يقول المثل الشعبي »اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي«، والمغزي من هذا المثل واضح، فأية تجربة يمر بها الإنسان تترك في نفسه أثراً، وكبيراً كان أم صغيراً هذا الأثر، فإنه يكون كالدفة التي توجه تفكير الإنسان وسلوكه في التجارب الأخري التالية.. أنا فتاة أدرس بإحدي كليات القمة، عمري الآن 91 عاماً، مررت بتجربتين عاطفيتين في العام الماضي، لم يكتب لهما النجاح لسببين مختلفين. ورغم أنني تأذيت من كل تجربة بشكل ما، لكني -لا أنكر- استفدت منهما، الأولي كانت مع شاب تعرفت عليه من خلال أسرة طلابية بالكلية، عرفته وارتبطنا لمدة 6 أشهر تقريباً.. كنت أحبه حباً حقيقياً، لكن بعض أصدقائنا نجحوا في الايقاع بيننا، والحمد لله أنهم نجحوا، لأنهم أظهروا حبيبي »المزيف« علي حقيقته.. اكتشفت أنني »لا أفرق معه«، ولا أمثل له شيئاً، وأنه لم يكن يحبني من الأساس رغم كلامه المعسول.. كان -فقط- يرضي غروره بحبي له، مثله مثل كثير من الأولاد. التجربة الثانية كانت مشابهة للأولي إلي حد ما.. كان طرفها الآخر زميلاً لي بالكلية، وحقيقة لا ألوم إلا نفسي في هذه التجربة التي أخجل منها عندما أتذكرها، فقد كان الأمر جليا كالشمس أمامي، لكني أصررت علي إكمال التجربة لنهايتها. كان حبيبي »زير بنات«.. يهوي الضحك علي البنات، وإقناعهم بأنه يحبهم وهو لا يفعل.. تغاضيت عن كل عيوبه، أو يمكنك القول إنني تحديت هذه العيوب، ارتبطت به، لأنني تعلقت به من كثرة كلامي معه، واعتقدت أنه صادق هذه المرة، لكنني كنت مجرد محطة أخري في حياته المليئة بالمحطات العاطفية الكاذبة. أعتقد أنني لن أسامح نفسي أبداً علي المضي قدماً في طريق هذا الشاب، لأنني ألغيت عقلي تماماً ورفضت الانصياع إلي أوامره التي ثبت فيما بعد أنها صحيحة، وقررت السير فقط وراء قلبي، حتي وقعت في فخه ولم أخرج منه إلا بعد أن أدماني. أنا لا أفكر عادة فيما مضي، فقد حدث ما حدث ولا يمكن أن يعود بنا الزمن إلي الوراء، لذلك فإن سؤالي لك سيدتي هو: كيف لي أن أداوي جراح قلبي من هاتين التجربتين الأليمتين، وكيف أستفيد منهما حتي تكون »التالتة تابتة« كما يقولون؟ المجروحة »ن« الكاتبة: أنت يا صديقتي تعانين من أعراض مرحلة المراهقة. وأهمها تذبذب المشاعر، وتغيرها بسرعة. فأنت تنجذبين إلي شاب، وتتصورين أنه سيكون حبك الأول والأخير فإذا بك وبعد فترة بسيطة تكتشفين أنه لم يكن حبك الأول ولا الأخير، وإنما ذبذبة خاطفة من ذبذبات المشاعر التي تنتاب المراهقين والمراهقات في مثل هذه السن. كل ما أريد قوله هو أن الموضوع بسيط، لا تكبري المسائل لأن كل ما يحدث لك طبيعي، ويحدث لكثيرات وكثيرين في مثل المرحلة العمرية التي تمرين بها. لكن هذا لا يمنع من أن نحصن أنفسنا ضد الإصابات والضربات التي تتخلف عن تلك العلاقات السريعة، المتتالية. فكثرة الإحباطات في زمن قصير يمكن أن يجعلنا أقل ثقة بأنفسنا، كما يشعرنا بالأسي وخيبة الأمل. لذلك أتمني أن تشغلي وقت فراغك بأي هواية أو رياضة، فهذا يستوعب جزءاً من طاقتك الفكرية والنفسية. كذلك يساهم في تدعيم ثقتك وإحساسك بذاتك. والشيء الثاني المهم هو أن تتفهمي طبيعة هذه المرحلة، فلا تغوصي بأفكارك كثيراً في علاقة إعجاب، أو انجذاب. راعي أن تكون هناك مسافة مناسبة بينك وبين هذا الشاب الذي ترتبطين به، كذلك يجب أن تكون لقاءاتكما في إطار جماعي، أي أن تكون هناك مجموعة أصدقاء تخرجون معهم، وهنا لن تكون آثار التغير أو التذبذب كبيرة، لأنك ستكونين ضمن مجموعة من سنك، يعرفون جيداً ما تمرون به، ويستوعبون التغير الذي ينشأ علي علاقات الشباب والشابات التي تتسم بالإعجاب ثم التوهج بسرعة، ثم الانطفاء بنفس السرعة! أريد منك أن تهتمي بدراستك ومستقبلك. وان تهتمي بهواياتك، ويا ليت تكون القراءة واحدة منها. فالقراءة تمنح الإنسان رؤية عميقة لنفسه، وللحياة بصفة عامة، وتسانده في تحديد أهدافه وأحلامه. اقرئي يا صغيرتي.. ولا تجعلي النواحي العاطفية تؤثر علي حياتك ومستقبلك.