مع ان اللي اتلسع من الشوربة عادة - اذا كان عاقلا - ينفخ في الزبادي. الا ان الكثيرين في مصر يهوون كثيرا اللسع من الشوربة، وهو ما يدفع الي اغراء عدد من النصابين -وما أكثرهم - الي الضحك علي البسطاء في مصر وهو ضحك يأخذ شكل النصب سوف يستمر طويلا بغير تغيير. ولعل الشيء الوحيد الذي تغير في الصورة كلها هو انضمام عدد من الصفوة او مايقال عنهم - تجاوزا- النخبة وكبار المسئولين بل المثقفين الي طائفة "المضحوك" عليهم ليصبح الجميع -السذج والمثقفون- ضحايا، ذلك ان احدا لايتعلم من اخطاء الآخرين وفي اعتقادي ان احدا لن يتعلم مستقبلا، بما يؤكد ان طبيعة الشعب المصري بطيبته وجيناته وسذاجته تتعارض مع فكرة التعلم من الاخطاء! كان ذلك مدخلا للتعليق علي اخبار نشرت خلال الفترة الماضية عن العودة من جديد لظاهرة "توظيف الاموال" بعد كل ما تعرض له المصريون من كوارث بسبب شركاتها الوهمية التي نجحت في تجميع اموال البسطاء والغلابة ورغم المحاكم والنيابات والاحكام فإن الخلاصة هي ان اموال الناس راحت عليهم! والآن.. وبنفس السيناريو.. ونفس الخطوات.. ونفس الحبكة عادت الظاهرة من جديد. الغريب ان نفس "الاحابيل" وقع فيها نفس الناس جهارا وتحت سمع وبصر حكومة ال"دوت كوم"، ويصدر النائب العام بيانا يحذر فيه الجميع من الوقوع في نفس الفخ من جديد، ثم يناشد المواطنين تحري الدقة والاستعلام من هيئة سوق المال قبل استثمار اموالهم تجنبا للوقوع فريسة للوهم. بعد النائب العام، تحدث وزير الاستثمار عن مخاطر شركات توظيف الاموال التي اوقعت في حبائلها -خلال فترة قصيرة- 3 آلاف مواطن خسروا قرابة ال300 مليون جنيه! الغريب ان مسئولا واحدا لم يذكر لنا سببا واحدا وراء عودة هؤلاء للفخ من جديد، اكتفاء باتهامهم بالطمع، وهي تهمه في اعتقادي غير صحيحة، ذلك ان الحياة غالية جدا، وفوائد البنوك لاتسمن ولاتغني من جوع، وهي اسباب يلذ للجميع تجاهلها، اكتفاء بتهمة الطمع، والتي هي في رأيي افتراء علي الفقراء. ويضاف الي انخفاض فوائد البنوك، عمليات النصب التي يتعرض لها المصريون في اسهم وأروقة البورصة ليقعوا ضحايا للعتاولة الذين يمصمصون عظامهم هناك، ومن ثم وقع الفقراء بين مطرقة فوائد البنوك، والاسعار الملتهبة، وسندان بورصة الحكومة والتضخم الذي بلغت نسبته 21% بينما قدمت شركات توظيف الاموال الوهمية ارباحا تتراوح بين 20 و24% وعلي رأي المثل: "الغريق يتعلق في قشة". الشيء الذي يستحق التحية بالفعل ان الوحيد الذي انتصر للناس - وسط الصمت الحكومي المطبق- هو النائب زكريا عزمي عندما تقدم بطلب احاطة عما جري ويجري، وعن شركات الجوائز الوهمية التي لاتقل جرائمها فداحة عن توظيف الاموال، وهي الجلسة التي ادارها بنفس الحماس رئيس لجنة الاعلام والثقافة والسياحة احمد أبوطالب، ليواجها معا - زكريا عزمي وابوطالب - انس الفقي وزير الاعلام فيما قيل انها كانت جلسة حامية للجنة الاعلام.. والثقافة. ولقد اثبت زكريا عزمي انه برلماني من الدرجة الاولي.. ويستحق وصف النائب الحقيقي عن الشعب..!!