3 وزراء يعترفون بفشل الحكومة في توصيل الدعم لمستحقيه واصلت حكومة د. أحمد نظيف حملتها لمحاولة اقناع الشعب بضرورة تقليص نفقات الدعم، وخلال الشهر الحالي، كثف وزراء الحكومة الهجوم علي الدعم، واعترف ثلاثة وزراء بوجود خلل في توزيع الدعم، وعدم قدرة الحكومة علي الوصول إلي مستحقي الدعم، واستيلاء الأغنياء علي ثلث الدعم!. اعترافات الوزراء الثلاثة كانت تهدف ليس لإصلاح نظام الدعم الذي عرفته مصر منذ بداية الحرب العالمية الأولي، لكن يهدف إلي اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه الدعم ، حسبما قال وزير التنمية الاقتصادية د. عثمان محمد عثمان، وكشف عن نية الحكومة في الخطة الخمسية المقبلة والتي سيتم البدء في إعداها في مارس المقبل تضمين بند يخص الدعم، لكن كعادة الحكومة لم يفصح عن هذا البند. الاعتراف الأول، جاء من المهندس سامح فهمي، وزير البترول، الأسبوع الماضي، خلال ندوة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، حيث قال " إن نظام الدعم الحالي لا يحقق العدالة في التوزيع، ولا يستهدف الفئات المستحقة، فيما قال علي المصليحي، وزير التضامن الاجتماعي، إن نظام الدعم القائم مازال يعمل وفقا للآليات الموضوعة له منذ عهد الملك فاروق دون مراعاة التغيرات العالمية والمحلية علي المستويين الاقتصادي والسياسي، أما د. عثمان محمد عثمان، فأشار إلي أن نحو ثلث أثرياء مصر يحصلون علي دعم ، مشيرا إلي أن الفقراء يحصلون علي 16 بالمائة فقط من الدعم، فيما تحصل أغني شريحة من السكان علي 28 بالمائة من الدعم!، علاوة علي عدم تكافؤ الفرص في بنود إنفاق الدعم!. وفي علم الاقتصاد، فإن استمرار الدعم لفترات طويلة يكشف فشل الحكومات في تحقيق تنمية مستدامة شاملة تساعد المواطنين علي الخروج من براثن الفقر، والدخول في سوق العمل، لذا نجد الحكومة المصرية دائما ما تضع زيادة السكان كأهم أحد التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي، لأن مصر اختارت نموذجا للتنمية قائماً علي النمو الاقتصادي دون أن يخلق تنمية شاملة، والمعروف أن النمو الاقتصادي وحده لا يحقق التنمية. التقارير الحكومية تشير إلي أن الدعم يمثل إهداراً للموارد، حيث يتحول جزء منه إلي فاقد، فمن المسئول عن ذلك؟، الحكومة أو المواطنون؟ الإجابة بسيطة بالطبع الحكومة، وبدلا من أن تحاسب الحكومة نفسها، تتجه إلي التلاعب بالدعم!. الاتجاه العام داخل الحكومة هو التحول من الدعم العيني إلي الدعم النقدي، أو الدعم النقدي المشروط ، وفي الوقت الذي تؤكد فيه تقارير الحكومة أن الدعم العيني المطبق حاليا ليس له فاعلية كبيرة في تقليل نسبة الفقر، حسبما قال وزير التنمية الاقتصادية، فإن مدير البنك الدولي، سانتياجو هيريرا، أكد أن نظام الدعم الغذائي نجح في انتشال 9 بالمائة من الفقر، مطالبا بزيادة الدعم الغذائي والاهتمام بتحسينه، ولكنه أشار إلي وجود فاقد كبير في الدعم مشيرا إلي ارتفاع الاستهلاك في مصر مقارنة بالعديد من الدول، خاصة دعم الخبز الذي يصل المهدر فيه إلي 31 بالمائة من إجمالي الدعم الموجه له. هيريرا يرفض فكرة وجود نظامين للدعم عيني ونقدي، واعتبرها فكرة غير قابلة للتطبيق في مصر لارتفاع تكاليف تطبيقها، كما يؤكد أن الدعم النقدي غير مناسب لمصر، نظرا للارتفاع المتصارع في التضخم، واستشهد بدعم الخبز، حيث أشار إلي الفرق بين التكلفة الحقيقية للخبز والسعر المطروح به في السوق ارتفعت من 13.5 جنيه للفرد إلي22.5 جنيه. ورغم أن الحكومة تعترف أن 60 بالمائة من الشعب المصري يقاوم فكرة تغيير أسلوب وآليات الدعم، حسبما قال وزير التضامن الاجتماعي، ورغم عدم وجود آليات للتحول للدعم النقدي، ورفض البنك الدولي هذه الفكرة، إلا أن الحكومة مصرة علي التحول للدعم النقدي، والبدء بانتقاء سلعة أو سلعتين كتجربة لقياس مدي فاعلية الدعم النقدي لمساندة الفقراء. الدعم النقدي يتطلب العديد من الآليات للوصول إلي مستحقي الدعم، وبحسب علي المصليحي، فإن الحكومة حصرت حتي الآن 3.5 مليون أسرة فقط تستحق الدعم علي مستوي المحافظات. وفي حالة تطبيق الدعم النقدي ستتم إضافته إلي المرتبات، أما في حالات غير الموظفين فإن الأمر يتطلب عمل استقصاء لدراسة حالتهم الاجتماعية، لكن الأمر الأخطر هو أن الدعم النقدي في ظل غياب رقابة الدولة علي الأسواق، سيؤدي إلي موجات متلاحقة من ارتفاع الأسعار، وظهور الاحتكارات في الأسواق الأمر يؤدي إلي انخفاض مستويات المعيشة للأفراد. إلغاء دعم السولار وتوجيه الدعم لوسائل النقل العام، أحد اقتراحات دراسة البنك الدولي عن دعم الطاقة ستؤدي إلي ارتفاع الأسعار أيضا في حالة الأخذ بهذه الدراسة، نظرا لارتباط أسعار السلع بتكلفة النقل.