تحقيق: مني البديوي - هبة درويش نفت القيادة السياسية وجود خطط لخصخصة مرفق السكك الحديدية وذلك مراعاة لجوانب اجتماعية تضعها القيادة في بؤرة اهتمامها عند اتخاذ قرار كهذا وفي سياق تطوير اداء هذا المرفق الحيوي، امر الرئيس مبارك بتخصيص مليار جنيه لشراء ستة "جرارات" جديدة لتسترد السكك الحديدية بعضا من عافيتها. وكانت وزارة النقل قد بدأت بعقد سلسلة من الاجتماعات عقب حادث قليوب لبحث الخطوات الواجب اتخاذها لاعادة هيكلة السكك الحديدية بما يضمنها تلافي السلبيات التي تعترض طريق هذا القطاع الاستراتيجي. ورغم التأكيدات الرسمية بان الخصخصة لن تعرف طريقها للسكك الحديدية فان خبراء ورجال اعمال يطرحون الخصخصة - ولو جزئيا - بوصفها الحل السحري لكل المشكلات. تدني الأوضاع بداية فان الدكتور أحمد فرحات المدير والمستشار الاقليمي السابق للنقل بالامم المتحدة يؤكد ان الحديث عن خصخصة السكك الحديدية لم يأت من فراغ وانما جاء في ظل تدني اوضاع هذا القطاع فكل من له علاقة بقطاع النقل بصفة عامة وقطاع السكك الحديدية بصفة خاصة يعلم ان مواصفات السلامة في السكك الحديدية المصرية متدنية للغاية وفقا للمعايير الدولية وذلك منذ اكثر من عشرين عاما والدليل علي ذلك الحوادث المتكررة.. حتي ان الحادث الاخير الذي وقع بمدينة قليوب اعقبه في نفس اليوم حادث آخر علي خط الصعيد!! وفي كل مرة نجد ان الموقف لا يتم مواجهته بصراحة وشجاعة ويتم البحث عن كبش فداء لتحمل مسئولية هذه الحوادث ليكون اما رئيس الهيئة او نائبه او حتي الوزير نفسه. اي اننا نترك المشكلة الرئيسية ونلجأ للحلول التي تحاول امتصاص غضب الشعب. ولذلك فلابد من مواجهة المشكلة الحقيقية التي يعاني منها قطاع النقل في مصر من اجل وضع الحلول الملائمة لها التي سوف تساهم في النهوض وتطوير هذا القطاع المهم. وهي المشكلة التي تتمثل في البنية الاساسية للسكك الحديدية التي نعلم جميعا انها اصبحت متهالكة وتحتاج الي استثمارات باهظة من اجل اعادة تأهيلها وهو ما يأتي في الوقت الذي نجد فيه ان نتائج عمليات التشغيل للسكك الحديدية تحقق خسائر ضخمة وتضطر الدولة للتدخل لتغطية هذه الخسائر من الموازنة العامة وهي غير قادرة علي تحقيق التوازن ما بين مصروفات الهيئة وايراداتها بدعاوي اجتماعية "الحفاظ علي محدودي الدخل" ولذلك فان الطريق الوحيد امام الدولة الان لاصلاح اوضاع السكك الحديدية هو اللجوء لخصخصة بعض الخدمات وبعض خطوط السكك الحديدية التي تقدم عليها خدمات مميزة مع الحفاظ علي بعض الخطوط التي تستخدمها الطبقات الفقيرة في يد الدولة وهو الامر الذي سيساعد علي توصيل الدعم لمستحقيه. ويشير الدكتور فرحات في هذا الصدد الي ان وزير النقل الحالي ربما يكون هو اول وزير يضع يده علي العلاج السليم للمشكلة لانه مهد الطريق وفتح الباب للاستثمار الاجنبي المباشر من خلال تأسيسه للشركة القابضة لمشروعات النقل البري والسكك الحديدية والتي ستسمح لرأس المال العربي وبالذات الخليجي لضخ الاستثمارات الضخمة "التي لا تقدر عليها الدولة". وفي ذات الوقت فانه يؤكد انه مطلوب من الدولة ان تقوم باتخاذ قرار شجاع بالموافقة علي المبادرة التي تقدم بها وزير النقل حيث انه تقدم بخطة طلب فيها 8 مليارات جنيه لاصلاح السكة الحديد "وذلك من حصيلة الرخصة الثالثة للمحمول". ويستطرد فرحات في حديثه عن الخصخصة ويؤكد اننا بالفعل في الوقت الحالي نحتاج لعقلية رجال الاعمال الذين يأخذون في اعتبارهم الربح والخسارة والاداء الاقتصادي الجيد في تشغيل اي مرفق وخاصة ان هناك مشكلات كثيرة يعاني منها قطاع النقل في مصر. عقد التزام ويشير الدكتور سعيد الدين عشماوي استاذ تنظيم النقل وعميد تجارة الازهر الاسبق الي انه حتي لو كانت الخصخصة هي الحل لتحسين اوضاع السكك الحديدية فلابد ان يتم ذلك وفقاً لعقد التزام وان تكون الخصخصة في الخطوط الجديدة وفقا لمنظومة علمية سليمة وفي اطار خطة قومية للنقل. الا انه يؤكد في ذات الوقت ان المشكلة الاساسية هي عدم وجود خطة قومية للنقل كما ان السكة الحديد لا يخطط لها وفقا للقواعد العلمية السليمة التي تحكم تنظيم النقل كصناعة لها خصائص معينة تختلف عن اي صناعة اخري علي وجه الارض فمشروعات النقل بصفة عامة مشروعات اقتصادية ذات عائد مرتفع والمشكلة ان عائد شركات النقل تظهر في مشروعات اخري وليست في ميزانية مشروع النقل نفسه فعلي سبيل المثال مترو مصر الجديدة عند انشائه منذ مائة عام كان يحقق خسائر سنوية الا ان شركة مصر الجديدة اقامته لان له عائداً اقتصادياً يظهر في ارتفاع سعر بيع اراضي مصر الجديدة التي كانت تملكها الشركة المسيرة لخط مترو مصر الجديدة.