ومع الحيز الكبير الذي اخذته قضية الكابلات في البورصة المصرية، صارت القضية ما هو اشد خطورة من قصة سهم الشركة التي رغم كل ما جري، الا انها جاءت بشكل قانوني. ويري محللون ماليون مصريون ان ما حدث في سهم الكابلات الكهربائية المصرية هو اكبر دليل علي خطورة ظاهرة تجزئة الاسهم التي تنبهت اليها هيئة سوق المال لكن للأسف متأخرا كثيرا حيث بدأت هذه الظاهرة منتصف العام الماضي. مكمن الخطورة يظهر جليا عندما يجلس مسؤولو الشركات المقيدة مع مسؤولي شركات السمسرة ليخرج في النهاية اتفاق، يتلخص في تسريب المسؤولين في الشركة للمعلومات التي تبدأ احدي شركات السمسرة باستغلالها المسبق من خلال توفير القوي المالية علي سهم الشركة ويبدأ سعر سهمها في الصعود الحاد ثم يخرج في النهاية الخبر او الاعلان عن الحدث الجوهري ويقتسم الطرفان حصيلة الارباح. وربما يكون شكل الاتفاق ليس طرفا فيه الشركات المقيدة وان ندرت هذه الحالات، حيث تجتمع مجموعة من المستثمرين المضاربين ويتفقون علي سهم ما يبدأ فيه عمل ما يسمي بال "جيم"، وبمجرد الاتفاق يبدأ السهم في الصعود الحاد يتزامن معه نشر هؤلاء المضاربين للعديد من الشائعات التي عادة ما تكون منطقية يكون اغلبها موضة الفترة الحالية الاتجاه لتجزئة السهم او ان هناك زيادة رأسمال للشركة أو الموضة القديمة التي سيطرت علي البورصة لفترات طويلة خلال السنوات الماضية والتي ارتبطت اكثر بالشركات الحكومية والمتمثلة في "وجود عرض خليجي لشراء حصة في الشركة او كل الشركة". سياسة أشد خطورة لكن الاخطر السياسة التي بات يتبعها اصحاب الشركات أو المسؤولون فيها نموذج منها ما جري الاسبوع الماضي من لقاء لمسؤول في احدي الشركات المقيدة بمسؤولين في احدي شركات السمسرة واتفقوا علي تنشيط حركة السهم ورفع قيمته بعد ان وضعوا له خطة زمنية يتخللها طاعتهم في عدد من الموضوعات منها انه سيدعو الاسبوع المقبل لعقد اجتماع لمجلس ادارة الشركة لبحث تجزئة القيمة الاسمية لسهم الشركة تعقبها دراسة لزيادة رأس المال ووسط تلك الفترات يكون سعر السهم في ارتفاع مستمر وقد بدأ فعليا تحقيق الخطة وبدأ السهم في الارتفاع منذ الاسبوع الماضي. وتتعدد قصص هذا السهم في الكثير من الاسهم، بتنفيذ الخطة نفسها التي جرت في سهم الكابلات علي سهم آخر، وفي الاسابيع الماضية سجلت العديد من الاسهم ارتفاعات قياسية كان وراءها عصابات من المستثمرين بالتحالف مع مسؤولي الشركات. يقول عادل عبد الفتاح رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية الامريكية لتداول الاوراق المالية ان القانون الجديد لهيئة سوق المال الخاص بالافصاح والشفافية قضي علي الكثير من السلبيات الموجودة حاليا في السوق ومع بدء تطبيقة ربما يقضي بدرجة كبيرة علي كثير من هذه السلبيات. وأكد ان القانون الجديد يحاسب كل متورط او مشبته فيه بإحداث شبهات تلاعب في اي سهم حيث يصل حد العقوبات فيها الي الحبس، لكنه اشار الي ان الداعي للاسف تورط بعض وسائل الاعلام واستغلالها من قبل المضاربين في هذه الامر وظهر ذلك في كثير من الحالات. ردع ضمني واعتبر ان ما حدث في أزمة سهم الكابلات الكهربائية من وقف اقترب من شهرا كاملا يعد نوعا من الردع الضمني لمن تسول له نفسه بالتلاعب في اي سهم اخر وذلك بغض النظر عن ثبوت تلاعب في الكابلات من عدمه، مشيرا الي ان حالة سهم الكابلات ربما تجعل المضاربين يفكرون كثيرا قبل الاقدام علي مثل هذه الخطوة مرة أخري. وقال عبد الفتاح ان المضارب ليس لديه قدره او صبر او استعداد علي تحمل الضغوط العصبية الناتجة عن وقف سهم يمكله لمدة شهر خاصة انه لا يعرف مصيره ، متوقعا انه لم تكرر مسلسل الكابلات ربما يكون هذه المرة مع مستثمرين وليس مضاربين. وأوضح انه لا يوجد سوق في العالم لا يوجد فيها ظاهرة تكتل المستثمرين علي سهم واحد للصعود به او البهوط بسعره