تحقيق - مني البديوي وعبير عبد الرحمن: يؤكد عدد غير قليل من رجال الأعمال أن نظام حق الانتفاع بالاراضي بدلا من التملك خطوة جاذبة للاستثمار ولأنه يخفف العبء عن المستثمر ويري عادل جزارين "نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين" أن العمل بهذا النظام حق وميزة كبيرة خاصة بالنسبة للمشروعات الصناعية والتي كانت كثيرا ما يشكوا أصحابها من ارتفاع أسعار الأراضي مما يمثل عبئاً كبيراً علي المستثمر وخاصة المستثمرين الصغار. وبالتالي فإن طرح الأراضي بنظام حق الانتفاع سوف يخفف هذا العبء الكبير علي المستثمر ويجعله يدفع ثمن الأرض بالتقسيط مع توفر الأموال لتطور مشروعه لذلك يعتبر هذا النظام عامل جذباً للاستثمار لأنه سوف يخفف الأعباء المالية التي يتحملها المستثمر وسوف تساعده علي توجيه الأموال التي كان يدفعها ثمنا للأرض في إقامة مشروع صناعي علي أسس سليمة مما يساعده علي تفادي سلبيات سابقة كانت تؤدي إلي فشل مشروعه ومنها التكلفة المرتفعة التي كان يتحملها في سبيل إقامة المشروع مما يجعل سعر منتجه النهائي مرتفعاً مما يجعله لا يتمكن من المنافسة في الاسواق ويفشل مشروعه في النهاية في الاستمرار. ويشير جزارين إلي أن أهمية هذه الآلية تأتي من أنها جاءت ضمن مجموعة من الآليات الأخري التي بدأت الدولة بالفعل في اتخاذها لتحسين مناخ الاستثمار مثل تخفيض حجم الجمارك والضرائب.. وغيرها من التعديلات التشريعية الأخري التي تمت ويتوقع لها أثر ايجابي علي سوق الاستثمار المصري. ومن جانبه يؤكد الدكتور خالد عبدالعظيم "العضو المنتدب لشركة إرم لتصنيع المجوهرات ونائب مدير عام اتحاد الصناعات "الاسبق" أن الخطوة جيدة وفي صالح الاقتصاد الوطني حيث إنها تضمن للدولة حقها وتعطي للمستثمر اَلية جديدة لتنشيط السوق الاستثماري كما أن من شأنها أن تحقق عدداً من الجوانب الايجابية أولا: تخفيف الأعباء علي المستثمر لأن حق الانتفاع مهما كان تكلفته أقل بكثير من ثمن شراء أرض مما يعطي فرصة للمستثمر أن ينفق علي التكنولوجيا والبحث والتطوير مما يعطي الفرصة لإنشاء صناعات حديثة قوية. ثانيا: أن هذا النظام يتيح الفرصة لصغار المستثمرين أو المستثمر المتوسط أن يقيم مشروعاً كما يعطي للحكومة الحق في استعادة الأرض مرة أخري في حالة فشل المشروع وبالتالي يخفف عن حجم الخسارة علي الهيئات الوطنية بحيث لا يترتب علي خسارة المستثمر خسارة الدولة معه بجانب أن هذا النظام يجعل هناك فرصة لوجود حالة من المشاركة ما بين القطاع الخاص والدولة في مشروعات بنسب تجعل لصاحب المشروع حق الادارة وللدولة جزءاً من عوائد المشروع وهو ما من شأنه أن يحقق عوائد اقتصادية جيدة علي المستوي القومي. ويضيف خالد عبدالعظيم هذا النظام أيضا يسهم مرة أخري في دور الدولة في التشغيل دونما اخلال بتنمية دور القطاع الخاص وعدم العودة إلي نظام الاقتصاد الموجه. كما أن احتفاظ الدولة بالأرض خاصة في ظل الترويج للاستثمارات الأجنبية والعربية يحفظ للدولة سيادتها الكاملة لأنه ليس من المحبب بيع الأرض لمستثمرين أجانب مشيرا إلي أن لا يوجد ارتباط بين بيع الأراضي لمستثمرين أجانب وبين اقتصاديات السوق لأن كثيراً من الدول الصناعية لا تملك الأرض للأجانب خاصة مع وجود تخوف من المضاربة علي السوق العقارية وسوق الأراضي خاصة من جانب الاستثمارات العربية التي انسحبت من الغرب ولا تري في المنطقة العربية استثمارات تستحق توجيه رؤوس أموال إليها مثل استثمارات الثروة العقارية. وردا علي تخوفات البعض من امتناع البنوك عن تقديم قروض للمستثمر في حالة عدم تملكه للأرض