تعاني مصر الدولة الزراعية "سابقا" مشكلة نقص إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية، وكانت النتيجة الاتجاه إلي استيراد هذه المحاصيل، وعلي الجانب الآخر تواجه الصادرات الزراعية المصرية لبعض المحاصيل مشكلات مع الدول المستوردة إما لنقص الكميات المنتجة أو لعدم جودتها ومن هذا المنطلق هناك دعوة مستمرة علي لسان الخبراء بأهمية قيام الحكومة بتشجيع الاستثمار الزراعي. ويبدو أن هذه الدعوة وجدت مؤخرا صداها لدي المسئولين حيث أعلنت وزارة الزراعة طرح أراض للمستثمرين الزراعيين بنظام حق الانتفاع لمدة تتراوح من 45 إلي 90 عاما في مناطق عديدة مثل توشكي وشرق العوينات وغرب الدلتا وسيناء بهدف إحداث تنمية زراعية وعمل توسع أفقي بدلا من تحويل النشاط الزراعي إلي أنشطة مخالفة تؤدي إلي التأثير سلبيا علي أغراض التنمية الزراعية. المشروع يشترك فيه أيضا هيئة التنمية الصناعية حيث إن قرار وزارة الزراعة بمنح أراض للمستثمرين بحق الانتفاع يعتبر جزءا من خطة المطور الزراعي.. يأتي ذلك في الوقت الذي رحب فيه مستثمرو الحاصلات الزراعية بقرار وزارة الزراعة ولكن في نفس الوقت أبدوا بعض التحفظات والشروط التي طالبوا الحكومة بضرورة تنفيذها أولا وقبل الإقدام علي هذه الخطوة، والتي تعتبر من وجهة نظرهم ضرورية في الوقت الراهن حيث يعاني قطاع تصدير الحاصلات الزراعية من نقص الأراضي الجديدة التي يمكنها تلبية الطلب علي منتجات الحاصلات الزراعية. بداية يوضح د. سعد نصار مستشار وزير الزراعة الهدف من قرار طرح أراض زراعية للمستثمرين بنظام حق الانتفاع وهو تأكد الوزارة من جدية المستثمر في زراعة الأرض واستخدامها بالطريقة المثلي وفي حالة ثبوت عكس ذلك من حق الوزارة إلغاء العقد بسهولة وهي الميزة التي يصعب علي الوزارة استغلالها في حالة تملك المستثمر للأرض، مضيفا أن نظام حق الانتفاع يمنح حرية لوزارة الزراعة في الإشراف والرقابة. ويشير نصار إلي أن العمل بهذا النظام لا يعني إلغاء نظام التمليك أو الإيجاز فطرح الأراضي بجميع الأنظمة مازال مستمرا ولكن الأمر يختلف باختلاف الحالة والمستثمر والمساحة والبنية الأساسية ومصدر المياه. وينوه نصار إلي أن نظام العمل بحق الانتفاع ليس جديدا ولكن عملية الطرح الجديدة تهدف إلي منح الوزارة حرية أكثر في المراقبة، مشيرا إلي أن الفكرة لاقت استحسانا من المستثمرين وهناك إقبال متوقع خاصة أن هذا النظام يمنح حافزا جديدا للمستثمرين الذين لا يملكون ثمن تملك الأرض والذي يمكنه الحصول عليها بحق الانتفاع لمدة 90 عاما علي أن يسدد ثمنها شهريا أو سنويا من إيراد الأرض، مشيرا إلي أنه جار تحديد بعض الأراضي في مناطق توشكي وشرق العوينات وسيناء. وفيما يتعلق بالأسعار أشار نصار إلي أن هناك لجنة عليا تابعة للوزارة تقوم بتحديد الأسعار. زراعة وصناعة ومن جانبه يشير عمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية إلي أن الهيئة تنتظر قيام وزارة الزراعة بتحديد الأراضي وطرحها للمستثمرين وبناء عليه ستقوم الهيئة بطرح الجزء الصناعي التابع لها مضيفا ان قرار وزارة الزراعة بمنح اراض للمستثمرين بنظام حق الانتفاع يعتبر جزءا من خطة المطور الزراعي، مشيرا إلي أن وزارة الزراعة تقوم حاليا بتوفير هذه الاراضي تمهيدا للاعلان عن بدء تطبيق الخطة منوها ان التصرف في هذه الاراضي سيكون من خلال الزام المستثمرين بأن يكون حق الانتفاع مرتبطا بالزراعة او التصنيع الزراعي واقامة تجمعات التوطين لزيادة الكثافة السكانية وخاصة في مناطق المشروعات الكبري. فيما ينوه د.حامد الشيتي رئيس لجنة الزراعة بجمعية رجال الاعمال سابقا الي وجود دول عديدة تقوم بطرح اراض لمستثمرين بنظام حق الانتفاع لمدة معينة بناء عليها يقوم المستثمر بضخ مصاريف راسمالية لبناء البنية الاساسية التي تمكنه من الحصول علي عائد مجز للاستثمار وبعد انتهاء المدة تعوض الأرض بما عليها للدولة، وفي هذه الحالة من حق الدولة ان تعيد استثمار الأرض سواء بالتأجير مرة اخري او البيع والأمر هنا متوقف علي ظروف الدولة في هذا التوقيت. قيمة الايجار ومدة الانتفاع ويري الشيتي ان المشكلة الاساسية التي ستواجه المستثمر هي عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بقيمة الايجار ومدة حق الانتفاع حيث من الممكن حدوث زيادة مستقبلية نتيجة انخفاض قيمة العملة او حدوث تغيرات في نسب التضخم المالي العالمي منوها إلي ان هذه المشكلة يجب حسمها من الآن عن طريق زيادة قيمة الايجار في العقد كل ثلاث سنوات مثلا بحيث يظل العائد التجاري متماشيا مع القيمة النقدية للدولة مضيفا إلي وجود مشكلة اخري تتعلق برفض البنوك التعامل مع المستثمر فيما يتعلق بعمليات الاقتراض والائتمان اذا لم يكن هو المالك الأصلي للأرض.