علي حين تشرع قرارات مجلس الأمن كي تفرض وجوبيا علي الدول العربية فان اسرائيل تعامل كاستثناء حيث لا تطالب بتطبيق أي قرار دولي بل ان ما يحدث هو التواطؤ السافر معها والذي يتسم بالتنكر لجميع مبادئ حقوق الإنسان والشرعية الدولية مع غض الطرف عن كل ما تقوم به من جرائم وممارسات ابادة وتدمير. تباين فج كأنما خلقت الأممالمتحدة لتكون اداة بطش في يد أمريكا تمارس من خلالها صنوف القهر والإذلال والاجبار والحصار وفرض العقوبات علي الدول العربية والإسلامية، ففي معرض التطبيق علي أرض الواقع ينتفي التوازن بين الدول العربية والإسلامية وبين اسرائيل بالنسبة للقرارات الدولية، فعلي حين تطالب الدول العربية والإسلامية بالتنفيذ الفوري فان اسرائيل تمثل الاستثناء حيث لا تسئل ولا تحاسب ولا تردع ولا تفرض عليها أية عقوبات مهما فعلت.. ولهذا رأينا قرارات ضد سوريا بدءا بقرار 1559 مرورا ب1595 وانتهاء بالقرار 1680 وكان المطلوب ان تلتزم بها وتنفذها علي الفور.. ورأينا قرارات ضد ايران وآخرها 1696 واخري قادمة علي الطريق والمفروض في عرف المجتمع الدولي الذي تقوده امريكا ان تنفذها وإلا تتعرض لما لا يحمد عقباه. لقد عاد الملف النووي الايراني ليتصدر الاجندة الدولية وظهر التعنت مع ايران بشكل واضح رغم حقها في امتلاك التقنية النووية طالما تظل محصورة في الاغراض السلمية فمعاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعت عليها إيران تكفل لها ذلك. قرار نزع السيادة أما آخر القرارات التي صدرت فكان قرار 1706 ضد السودان والذي يفرض نشر قوات دولية في دارفور وخرجت امريكا لتضيف منطوقا غير قانوني يقول بأن القرار المذكور يمكن أن يطبق دون موافقة الحكومة السودانية والقرار المذكور يمثل افتئاتا وغبنا علي سيادة دولة وبالتالي كان السودان علي حق عندما رفض نشر قوات دولية علي أراضيه فلا يمكن لدولة في العالم ان ترضي بتسليم جزء من أراضيها طواعية الي قوة احتلال اجنبي لاسيما وان حكومة الخرطوم علي يقين بأن أمريكا تستهدف السودان منذ موضوع الجنوب الذي يخشي معه ان ينتهي الي الانفصال في الاستفتاء المزمع اجراؤه في المستقبل ليصبح جنوب السودان منفصلا عن شماله وها هي أمريكا تمعن في سلب سيادة السودان اكثر واكثر بتمركز قوات دولية في دارفور واحلالها محل قوات الاتحاد الافريقي. إحلال وإبدال ويرد التساؤل.. علام هذا التوجه الامريكي ولماذا الاصرار علي احلال قوات دولية محل القوات الافريقية خاصة وان نصوص القرار 1706 التي تتعلق بالتفويض الممنوح للقوات المقترح ارسالها تجعل هذا القرار من الناحية العملية يقع في اطار الفصل السابع من الميثاق الذي يجيز استخدام القوة؟ هذا فضلا عن أن تمركز قوات لها صلاحيات أمنية وشرطية وقضائية إنما يعني نزع سيادة الدولة علي هذا الجزء من أراضيها اي ان هذا الوضع الجديد سيمثل نوعا من الاحتلال لجزء من الأراضي السودانية وبداية لانتهاء شرعية النظام السياسي هذا بالإضافة الي ان القبائل ذات الاصول العربية ستكون معرضة عندئذ لهجمات وهو ما قد يؤسس لحرب أهلية في المستقبل بل ويجهز الارضية للمطالبة بحق تقرير المصير او الانفصال مما يؤدي الي توسيع دائرة الأزمة في المنطقة بما يصب سلبا بالنسبة للسودان. ترهيب وترغيب تستميت أمريكا من أجل تطبيق حكومة السودان قرار مجلس الأمن الأخير 1706وتستخدم في ذلك سياسة الترهيب والترغيب.. الترهيب من خلال التهديد بفرض المزيد من العقوبات علي السودان والترغيب برفع العقوبات الاقتصادية الامريكية المفروضة علي السودان ورفع اسمها من قائمة الدول الداعمة للارهاب اما ما يضعف موقف السودان فهو التباين بين "البشير" واطراف أخري فإذا كان "البشير" قد رفض وبحدة الانصياع إلي ما يمليه هذا القرار المجحف فان شركاء في حكومة الوحدة الوطنية وأعني بها الحركة الشعبية لتحرير السودان قد بادروا وأعلنوا علي لسان سلفاكير انهم يؤيدون ما يفرضه القرار وانهم لا يتفهمون السبب في رفض نشر القوات في دارفور خاصة ان هناك قوات دولية في الجنوب. ويغيب عن هؤلاء بأن القوات المتمركزة في الجنوب تختلف عن تلك التي يراد نشرها في دارفور فالأولي قوة مراقبة بهدف تنفيذ الاتفاق وتعتمد علي الفصل السادس الذي لا يخولها استخدام القوة اما الثانية فتخضع لبنود اخري تمنحها استخدام القوة. والمأمول ان يتم ادخال تعديلات علي القرار في اطار ما اقترحه مصطفي عثمان مستشار البشير من ان تتضمن ديباجة القرار الاشارة الي انه يقع ضمن الفصل الثامن من الميثاق الذي يفوض الصلاحيات عندئذ الي احدي المنظمات الاقليمية "اي الاتحاد الافريقي" والذي يعد اكثر تفهما لأزمة دارفور وبالتالي كان هو الاجدر بالتعامل معها.