يؤكد الدكتور محمود منصور "مدير مركز بحوث الاقتصاد الزراعي ورئيس قسم الاقتصاد بزراعة الازهر" انه ليس هناك مانع من مشاركة القطاع الخاص في عملية استيراد القمح خاصة وانه يشارك بالفعل اذ ان معظم الكمية المستوردة تتم من خلاله ولكن اذا لم يكن هناك دور للحكومة فهناك مخاوف من ان تصل بعض الشحنات غير الملائمة التي لا تتوافر بها الاشتراطات الصحية والبيئية بما يضر بصحة المواطنيين. فضلا عن ان انفراد القطاع الخاص بهذا النشاط يجعلنا نطرح عددا من التساؤلات المهمة عن امكانية توافر الامن الغذائي بمعني ان القطاع الخاص قد يتعرض لبعض العثرات في عقده لبعض الصفقات او استجلابها سواء في التمويل او نوعية الكمية المستوردة بما يؤثر علي المخزون الاستراتيجي. فالقمح سلعة استراتيجية والحكومة لها دور في المحافظة علي الامان والقطاع الخاص لا يهتم بذلك وخاصة انه قد يغريه السعر المنخفض في مقابل سلع منخفضة الجودة تضر في النهاية بمصلحة المواطن. ولذلك فإن الدوله لابد ان يكون لها دور اساسي في عملية الاستيراد بمعني ان تحدد لها نسبة معينة تقوم باستيرادها من اسواق معينة وبمواصفات محددة كما يجب ان يكون لها دور اساسي في عملية الاشراف والرقابة علي الكميات المستوردة بواسطة القطاع الخاص بما يضمن توفير الكميات المطلوبة بالمواصفات المناسبة في وقتها الضروري. ويؤكد دكتور منصور ان دخول القطاع الخاص لابد ان يتبعه التزام من جانبه باشتراطات تضعها الدولة وتكون شريكة في عملية الاستيراد بحيث يكون هناك حد ادني في مخازن الدولة وذلك لان القطاع الخاص يهتم بالربح اولا ولكن الحكومة لديها مسئولية اجتماعية فيما يخص سلعة استراتيجية مثل القمح. وعن حجم الاستهلاك المصري من القمح فإن منصور يوضح اننا نستهلك حوالي 13 مليون طن سنويا واننا ننتج النصف ونستورد النصف من اسواق الولاياتالمتحدة وكندا واستراليا وفرنسا وبعض الدول العربية بكميات ضئيلة. وعن ممارسات القطاع الخاص الحالية في ظل تواجده بالفعل في عمليات الاستيراد فإن منصور يؤكد ان المخاوف التي طرحها هو وغيره من الخبراء حول انفراد القطاع الخاص بعمليات الاستيراد جاءت في ظل الممارسات السلبية الحالية له مشيرا الي ان من امثلة هذه الافعال السلبية ما حدث في ازمة التوريد التي اثيرت مؤخرا حيث انه قد وقعت هذه الازمة بسبب تدخل القطاع الخاص المتواجد لتأخير توريد القمح وهو الامر الذي اثر سلبا علي الفلاحين والمزارعين. لولا تدخلت وزارة التضامن في الوقت المناسب وسمحت بالتوريد اعتبارا من اول ابريل وهو الوقت الذي يناسب الانتاج المحلي ورغم ذلك فإن هذه الازمة قد تركت اثارها السلبية علي المزارعين نحو زراعة المحصول مرة اخري. لذلك فنحن نتوقع ان يحدث انخفاض في المساحة المنزرعة من القمح في الموسم القادم. فتواجد القطاع الخاص حتي الان سلبي لانه غير منظم ولهذا فأن تنظيم دخول القطاع الخاص من خلال تحديد الادوار لكل من القطاع الخاص والتعاونيات والفلاح بحيث تتوزع المسئولية علي القطاعات الثلاثة بسياسة مبكرة عن المواسم مما يساعد علي ان تكون ادوارهم مكملة وليست متنافسة سوف يساعد علي القضاء علي اي سلبيات قد تظهر او يخاف منها البعض في دخول واستحواذ القطاع الخاص علي عمليات الاستيراد. فالتنسيق مهم بين هذه القطاعات وكذلك مهم في السياحة والقرارات التي تتخذها الوزارات المختلفة. فتح الأسواق د. إبراهيم سليمان عضو المجالس المتخصصة وأستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الزقازيق يشير الي ان فتح الاسواق امام القطاع الخاص لاستيراد القمح وخصخصة المطاحن هي سياسة تتبعها بعض الدول العربية منذ زمن بعيد وقد اثبتت هذه التجربة نجاحها في بعض هذه الدول مثل المغرب ولكن هذا النجاح لهذه التجربة كان نتيجة طبيعية لعمل شاق ونتيجة لدراسة دقيقة تم من خلالها عمل حساب دقيق للايجابيات والسلبيات فمن خلال الدراسات التي تم اجراؤها من خلال منظمة الامن الغذائي العربي تبين ان المغرب تتبع سياسة ثلاثية الأبعاد. البعد الأول منها يعتمد علي مبدأ تحمل القطاع الخاص مسئولية استيراد القمح وطحنه وخبزه. البعد الثاني الدعم الذي تقدمه الدولة يتم في مرحلة التجهيز وهي مرحلة المطاحن بمعني أن هذا الدقيق عندما يتحول الي ارغفة خبز يتم عمل حساب لعدد هذه الارغفة ويتم تعويض المطحن عن فرق السعر. اما البعد الثالث فهو انشاء مؤسسة للحبوب "القمح" يكون عملها الرئيسي مراقبة السوق والتدخل في حالة حدوث اي خلل وتهدف هذه المؤسسة الي عمل توازن بين العرض والطلب والاسعار فإذا ما حدث في بعض الاعوام ارتفاع للاسعار نتيجة عجز في العرض المتاح لسبب او لآخر تقوم هذه المؤسسة باستيراد كميات كبيرة من القمح لحسابها الخاص وتقوم بجمعها في صوامع ثم تقوم بعرضها في الاسواق بهدف اعادة التوازن بين العرض والطلب. ويشير الي ان مصر لديها مؤسسة لاستيراد الحبوب مازالت موجودة وهي تابعة لوز