رغم توجيهات محافظ البنك المركزي المصري الدكتور فاروق العقدة للبنوك بتقنين التوسع في تحريك الدعاوي الجنائية ضد عملائها المتعثرين واللجوء للأساليب الودية لحل المشكلات بعيداً عن التقاضي، إلا أن العلاقة بين البنوك والمتعثرين بعد إقرار برامج الجدولة والتسويات مازالت تأخذ في مضمونها لعبة القط والفأر بين الطرفين. فالعميل يبدي استعداده للجدولة ويقدم من الضمانات والكفالات ما يطلبه منه البنك لكن معظمهم سرعان ما يتعثرون بعد سداد القسط الأول أو الثاني بعدما يتخلي البنك عن دعواه التي أقامها فيتركها للشطب أو يدفع بأحد محاميه ليقر أمام المحكمة بالتصالح أو التسوية فتقضي المحكمة بشطب ورفض مثل هذه الدعاوي أملا في ان يلتزم العميل ببرنامج التسوية لكنه سرعان "ما يلعب هذا العميل بذيله" ويتقاعس عن السداد مستغلا في ذلك بطء إجراءات التقاضي ليتم جدولة التسوية مرة أخري. وبالتالي تدخل البنوك في تلك الدوامة من جديد.. هذه الظاهرة الآخذة في التزايد جعلتنا نسعي وراء مقترحات المصرفيين وأساتذة القانون والمحامين لمواجهتها فماذا قالوا؟ يري محيي مجاهد مدير الشئون القانونية بالبنك المصري الخليجي ان تنوع الإجراءات القانونية التي يتخذها البنك ضد عملائه المتعثرين مرجعها اختلاف ملفات ونوعية كل عميل في نشاطه التجاري وسمعته فهناك العميل المتعثر الذي يخشي علي سمعته إذا ما أقيمت ضده دعوي إشهار إفلاس وعميل آخر عكس ذلك تماما وهؤلاء تتخذ ضدهم عدة إجراءات قانونية للسيطرة علي تصرفاتهم التي يغلب عليها طابع الإهمال والتلاعب. يؤكد ان تلاعب العميل ومحاولة تحلله من التزامه الذي وقع عليه في عقد الجدولة تظهر بعد مرور فترة تتراوح بين عام و3 أعوام حيث تصل برامج الجدولة والتسوية في أغلب الأحيان إلي 6 أو سبع سنوات فقد يلتزام العميل ببرنامج السداد وقد يتعثر نتيجة ظروف السوق وفي هذه الحالة يتدخل البنك مرة أخري لتقويمه إذا كان جادا أما المتلاعب فتتخذ ضده الإجراءات القانونية لردعه. ويشير إلي ان هناك البعض من العملاء الذين لم يتعثروا ادعوا التعثر طمعا في تقديم تنازلات وتسهيلات من البنوك لهم مثل مد فترة السداد وتخفيض الفوائد والعمولات وهؤلاء بدأت اعدادهم تتزايد مما يشكل خطرا كبيرا علي أموال البنوك التي هي أموال المودعين والمساهمين وليست أموالا اميرية كما يتصور هؤلاء. ويوضح ان نسبة من يتعثرون في تنفيذ الجدولة والاستمرارية في دفع الأقساط تتراوح بين 20 30% وهؤلاء إما ان يوضع لهم برنامج للتسوية أو مقاضاتهم ورفع دعاوي جديدة ضدهم بعد ان يكون البنك قد استنفد معهم جميع الوسائل الودية بالسداد، بل إن البنوك عادة ما تأخذ ضمانات جديدة بعد اقرار برنامج الجدولة للمديونية فتتحرك في أكثر من اتجاه نحو الإجراءات القانونية المناسبة حيال هذا العميل المتعثر. ويقول إن اتفاق الجدولة يتضمن صراحة ان يتحمل العميل نفقات الدعاوي القضائية باعتباره الخاسر للدعوي والراغب في حل مشاكله مع البنك ودياً. كأن لم تكن ومن جانبه يقول مصطفي تامر إبراهيم رئيس شعبة القضايا بالقطاع القانوني بالبنك التجاري الدولي CIB مصر إن عدم التزام بعض العملاء ببرنامج التسوية يبدأ بعد سداد القسط الأول أو الثاني عادة أي بعد مرور 6 أشهر علي الأقل من برنامج التسوية يكون خلالها البنك قد ترك دعواه للشطب وبالتالي يفقد حقه في تجديدها خلال فترة ال 60 يوما المقررة قانونا فتكون قد انقضت لذا فإنه يلجأ إلي إقامة دعوي جديدة أمام المحكمة وفي هذه الحالة يكون العميل قد وقع علي شرط أساسي في التسوية يلزمه بسداد قيمة الأقساط في موعدها المستحقة ويقر في البرنامج أيضاً بأن المديونية المدونة في العقد هي نهائية ولا تقبل التدقيق أو المراجعة بل ويقر ان حسابات البنك نهائية وقد قام البنك بمراجعتها ووافق عليها بل ويقوم العميل بتحرير أوراق تجارية جديدة بقيمة المديونية بعد استنزال جزء من الفوائد مما يجعل البنك يلجأ إلي رفع دعوي جديدة لا تتضمن ذات الطلبات التي سبق ان أثارها في الدعوي السابقة التي تركها للشطب وبالتالي تتقدم المحكمة نحو الفصل فيها وليس صحيحا ما يردده البعض ان المحكمة تصدر احكاما باعتبار الدعوي كأن لم تكن لأن ظروف ومستندات الدعوي الجديدة تكون مختلفة تماما من حيث حجم المديونية والمستندات المؤيدة لها وإقرار العميل بهذه المديونية لذا فإن المحكمة تفصل فيها بسرعة. ويؤكد ان العميل يوقع علي عقد الاتفاق ايضا بأنه يكون مسئولا عن سداد جميع المبالغ التي استنزلها البنك لحسابه عند تفعيل برنامج التسوية بل ويسدد المصروفات القضائية المطلوبة باعتباره الخاسر للقضية كما نص قانون الرسوم القضائية. ويقول إن نسبة من يتعثرون في سداد أقساط الجدولة قليلة داخل البنك التجاري الدولي حيث إن الغالبية لا تفوت الفرصة في السداد بعد التسوية.