم بما يحدث خاصة في مجال البنوك. ولكن للأسف أن الحكومة ضد التنوير. ويعلق علي عنوان الملتقي وهو الخصخصة الي أين قائلا انه بالفعل هذا هو السؤال الحائر دائما في مصر في كل المجالات بالرغم من أن مصر البلد الوحيد الذي لديه وزارة وقطاع للتخطيط. ويقول عبدالعزيز ان البنوك المصرية قامت بدور فدائي في مجتمع اقتصادي مليء بالمشكلات والادعاءات خاصة بعد التسمم الفكري الذي تسببت فيه السياسات الاشتراكية منذ عام 1960 حتي عام 1974. يوضح عبدالعزيز ان البنوك هي بمثابة القلب في الجسد فإذا فسد هذا القلب فسد الجسد وان البنوك العامة في مصر هي وحدها التي "شالت الهم" فمنذ عام 1974 وهي تكافح من أجل البقاء برءوس أموال ضعيفة. ويحكي عبدالعزيز عن مرحلة تأميم البنوك المصرية حيث رفضت البنوك الاجنبية والمصرية منذ ذلك الوقت تمويل القطن فقام جمال عبد الناصر باتخاذ هذا القرار وقد استقال محافظ البنك الأهلي في هذا الوقت لعدم أخذ رأيه في هذا القرار وقامت البنوك بتمويل القطن وقد سبب لها ذلك خسائر كبيرة وهذا ما نستطيع ان نقول عليه نتائج سيطرة المالك "الحكومة" علي البنوك فالقرارات في هذا القطاع لا يجب أن تكون سياسية وانما مهنية فقط. ويشير عبدالعزيز الي انه بالفعل بدأ الاصلاح المصرفي في مصر منذ سنوات أربع ومع البدء في خصخصة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي. ولا يستبعد عبدالعزيز أن يتم خصخصة بنكي الأهلي والتجاري الدولي CIB خلال خمس سنوات وهما البنكان الوحيدان اللذان يديرهما "أبناء البلد" -علي حد قوله. ويري أن تأخر مسألة خصخصة البنوك جاءت بسبب مقاومة القطاع العام وتراكم الديون مما أدي إلي وصول نسبة الدين العام إلي الدين الخاص "75: 25" ولكن الآن انعكس الأمر وأصبحت النسبة "25:75"". وعن خصخصة بنك الإسكندرية يقول عبدالعزيز انه عندما تحدث مع محمود عبد اللطيف رئيس البنك في هذا الأمر أقسم له انه لولا خصخصة البنك وإعادة هيكلته الفترة الماضية لكانت نتائج ميزانيته "زيرو". وعن رأيه في مسألة الخصخصة يقول انه لا مانع ان تكون الحكومة هي المالك ولكن لا تدير فمن هنا لابد وأن تبدأ الخصخصة. ويري أيضا أن تبعية البنوك للحكومة طوال هذه المدة كانت الحكومة لأي اصلاح مما أدي الي فساد السبب الأول فيما حدث فيها من فساد وتعثر لانها ببساطة "البنوك العامة مزبلة الحكومة" بالاضافة الي ضعف الكوادر. وينتقل عبدالعزيز الي جانب آخر وهو عدم توافر الكوادر المطلوبة للسوق ويبرر ذلك بأن هناك جهات بعينها هي التي تفرخ الكوادر فمعظم القيادات خرجت من البنك الأهلي والآن تخرج من البنك التجاري الدولي CIB. ثم يعود عبدالعزيز ويحكي عن واقعة حدثت في عهد رئاسته للبنك الأهلي والتي تدل علي تحكم المالك دون الرجوع للمختصين فقد قرر الاستقالة في سبتمبر عام 1999 وذلك بسبب قيام وزارة المالية والبنك المركزي بأخذ 3.5 مليار جنيه من البنك الأهلي دون الرجوع إليه فكان القرار قد صدر لهم من رئيس الوزراء بذلك لتوفير سيولة. ويري ان اهم عنصر من عناصر انجاح الخصخصة هو الشفافية وتنوير الرأي العام ولكن ما حدث ان 90% من الشعب تم تضليله في هذا الأمر. ويقتنع عبدالعزيز تماما بان الدولة لا يجب ان تقوم بإدارة البنوك ولا التدخل فيها ولا يجوز لمحافظ البنك المركزي مثلا ان يغلق البنك الأهلي ويجب التخلص من الإدارة المتسلطة مع اعطاء الموظفين رواتب توازي ما يأخذه أقرانهم في بنوك أخري ومنافسون لهم. ويوضح عبدالعزيز انه قد حدث تطور مصرفي ايجابي ولكن لم يحدث ما كان مطلوبا من التطوير في البنوك العامة فلابد من خصخصة جميع البنوك المصرية وفي هذا الصدد يقول عبدالعزيز "انني لا اذكر البنوك المصرية بسوء ولكن من يذكر بالسوء هم ادارتها فعليهم أن يعملوا بشرف بدون ضغوط من السلطة وإلا فليغادروا" لان اصلاح القطاع المصرفي هو اصلاح القطاع العام فهو الحاجة الاكثر الحاحا. وتساءل عبدالعزيز: لماذا يقوم بنك الائتمان الزراعي بالتنازل عن ديون الفلاحين قبل كل دورة رئاسية؟ ووضع عبدالعزيز 5 محددات لتتم الخصخصة بشكل ناجح أولها ان يكون السعر عادلا وثانيها ان المستثمر الذي يأتي يكون معه القروض المساندة وثالثها ان يقدم خطة عمله لمدة 3 سنوات ويوافق عليها البنك المركزي ورابعها ان يدخل وظائف جديدة للبنوك وخامسها تدريب الكوادر البشرية.