من يصبر علي من؟ العراق يصبر علي أمريكا التي اجتاحته ودمرته وقتلت أناسه أم الاحتلال هو الذي يتعين عليه أن يصبر اليوم علي المشكلات المتراكمة التي نسجها بغزوه للعراق. نفد صبر بوش.. قالها علي الملأ: للصبر حدود.. قالها مؤخرا في معرض مخاطبته لحكومة نوري المالكي تراءي لبوش أن الحق مع أمريكا وبالتالي فهي تريد أن تحتل الأرض وتقتل أناسها وتنهب ثرواتها وأن يقوم من نصبتهم حكاما عليها بدور المدافع عنها وتأمينها بحيث يكونوا ظهرا حاميا لجنود الاحتلال!! * قرارات صعبة... استشاط بوش غضبا وفزعا عندما قتل له أكثر من مائة جندي في شهر أكتوبر وحده وصب جام غضبه علي حكومة المالكي التي لم تتخذ الإجراءات التي تكفل عدم حدوث ذلك حتي لا يلحق الأذي والضرر بجند أمريكا الميامين! ولهذا خرج بوش ينذر ويحذر ويهدد ويتوعد ومعه حق فهو الذي نصب حكومة المالكي ومن حقه بل من واجبه أن يسقطها إذا أراد فيما إذا لم تلتزم وتتخذ إجراءات وقرارات صعبة تدفع الخطر عند جنده. ووضح ذلك فيما أعلنه بوش من تأييده المشروط لرئيس الوزراء العراقي عندما قال: نحن معه مادام يواصل اتخاذ قرارات صعبة...! * أسوأ من الحرب الأهلية.. غضب بوش ينبع في الاساس من أن بلاده أعلنت إطارا زمنيا لانهاء أعمال العنف الطائفية ولم يلتزم نوري المالكي به بل الأكثر من هذا أنه خرج في 25 أكتوبر يعلن احتجاجه علي الغارة التي شنتها أمريكا علي معقل شيعي في مدينة الصدر راح ضحيتها عدد من المدنيين بين قتيل وجريح ولا شك أن إدارة بوش في مأزق وهذا ما تأكد للجميع وعكسه تقرير أصدره مركز التقدم الأمريكي للأبحاث في واشنطن الذي يرأسه جون بوديستا المدير السابق لموظفي البيت الأبيض في إدارة كلينتون اعتبر فيه أن الصراع في العراق أصبح أسوأ من الحرب الأهلية الأمر الذي يهدد بخروجه عن السيطرة وجاء التقرير المذكور كاثبات ودليل مقنع علي فشل استراتيجية إدارة بوش في العراق خاصة وأن شهر أكتوبر كان أحد أكثر الشهور عنفا في مسلسل الحرب فيما يتعلق بعدد القتلي والاصابات بين الجنود الأمريكيين. * مذبح للجميع لقد تأكد اليوم للقاصي والداني أن الحرب علي العراق لم تكن مجدية ولم يكن لها ما يبررها أصلا ولهذا نظر إليها علي أنها حرب ضد الإسلام.. حرب عنصرية هدفت بواسطتها إدارة بوش إلي ممارسة القتل علي الهوية. تحول العراق بفضل أمريكا صاحبة العصمة إلي مذبح للجميع، فالكل مستهدف والكل يقع تحت طائلة المحاسبة القسرية والتي تبدأ بالفدية المالية وتنتهي بالتصفية الجسدية.. الكل بين مطرقة البقاء ومواجهة المصير المجهول وسندان الرحيل المؤلم عن بلاد الرافدين. ويكفي أن نسبة الاطباء الذين قتلوا في أحداث عنف والذين هاجروا من البلد يصل إلي نحو 72% الاطباء والعلماء كانوا مستهدفين لافراغ العراق من الطاقات العلمية غير أن بعض الاطباء رفضوا الرحيل لدواعي إنسانية واخلاقية بينما آثر آخرون الرحيل عن العراق قبل أن تمسهم نار الفتنة لاسيما بعد أن بات العراق مقراً لعصابات حاضرة علي حضارة العراق وتاريخه المجيد. * الهروب إلي الأمام... وكما هزمت أمريكا في فيتنام فقد هزمت اليوم في العراق والهزيمة هنا تقاس بالوضع الذي وصلت إليه إدارة بوش بحيث لم يعد باستطاعتها سياسيا تبرير الخسائر التي منيت بها أمام حجم المردود الذي جنته من وراء استمرار احتلالها للعراق لم تعد إدارة بوش تستطيع تبرير الموت والدمار الذي أوقعته حربها في العراق لهذا تحاول أمريكا اليوم الهروب إلي الأمام من خلال البحث عن استراتيجية جديدة تنقذها من اراقة ماء الوجه ولهذا رأينا بوش يخرج علي الملأ مؤخرا ليحول مسئولية الاخفاق الحادث في العراق إلي حكومة نوري المالكي وبدلا من أن يقدم جدولة لانسحاب قواته من العراق إذ به يطالب نوري المالكي بتقديم جدول لانهاء العنف ويحذره من أن صبر أمريكا له حدود وأنه أوشك علي النفاد! * يوم الحساب... واليوم وفي محاولة الهروب هذه قد يلجأ بوش إلي منافذ أخري يقترب فيها من بعض دول الجوار مثل سوريا وإيران من خلال عقد صفقة مقاولات من الباطن معها بهدف انقاذ ما يمكن انقاذه ولكن أغلب الظن أن هذا الخيار لن يجدي وسيخيب فأله ولن يجني من وراء ذلك نفعاً ولعل الانتخابات القادمة للتجديد النصفي للكونجرس والتي تعقد الثلاثاء المقبل 7 نوفمبر ستكون هي الفرصة الأمثل لبدء المحاسبة الحقيقية لبوش وإدارته علي اتخاذ قرار غزو العراق القرار الكارثة بكل ما ترتب عليه من تكلفة مادية وبشرية فادحة...!