أعد الملف - مني البديوي - شيماء عثمان - رضا رزق في الوقت الذي تسعي الحكومة فيه لاعادة صياغة قضية الدعم نجد اختلافات واضحة في الرؤي حول الاسلوب الذي يمكن ان يصل به الدعم لمستحقيه فهناك من ينادي بضرورة جعل الدعم العيني نقديا خاصة في ظل تسرب جزء لا يستهان به من الدعم العيني إلي السوق السوداء، وعلي الطرف الآخر نجد البعض يري ان المجتمع المصري له خصوصية شديدة التعقيد وعلي ذلك فإن تكلفة وصول الدعم النقدي لمستحقيه ستكون باهظة، وانه من الأفضل في ظل ظروفنا الاقتصادية الحالية التعايش مع الدعم العيني. في مستهل ملفنا عن الدعم نناقش وجهتي النظر مع الخبراء الاقتصاديين. حجم الدعم الحالي بداية يوضح الدكتور سمير رضوان "المدير التنفيذي لمنتدي البحوث الاقتصادية" ان حجم الدعم الحالي الموجه من الدولة إلي السلع يبلغ حوالي 60 مليار جنيه سنويا. وانه ينقسم إلي ثلاث مجموعات: الأولي تضم السلع الغذائية وخاصة الخبز والمجموعة الثانية: تتمثل في دعم الطاقة والذي يضم البوتاجاز والبنزين والسولار ويمثل هذا الدعم الغالبية العظمي من مخصصات الدعم حيث انه كان مخصصا له 22 مليار جنيه ثم وصل الآن إلي 40 مليار جنيه نتيجة لارتفاع اسعار البترول. أما المجموعة الثالثة فتتمثل في الدعم غير المباشر للمدخلات سواء كانت مدخلات صناعة مثل الكهرباء التي تدخل في صناعة الالومنيوم أو دعم السماد لبعض المزارع وهذا النوع من الدعم مهم جدا لانعاش الحركة الاقتصادية. وبالنسبة إلي ما يثار من أن الدعم لا يصل إلي مستحقيه ومن ثم المطالبة بضرورة التحول إلي الدعم النقدي بدلا من السلعي فإن دكتور رضوان يوضح ان التحليلات المختلفة التي قامت بها الجهات المختصصة مثل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء وبرامج الاممالمتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي ومنتدي البحوث الاقتصادية -قد أشارت جميعها إلي ان الدعم الذي ينتفع به الفقراء فعلا هو دعم الخبز البلدي أما باقي انواع الدعم فإن الاغنياء والفقراء علي حد سواء يستفيدون منه مثل البوتاجاز والذي يشتريه الغني والفقير بسعر واحد. ولهذا فقد توصلت هذه الدراسات إلي أن المسألة في حاجة إلي عملية استهداف الفئة التي من المفترض ان تسفيدون غيرها. كما تم التوصل من خلال دراسة التجارب الدولية إلي أن أنجح وسيلة لتوصيل الدعم إلي من يستحقه هي ان يتم تحويل الدعم إلي نقدي بدلا من سلعي بمعني ان الدعم الذي كانت تحصل عليه الأسر في السلع المختلفة اذا كانت قيمته مثلا 400 جنيه فإنه يحصل علي بطاقة بقيمة هذا المبلغ بحيث يتيح له استهلاك سلع وخدمات بهذه القيمة. وبالنسبة لمشكلة ان ادارة الدعم النقدي ربما تواجه صعوبات فإن رضوان يؤكد أن ذلك اصبح من السهل التغلب عليه مع تقدم تكنولوجيا الاتصالات حاليا والتي سوف تتيح لكل مستفيد امكانية الحصول علي المخصص له من خلال البطاقات الخاصة بذلك. التحول الثوري ومن جانبه فإن الدكتور أسامة عبد الخالق "الخبير الاقتصادي بمنظمة العمل العربية" يوضح انه رغم ان مصر قد مضي عليها منذ التحول الثوري والعمل بالاشتراكية اكثر من 55 عاما تم فيها تطبيق نظام الدعم العيني وتغيرت كل الظروف المتعلقة بالاشتراكية وأخذت مصر بالنظام الرأسمالي الحر- إلا أن الحكومات المتتالية فشلت في التخلص من رواسب العهد القديم الممثل في نظام الدعم العيني وذلك لعجز مؤسسات الدولة عن تطوير نفسها وتحديث امكانياتها بما يمكن من التحول إلي نظام الدعم النقدي الذي هو أفضل للتوصل إلي نظام رأسمالي سليم وإلي شفافية في الأسعار وإلي سلامة التعامل في الأسواق عرضا وطلبا وإلي صحة التعبير عن المتوسط الحقيقي لدخل الفرد ومن ثم تحديد موقع مصر علي مستوي دول العالم فيما يتعلق باعتبارها دولة نامية أو دولة آخذة في النمو كما يرد حاليا في تقارير التنمية البشرية والتنمية الانسانية الصادر عن الاممالمتحدة بدءا من عام 2002 وحتي الآن. ولاشك ان وجود نظام الدعم العيني والتمسك به هو دليل دامغ علي فشل مؤسسات الدولة في اجراء المسح الشامل والاحصاءات ووضع الخطط اللازمة لحصر المستفيدين من نظام الدعم كما انه مؤشر علي استمرار وجود الفئات الطفيلية المستفيدة من استمرار هذا النظام والذي اثبتت جميع الدراسات انه بمثابة المال السائب الذي هو محل السلب والنهب وان هذا الدعم الذي يكلف الدولة مليارات الجنيهات من أموال دافعي الضرائب وأصحاب المعاشات لا يذهب لمستحقيه وهو أحد اسباب سعي جميع الفئات في الدولة للتهرب الضريبي نظرا لانهم لا يلمسون بجدية وعن قرب خدمات الدولة في شتي صورها.