رغيف الخبز قضية أمن قومي لا يمكن الاقتراب منه حذر د. جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة أمين اللجنة الاقتصادية في حزب التجمع، الحكومة المصرية من إلغاء دعم المواد الغذائية أو تحويله إلي دعم نقدي، وقال إن حزب التجمع قدم عام 1985 تقريرا بعنوان "دعم الأغنياء ودعم الفقراء" وتم تقديمه إلي رئيس الجمهورية، وطالب فيه بضرورة فصل إنتاج الخبز عن توزيعه لضمان وصول الدعم إلي مستحقيه، وهي الفكرة التي تلقي قبولا وإعجابا حتي الآن. جاء ذلك خلال مناقشة التقرير الأخير الذي أعده البنك الدولي بعنوان «دعم الغذاء في مصر بين المنفعة والتسرب» في أولي حلقات المنتدي الاقتصادي لعام 2010-2011 بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية نهاية الاسبوع الماضي، وحضره ممثلون عن البنك الدولي، وتحدث فيه خبراء اقتصاد منهم د. هبة الليثي، رئيس قسم الاحصاء بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، ود. شيرين الشواربي الباحثة في مجال خفض الفقر بالبنك الدولي ، وطارق مرسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة وقدمته د. منال متولي، مدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد ، وتحدثت أيضا د. عالية المهدي عميد الكلية. رفض د. جودة عبدالخالق قال إن الحكومة ستقوم خلال الفترة المقبلة بتكثيف دراسة قضية الدعم، مشيرا إلي أنه لو تمت الموافقة علي نتائج الدراسة الجديدة التي يعرضها البنك الدولي في هذا اللقاء، فإن النتيجة ستكون إلغاء الدعم نهائياً أو تحويله إلي دعم نقدي، ورفض د. جودة محاولات الحكومة التي تسعي إليها خلال الفترة المقبلة من خفض حصص الدعم أو تحويله إلي دعم نقدي، مؤكدا أن دعم رغيف الخبز يمثل قضية أمن قومي، ولا يمكن المساس به، أو الاقتراب منه ، وقال إن هناك خللا جوهريا في توزيع الدعم لصالح الأغنياء علي حساب الفقراء، وإن دعم الغذاء في مصر تراجعي بمعني أنه يحقق منفعة أكبر للشرائح العليا من الإنفاق، وهناك مشكلة في قضية تسرب الدعم وعدم وصوله إلي المستحقين، بسبب هيكل النظام في مصر.. وطالب د. جودة بضرورة خلط الذرة بالقمح والاستمرار في فصل الانتاج عن التوزيع الذي طبقته الحكومة مؤخرا وكان قد أوصي به في الثمانينيات واصلاح نظام الدعم لتعظيم فائدته. تخفيض وجاء رد د. جودة عبدالخالق تعقيبا علي برنارد فونك ، ممثل البنك الدولي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي أكد ضرورة تخفيض الدعم في مصر وترشيده، مشيرا إلي أن هناك خسارة كبيرة للموارد الموجهة للدعم، ويمكن تحقيق نفس الهدف بموارد أقل ، وقوله إن دراسة تخفيض الدعم وترشيده لا يستهدف بها مصر وحدها، فقد طلبت منه الحكومة العراقية أيضاً دراسة هذا الموضوع وتطبيقه عندها، كذلك طلبت تونس ذلك ، وأضاف أن البنك الدولي يعد ورقة حول تخفيض دعم الوقود والطاقة وترشيد استهلاكهم، سيتم عرضها قريباً علي الحكومة المصرية، فضلاً عن إعداد تقرير لدراسة إنتاج الخبز البلدي والخيارات السياسية المطروحة لتقليل إنتاج بعض الأفران. لا يذهب لمستحقيه وخلال اللقاء قدمت د. شيرين الشواربي ، الباحثة في مجال خفض الفقر بالبنك الدولي، مقتطفات من الدراسة الجديدة عن الدعم الغذائي والتي تحمل وجهة نظر البنك الدولي وقالت إن 45% من إجمالي الدعم يذهب لأغني 60% في مصر، مشيرة إلي أنه يمكن توفير دعم بنسبة 63% لصالح الفقراء. وكشفت عن تسرب الخبز البلدي بنسبة 31% خلال العام الحالي، فيما بلغت نسبة التسرب في البطاقات التموينية 26%، مشيراً إلي أن نسبة الفاقد في الدقيق مازالت كبيرة، حيث تمثل نسبة الفاقد ثلث حجم الدقيق المدعم. وأشارت الدراسة إلي أن تكلفة توصيل الخبز البالغ سعره جنيها هي جنيه و40 قرشاً، وهي تكلفة باهظة جداً تقلل من قيمة الدعم الحقيقية. وذكرت ان تكلفة الدعم المسرب بلغت وفقاً للعام المالي 2008/2009 حوالي 5.5 مليار جنيه يمثل القمح النسبة الكبري منه بنسبة 61%، يليه الزيت بنسبة 18%. وأوضحت أن محافظات الصعيد هي الأقل استفادة من الدعم تليها محافظات الوجه البحري . وأكدت الشواربي قيام البنك الدولي بإعداد دراسة عن دعم الخبز والسلع التموينية في مصر سيتم نشرها قريبًا تظهر نتائجها أهمية الدعم في خفض معدلات الفقر وأنه لولا الدعم لزادت معدلات الفقر بنحو 9% في العامين الماضيين بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات وأشارت إلي اضافة نحو أربع سلع لبطاقات التموين عام 2004 بعد تحرير سعر الصرف ولكنه تم حذف أربع سلع أخري من البطاقات كان المكون الغذائي لها مرتفعًا في عام 2006 وتم توسيع التغطية للمستفيدين في عام 2008. وأشارت إلي أن أهم نتائج الدراسة زيادة نسبة الأسر المستفيدة من الدعم من 76% عام 2004 / 2005 للخبز البلدي إلي 81% في عام 2008 / 2009 كما زادت نسبة المستفيدين ببطاقات التموين من 59% إلي 68% وزاد متوسط نصيب الفرد من 67 جنيها إلي 140 جنيهًا لدعم الخبز ومن 27 جنيهًا إلي 106 جنيهات لسلع البطاقات، وقالت إن هذه الزيادة تواكبها زيادة تراكمية في الأسعار منذ 2005 بلغت أكثر من 50% وأكدت أن نصيب الأغنياء من الدعم أعلي بكثير من فئات الدخول الأخري توليفة وقالت د.عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عضوة لجنة السياسات بالحزب الوطني إن الدعم يحتل نسبة كبيرة من موازنة الدولة، حيث بلغت وفقاً لموازنة عام 2008/2009 حوالي 28% من إجمالي الموازنة، إلا أن هذه النسبة ستتآكل العام الجديد . وقالت انه إذا ثبت معدل التضخم علي هذه النسبة الحالية والبالغة 10% فإن الدعم يتجاوز 23% من الإنفاق العام في الموازنة العامة للدولة رغم محاولات لاستهداف وصوله إلي مستحقيه إلا أنه لم يصل إليهم بعد وقالت إن الدعم النقدي له مزاياه وعيوبه وإنه يتآكل بفعل التضخم وطالبت بايجاد توليفة تجمع بين نوعي الدعم النقدي والدعم العيني.