وخير مثال علي ذلك سهم شركة انرون الامريكية. واضاف ان تجرية الكابلات ربما تدعو الجهات الرقابية الي اعادة التفكير في القانون لسد ما به من ثغرات وإيجاد صيغ قانونية لمنع تكرار مثل هذ الظاهرة، واتفق في الرأي مع ضرورة استمرار تجميد الاسهم ليس فقط لحين انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للشركة ولكن لحين تنفيذ ما نادوا به هم وهو التجزئة وزيادة رأس المال بل واستمرار التجميد حتي يمر عام كامل في إتمام الزيادة حتي تستغل اموالهم ويروها بانفسهم وهي تقوم بعمليات اعادة الهيكلة للشركة التي رغبوا في اعادة هيكلتها واصلاحها. واشار الي ان هذه الحالة نفذتها الهيئة بكل رضا في شركة المجموعة المالية هيرميس عندما رغبت مجموعة ابراج كابيتال الامارايتة في شراء حصة زيادة رأس المال والزمتها الهيئة بعدم التصرف في الاسهم قبل مرور عام علي الزيادة وهو ما يجب تنفيذه ايضا في سهم الكابالات. التلاعب مدير ادارة المحافظ ببنك قناة السويس محمد رشدي قال: ان التلاعب الذي تشهده البورصة المصرية في الفترة الحالية علي بعض الاسهم بات مؤثرا كبيرا علي تعاملات واتجاهات مؤشرات السوق. واشار الي ان المضاربين باتوا يستغلون كل الوسائل المتاحة لتحقيق أغراضهم بما فيها وسائل الاعلام خاصة تلك التي انتشرت علي صفحات الانترنت وشبكات المعلومات. وأشار الي ان احد مواقع شبكات المعلومات علي الانترنت نشر في الاسبوع الماضي ثلاثة اخبار علي ثلاث شركات نشطة في البورصة المصرية في الفترة الاخيرة علي لسان مصادر مسؤولة في هذه الشركات دون ذكر اسمائهم وهي انباء كانت خاصة بالموضة التي تسري في السوق حاليا وهي التجزئة وكانت هذه الشركات هي "المنتجعات السياحية وسبينالكس وجنوب الوادي". وقال: ستتم تجزئة هذه الاسهم واضافة اسهمها المجانية نهاية الاسبوع لترتفع هذه الاسهم لعدة جلسات حقق المضاربون او من هم وراء نشر هذه الاخبار مكاسب ضخمة، وبعدما لم يظهر اي شيء في نهاية الاسبوع عادت هذه الاسهم نحو الهبوط الحاد مرة اخري، فمن هنا يحمي صغار المستثمرين والمستثمرين الافراد، فالخبر معلن وبناء عليه اتخذ المستثمرون قرارهم بالشراء ثم لم يحدث شيء وتحول الامل في المكسب الي خسائر فادحة. واضاف: ان الاسهم الثلاثة كانت سببا رئيسيا في هبوط البورصة المصرية في نهاية الاسبوع الماضي بعد خيبة الامل التي انتابت المستثمرين وظنوا انهم "غرر بهم وتعرضوا للتلاعب من قبل اخرين وخوفا من هبوط اكبر للاسهم باعوها بخسائر". مصدر مسئول وأشار الي ان ظاهرة "كشف مصدر مسؤول" قد كثرت بشكل ملحوظ في الفترة الاخيرة وهو امر يدعو للقلق وينذر بالخطوة علي مستقبل البورصة المصرية وكفاءتها في الوقت الذي يسعي فيه المسؤولون الي التقدم بالبورصة المصرية خطوات نحو الامام نجد من يدفعها للوراء خطوات مستغلين ثغرات القوانين. وطالب رشدي بضرورة وجود متابعة رقابية من هيئة سوق المال والبورصة لاعلانات الشركات وتنفيذ ما تعلن عنه وحركة الاسهم التي تعلن شركاتها عن أنباء حتي يمكن القضاء علي ظاهرة العصابات التي تحرك السوق، مشيرا الي ان شركة تعلن عن الاتجاه لتجزئة سهمها او زيادة رأس مالها او اي حدث جوهري لديها أو عقد مجلس ادارة لدراسة حدث جوهري يجب ان تعلن معه عن فترة زمنية محددة لتحقيق ذلك وعدم ترك الفرصة للبعض لاستغلال ذلك والمضاربة في السوق وتكبيد صغار المستثمرين الخسائر المستمرة. سوق العصابات وأشار الي ان ظاهرة "سوق العصابات" من المضاربين بدأت تنتشر في كثير من الاسهم من خلال تكتل عدد من المضاربين علي سهم ما يصعدون به الي عنان السماء ويشيعون الدنيا من حولهم بالشائعات والاقاويل وربما يكون طرفا فيها مسؤولون في الشركات، كما حدث في حال الكابلات الكهربائية التي بدأت قصتها علي الانترنت من خلال احد المنتديات التي لا تخضع لرقابة الجهات الرقابية المسؤولة.