ينبغي أن نشير في البداية إلي ضرورة التفرقة بين أمرين أولهما يتعلق بامكانية حدوث شيء ما والأمر الثاني يتعلق بمعدل أو سرعة حدوث هذا الشيء. وعلي سبيل المثال فعندما يدور حديثنا حول امكانية حدوث التنمية في مجتمع ما فإن حديثنا سوف يقتصر علي ثلاثة عناصر أساسية يطلق البعض عليها أضلاع المثلث الذهبي وهي: - رأس المال الطبيعي. - رأس المال المنتج. - رأس المال البشري. وقد أثبتت الدراسات أن مساهمة رأس المال البشري في تحقيق التنمية هي الأهم حيث تمثل 64% يليها في ذلك رأس المال الطبيعي حيث تصل مساهمته إلي حوالي 20% بينما تصل نسبة مساهمة رأس المال المنتج إلي حوالي 16% من هنا يتضح لنا أن القدرة الإنسانية علي الإنتاج والعمل والإبداع هي أهم القدرات علي الاطلاق. وجدير بالذكر أن الباحثين قد أضافوا عنصرا رابعا إلي العناصر الثلاثة آنفة الذكر ويتركب هذا العنصر من عدد من العناصر التي تتعلق بالأسس والقواعد المؤسسية والثقافية والتربوية وأطلقوا علي هذا العنصر المركب اسم "رأس المال الاجتماعي". من هنا يمكننا القول بأن امكانية حدوث التنمية في بلد ما تعتمد بالاساس علي توافر العناصر الأربعة سابقة الذكر. أما بالنسبة للأمر الثاني والذي يتعلق بمعدل أو سرعة حدوث التنمية فإن العناصر الاساسية التي تشترك معا في تحديد هذه السرعة يمكن من وجهة نظرنا تلخيصها فيما يلي: - تجنب الأضرار البيئية. - مراعاة تحقيق العدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان. - أهمية القضاء علي الفقر. - ممارسة الديموقراطية وذلك تجنبا للقرارات الخاطئة. - تحقيق الأمن البشري. وبناء علي سبق فإن العناصر الأربعة التالية - رأس المال الطبيعي. - رأس المال المنتج. - رأس المال البشري. - رأس المال الاجتماعي. سوف تشترك جميعها وبنسب متفاوتة في تحقيق التنمية أي في امكانية زيادة القدرة التنافسية للمنتج الصناعي في مصر هذا وسوف يقتصر اهتمامنا هنا بالعنصر الأول من هذه العناصر ألا وهو "رأس المال الطبيعي" باعتباره من وجهة نظرنا هو العنصر المحدد لزيادة القدرة التنافسية للمنتج الصناعي كما سيتضح لنا فيما بعد. 1- رأس المال الطبيعي: رأس المال الطبيعي هو كل ما تجود به الطبيعة فالثروات الطبيعية سواء كانت معدنية أو غير معدنية وسواء كانت علي سطح الأرض أو في باطنها هي جزء من رأس المال الطبيعي ووجود الأنهار كنهر النيل وسريانه بطول البلاد وحصة مصر من مياهه العذبة هي بدورها جزء من رأس المال الطبيعي في مصر والتربة الخصبة التي مكنت الإنسان من إنتاج جميع أنواع الخضر والفاكهة هي أيضا جزء من رأس المال الطبيعي. 2- الثروات الطبيعية وزيادة القدرة التنافسية للمنتج الصناعي: مساهمة رأس المال الطبيعي في تحقيق التنمية وبالتالي في زيادة القدرة التنافسية كما سبق أن أشرنا لا تزيد علي 20% غير أن النسبة ورغم ما تبدو عليه من صغر تكون في معظم الأحيان هي العامل المحدد في زيادة القدرة التنافسية للمنتج الصناعي ولو أمعنا النظر في العناصر الأربعة المشتركة في تحديد القدرة التنافسية فإننا سوف نجد أن رأس المال البشري ورأس المال الاجتماعي كلاهما عنصران ثابتان في كل المشاريع الصناعية مهما اختلفت طبيعة هذه المشاريع بينما العنصران الاَخران وهما رأس المال الطبيعي ورأس المال المنتج هما وحدهما العنصران المتغيران. من هنا يمكننا القول "إن زيادة القدرة التنافسية للمنتج الصناعي في مصر سوف تعتمد علي العنصرين المتغيرين أي علي رأس المال الطبيعي وعلي رأس المال المنتج". وكما هو معروف فإن نسبة غير قليلة من المشاريع الصناعية في مصر يعتمد حاليا في تمويلها علي رؤوس أموال خارجية وسوف تزيد هذه النسبة تبادليا مع تطبيق النظام العالمي الجديد الأمر الذي سيؤدي بالضرورة إلي خروج مساهمة عنصر رأس المال المنتج من دائرة العناصر المحددة لزيادة القدرة التنافسية للمنتج الصناعي في مصر ليبقي في النهاية عنصر رأس المال الطبيعي وحده هو العنصر المحدد لزيادة القدرة التنافسية للمنتج الصناعي في مصر. من هنا نجزم بأن أي مشروع صناعي في مصر عندما يعتمد علي تصنيع مواد خام مستوردة سوف يكون حتما خارج المنافسة العالمية وسوف يكتب له الفشل! غير أن ذلك لا يعني بالضرورة أن يكون العكس صحيحا دائما أي أنه ليس بالضرورة أن يكون كل مشروع يعتمد علي تصنيع الخامات المحلية قادرا علي المنافسة العالمية إذ إنه من الضروري لكي يكون هذا المشروع ذا قدرة تنافسية عالمية أن يؤخذ في الاعتبار العديد من الأمور التي تتعلق بالمواد الخام المحلية التي يقوم علي تصنيعها.