الحوار الأول في هذه القضية كان مع ليوناردو روميو مستشار تخطيط التنمية المحلية في برنامج الاممالمتحدة لتمويل التنمية CUNCDF الذي شدد علي ضرورة اتجاه مصر نحو تفعيل اللا مركزية واصفا اياها بانها بلد "شديد المركزية" وامامها الكثير لتفعله. ولفت في ذلك الاطار الي ان محور الاصلاح يعتمد علي المجالس المحلية مؤكدا ثقته في قدرة المصريين علي ادارة ورقابة السلطات المحلية. واوضح "روميو" المزايا العديدة التي يحققها الابتعاد عن المركزية وقيام السلطات المحلية بدورها وعلي رأس ذلك ضمان التوزيع العادل للموارد والاقلال من فرص الفساد.. وفيما يلي الحوار.. * حققت العديد من دول العالم تقدما كبيرا في تفعيل فكر اللامركزية في اداراتها المحلية.. فما موقع مصر من هذا التقدم؟ ** نستطيع ان نقول ان اللامركزية اقل تقدما في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام وذلك اذا قارناها بباقي دول افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية ومصر بالتحديد بلد شديد المركزية وعليها الكثير لتفعله واول خطوة أراها هي ان يحدث اصلاح مالي لمجالسها المحلية المنتخبة لتصبح اكثر لامركزية فهذه المجالس تلعب الآن دورا شديد المحدودية واقرب للدور الاستشاري عن اخذ القرار وتلبية متطلبات الخدمات التي مازالت مرتبطة بشكل اساسي بالحكومة المركزية. النموذج الفرنسي * ولكن هناك دولا كانت شديدة المركزية مثل فرنسا ولكنها استطاعت ان تحقق تقدما سريعا في اتجاهها للامركزية.. فما العوامل التي اعتمدت عليها؟ ** فرنسا مثال جيد فقد كانت من اكثر الدول المركزية في العالم وتشيع فيها الروح القومية بشدة واهم دافع لاحداث هذا التحول الكبير فيها كانت المطالب المتزايدة علي تحقيق المزيد من الديمقراطية المحلية المشاركة في صنع القرار بالاضافة الي الاتجاه نحو تحقيق كفاءة الاداء الاقتصادي وذلك باعتبار ان السلطة المحلية اكثر معرفة بما يريده الناس وكيفية استغلال مواردها المتاحة وتقليل التكلفة وبالطبع فهناك فارق كبير بين تكلفة البناء لمدرسة من قبل الحكومة المركزية او من جانب السلطة المحلية لعدة اسباب منها مثلا انها الادري بجلب العمالة منخفضة التكلفة. * وربما اقل فسادا ايضا؟ ** هذا السؤال يطرح كثيرا في مجال تحديد اي من النظامين المركزي واللامركزي عرضة للفساد وهذه مسألة صعبة ولكني اعتبر انه اذا كان لدي اي دولة نظام للحكم غير مركزي يكفل مشاركة اكبر للناس في صنع القرار وكذلك نظام مراجعة اكبر من قبل المجتمع المدني فسوف تتوافر فرص اكبر لتقليل الفساد. * الهدف من زيارتك لمصر هو مساعدة الحكومة في البدء في التخطيط لعمل استراتيجية محددة لتطبيق اللامركزية فما ملامح هذه الاستراتيجية؟ ** الفكرة الرئيسية هو ان يكون هنا برنامج قومي لتطبيق اللامركزية من خلال وضع اطر للعمل تتعلق بالتعديلات التشريعية والقرارات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف وبناء القدرة المحلية لتحقيق اللامركزية ودور الاستثمار في تحقيق ذلك الهدف. المخاطرة * ولكن تخلي الدولة عن ادارة المحليات سيرفع من معدل المخاطرة لاستثمارات القطاع الخاص لانها ستفقد ضمان الدولة لها خاصة في البيئات الفقيرة؟ ** اري انه يجب ان نسهل الفرصة للمحافظات في ان تعقد شراكة مع القطاع الخاص ولكن يجب ان نعطي القدرة لها علي عقد هذه الشراكة بشكل مباشر وسيتم ذلك من خلال اللامركزية وبالنسبة لمسألة تفاوت الموارد بين كل محافظة فالواقع هو ان النظامين المركزي واللامركزي يهدفان الي تحقيق المساواة بين كل المحافظات في موازنة الدولة واذا تركت لها الاستقلالية في استغلال عائداتها المالية خاصة من الضرائب سيظهر هذا الفارق وساعتها ستتمكن الحكومة المركزية من علاجه بوضوح من خلال توزيع اكثر عدالة للموارد في موازنة الدولة. * ومن سيتولي مراقبة السلطة المحلية في ظل اللامركزية؟ ** هناك مراقبة المجلس المحلي لانه هو الذي يقر سياسات السلطة المحلية وهناك رقابة من الحكومة التي تراقب اداء السلطة المحلية وهناك المراقبة الشعبية ونجد العديد من التجارب الناجحة في دول في امريكا اللاتينية في هذا الصدد ففي بوليفيا هناك لجان محلية تراقب اداء السلطة وتزودها السلطة من جانبها بالخرائط والبرامج والموازنات والمعلومات التي تمكنهم من اداء دورهم. قدرة المصريين * هل تعتقد ان لدي المجتمع المصري القدرة علي اداء ذلك وهو لم يتعود علي هذه المشاركة؟ ** ولماذا لا يستطيعون ذلك؟.. واعتقد انه اذا تم اعطائهم الفرصة لذلك فسوف يقومون بها علي خير وجه فقد شهد العالم النامي في الخمسين عاما الاخيرة حركة كبيرة وناجحة لاعادة توزيع المسئوليات وكان للجان المراقبة الشعبية دور بارز في ذلك. * اذا اتجهنا لتطبيق اللامركزية هل سنضطر الي التخلي عن بعض الاجهزة الحكومية والتخلي عن بعض الموظفين بهذه الهيئات؟ ** ليس بالضرورة.. لانه سيكون هناك احتياج لاعادة توزيع المسئوليات وهو ما يتطلب مرونة اكبر في استخدام الموارد البشرية بالقطاع العام وقد حان الوقت لكي يعطي المصريون لبلادهم كما اعطتهم وليس عليهم سوي ان يكونوا اكثر مرونة للعمل في المكان الذي يحتاجهم ولا اعتقد انه ستكون هناك ضرورة للتخلي عنهم.