إذا كان السيد وزير مالية مصر المحروسة الدكتور يوسف بطرس غالي "قد فشل في إقناع والده بقانون الضرائب العقارية بل اعترف الوزير ضاحكا أن والده - أعطاه الله طولة العمر - قال له: إيه اللي أنت بتهببه ده؟!" والد الوزير وهو بالقطع ليس معارضاً ولا ينتمي لأية حركة احتجاجية لم يقتنع بهذا القانون العجيب فكيف يقتنع به ملايين المصريين ممن يمتلكون شقة أو فيللا عمارة من خمسة طوابق أو عمارة تزيد عن عشرين طابقاً من يمتلك غرفة تحت الأرض أو قصر فوق الأرض. وما قاله والد "وزير مالية مصر" يكاد يكون هو نفسه ما يود أن يقوله الملايين من ضحايا قانون الضرائب العقارية. يقول المثل الشعبي: اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في الزبادي!! وما أكثر المرات - عشرات المرات التي اتلسعنا فيها من شوربة الحكومة التي هي قوانين ومشاريع تصدر ولا أحد يعرف متي نوقشت من أهل الخبرة والدراسة وإذا كان أهل الخبرة والدراسة اكتشفوا أن بهذه القوانين شوائب قانونية وربما دستورية والأهم إنها أي القوانين ضد مصلحة الناس!! فلماذا الإصرار عليها؟ لقد أصدرت الحكومة منذ سنوات قانونا بفرض رسوم للنظافة وتحميله علي فاتورة الكهرباء وأصبح كل مواطن أو صاحب دكان يدفع شهرياً ما لا يقل عن خمسة جنيهات وأحيانا ضعف هذا المبلغ وكانت النتيجة هي ما نراه في شوارع القاهرة وحواريها من تلال وأكوام الزبالة واكتفت الحكومة بتحصيل رسوم النظافة التي باتت تقدر بملايين الجنيهات ولم تقم بواجبها والتزاماتها في جمع هذه القمامة!! ولم تعترف الحكومة بخطئها بل راح بعض أفرادها يتندر قائلاً أن كثرة القمامة هي دليل علي رفاهية المواطنين!! وعندما لم يجد المواطن المرفة عربات الحكومة المكلفة بجمع القمامة عاد إلي الزبال التقليدي الذي يعرفه ويثق به منذ عشرات السنين وهكذا أصبح المواطن يدفع للحكومة رسوما عن قمامة لا تجمعها وتدفع للزبال في نفس الوقت!! كل هذا والحكومة ودن من طين وأخري من عجين!! ولعل الأغرب من أزمة رسوم النظافة هي أزمة الهجانة بكل تداعياتها المؤلمة.. فجأة اكتشفت الحكومة أو للدقة محافظة القاهرة أن هناك 28 عمارة مخالفة ولابد من هدمها وإزالتها وتسويتها بالأرض وكأن هذه العمارات وغيرها من آلاف العمارات تم بناؤها بعيداً عن أجهزة الحكومة وبموافقتها وكيف دخلت إليها المجاري والنور والمياه وجميع المرافق!! كيف تسكت الحكومة علي مدار سنوات لهذه العمارات أن تبني وتباع شققها ويسكن فيها الناس ثم فجأة تكتشف بأنها عمارات مخالفة!! ولماذا لا تدفع الحكومة من جيبها ثمن أخطاء وخطايا أجهزتها ومنها أجهزة الحكم المحلي!! لقد دخلت المية والكهربا إلي شقق هذه العمارات المخالفة بموافقة الحكومة وتوقيعات كبار المسئولين في إدارات المياه والكهرباء وفوق هذا كله ختم النسر!! بل أن أصحاب هذه الشقق المخالفة سوف يدفعون الضريبة العقارية وسيكون د.يوسف بطرس غالي أول من يدافع عن هذه العقارات المخالفة حتي لا يفوته تحصيل الملايين بفضل قانون الضريبة العقارية!! وإذا كنا نتكلم عن البيوت المخالفة والعقارات المخالفة لكن وماذا عن سكان المقابر الذين زاحموا الموتي وحولوا المقابر إلي سكن به كهرباء وماء وأطباق ستالايت وشهادات ميلاد تصدر للمواليد والعنوان هو هذه المقابر نفسها!! لم يسكن الملايين في المقابر في يوم وليلة ولم يسكنوها أثناء إجازة الحكومة صيفاً أو خلال الفترة التي كانت فيها الحكومة مشغولة بأحداث مصيرية جسيمة تخوضها مثل معركة محو الأمية أو معركة تنظيم الأسرة!! بل حدث ذلك كله تحت سمع وبصر الحكومة ورصدت ذلك صحافة وتليفزيون وفضائيات بالكلمة والصورة!! مليون مواطن تقريباً يسكنون المقابر لا يعرف أغلبهم شيئاً عن قانون الضرائب العقارية وبالطبع لا يوجد مقار للضرائب العقارية وسط المقابر لكن المهم أن يقدم كل مواطن إقرارا وإلا فالغرامة في انتظاره يعني ببساطة شديدة مليون مواطن سيدفعون للحكومة حوالي مائتي مليون جنيه غرامة عن عقارات وهمية!! أدمنت الحكومة اللخبطة وتفننت في لخبطة وإرباك المواطن الذي هو يعيش حالة من الارتباك واللخبطة في كل شيء ولعل آخرها أنفلونزا الخنازير وعجائب ما يحدث في موسم دراسي يستحق العجب!! للأسف الشديد تتفنن الحكومة في اختراع عشرات التبريرات والأعذار لكل مشكلة فالقطارات تقع من فوق القضبان لأن بعض الركاب العديمي الضمير يسرقون الجزرة والبعض يسرقون الحنفيات لقد أنفقت الحكومة ملايين الجنيهات في إعلانات مرئية تتهمنا بأننا نحن السبب في أحوال تدهور السكة الحديد! تبريرات الحكومة غير مقنعة بالمرة لقد أعجبني موقف الدكتور زكريا عزمي الأسبوع الماضي في مجلس الشعب عندما هاجم الحكومة بكل الشجاعة المعروفة عنه بسبب الارتفاع الكبير وغير المبرر في أسعار السكر وقال لوزير التضامن الاجتماعي بالحرف: ليس المطلوب من الوزارة تبرير الأزمة والحديث عن وجود أزمة سكر عالمية فلن أقبل أن نسمع أن البرازيل لم تمطر وأريد معرفة دور الحكومة في خلق التوازن في الأسعار ويجب أن ندرك أن أهالينا الغلابة خاصة في الصعيد يكتوون بأسعار السكر ولا أتحدث عن الجاتوه ومن يصنعون الشيكولاتة. انتهي ما قاله النائب الجدع الشهم الدكتور زكريا عزمي وأتمني أن يسود ذلك المنطق الذي يتبناه منهجاً لباقي المسئولين الذين يعملون بمبدأ: سمك.. لبن.. ضرائب عقارية!!