فإن عبدالعظيم يوضح أن الأرض ليست هي الضمانة الوحيدة التي يمكن تقديمها للبنك وأن بعض البنوك تقدم القروض بناء علي التكنولوجيا الموجودة داخل المنشأة "السلع الرأسمالية" وما في المخازن من خامات كما توجد شركات لضمان مخاطر الائتمان والتي تقوم بتقديم ضمانات للبنوك مقابل حصولها علي نسبة من العميل. وبالتالي فإن العمل بنظام حق الانتفاع لا يمثل أي عائق أمام المستثمر بل علي العكس فهو يعد آلية لتنشيط السوق الاستثماري ومساعدة المستثمرين علي العمل بشكل أفضل. الخبراء الاقتصاديون وتوضح د.عالية المهدي استاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن استغلال أراضي الدولة في إقامة المشروعات بحق الانتفاع بدلا من تملكيها عملت به الكثير من دول العالم ويمتد فيها حق الانتفاع لأكثر من خمسين عاما، مشيرة إلي أن شراء الأراضي يكلف المستثمر أموالا طائلة مما يزيد من تكلفة المشروع خاصة إذا ما كان المستثمر مازال في البدايات. وتؤكد د.عالية أن اتباع هذا الاسلوب يعطي ميزة كبيرة للمستثمرين مشيرة إلي أن عدم تعود الناس علي هذا الاسلوب قد يحول دون التوسع في هذا التوجه وكذلك وضع الحكومة لبعض الشروط كأن تجعل حق الانتفاع بالاراضي لمدد زمنية قصيرة تمتد لعشر سنوات فقط وتري أن نجاح هذا التوجه يكون بمنح حق الانتفاع بالأراضي لمدة زمنية تصل إلي المائة عام وذلك حتي يطمئن المستثمر علي استثماراته واستقرار مشروعاته. وتضيف د.عالية أنه من الأمور التي قد تعوق النظام الجديد أن يكون المقابل المادي من حق الانتفاع مرتفاع أعلي من قدرات موارد المستثمر مشيرا إلي أن المستثمر بدلا من أن يقوم بدفع أموال طائلة ثمنا للأرض من الافضل له استغلال الأرض بحق الانتفاع لمدة زمنية طويلة وتوجيه أمواله نحو إقامة المباني وشراء الآلات والمعدات الحديثة وتري د.عالية أنه لن تكون هناك أية مشكلات بالنسبة للاقتراض من البنوك خاصة أنه يمكن الاقتراض بضمان الآلات والمعدات كما أن البنوك أصبحت تعتمد في أسلوب منحها للقروض علي دراسات جدوي جيدة للمشروعات وعلي قدراتها في توفير تدفقات نقدية تستطيع سداد أصل القرض وفوائده. ويؤكد د.فياض عبدالمنعم أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر أن حق الانتفاع للأراضي سوف يقصر استخدام الأراضي علي الأغراض المتخصصة لها ومن ثم لن تكون هناك تجاوزات مثل التي كنا نسمع عنها في الماضي حيث كان يتم شراء الأراضي وتسقيعها إلي أن ترتفع أسعارها لتباع بأسعار خيالية ولأغراض أخري وهو الأمر الذي تربح الكثيرون من خلاله. ويوضح د.فياض أنه في بعض الحالات كانت تسحب الأراضي من المستثمرين نتيجة سوء التصرف مشيرا إلي أن بقاء ملكية الدولة للأراضي يحفظها للأجيال القادمة كما أن حق الانتفاع سوف يغلق الباب أمام المتاجرة بالاراضي. وعن ضمانات نجاح هذا التوجه يري د.فياض أن ذلك يعتمد علي اتاحة مساحات الأراضي وفقا للاحتياجات الفعلية للمشروع وأيضا تحديد مدي زمني يتم بعده سحب الأراضي من المستثمرين وذلك إذا لم يبدأ المشروع في مزاولة النشاط مشيرا إلي ضرورة تخفيض مقابل حق الانتفاع بقدر ما يحرزه المشروع من نمو وتوسعات. ويضيف د.فياض أنه في حالة استغلال الأرض استغلالا حقيقيا في إقامة المشروعات من الممكن النص علي امكانية مد فترة الانتفاع بالأرض وامكانية تملكها مؤكدا أن العقبات الفنية يمكن تذليلها بسهولة. ويري د.فياض أن هذا التوجه سوف يحمي ثروة مصر من الأراضي من أنشطة المضاربات التي يقوم بها البعض وسوف يشجع علي إقامة أنشطة حقيقية تعود علي الاقتصاد الوطني بالربح ويزيد من الناتج القومي.