المفارقة: المرضي يشتكون.. والشركات المنتجة تصرخ

أسعار الدواء.. قضية مزمنة.. تريد حلاً

بعض القضايا في مصر أصبحت دورية لها مواسم ترتفع فيها علي السطح.. ولاتختفي حتي تعود بقوة ويأتي علي رأس هذه القضايا اسعار وتسعير الدواء.
المفارقة هنا ان هذه القضية لا ظالم او مظلوم فيها فالجمهور يشكو ارتفاعها.. والشركات المنتجة تصرخ من ا نخفاض اسعارها وتتلقي سهام النقد والشكوي من الجانبين وزارة الصحة.
وصلت هذه القضية اكثر من مرة الي مجلس الشعب وكان آخرها طلب احاطة تناول ارتفاع اسعار بعض ادوية السكر القلب والكبد وهو الامر الذي دفعنا مجددا الي فتح الملف ليس فقط لماذا ارتفعت اسعار الادوية؟ ولكن كيف نغلق تماما هذا السؤال؟ وهذا هو ما نحاول رصده من خلال السوق الخبراء والمسئولين والشركات المنتجة للدواء.
في البداية يوضح د.عز الدين الدنشاري استاذ الادوية والسموم بكلية الصيدلة جامعة القاهرة ان مشكلة رفع اسعار بعض الادوية وخاصة لامراض القلب والكبد والسكر ناتجة عن ان الدواء الآن اصبح خاضعا لمنافسة عالمية شديدة علي مستوي شركات الدواء العالمية العملاقة وظهر ذلك بصورة اكبر بعد نفاذ اتفاقية الملكية الفكريةواصبحت الشركات المنتجة للدواء تحتكر حق الاستفادة من هذا المنتج لمدة 20 عاما بدلا من 5 سنوات قبل توقيع الاتفاقية، وخاصة للادوية التي ليس لها بدائل اخري واصبحت تحتكر بذلك انتاج هذه الادوية وتفرض السعر الذي تراه.
ويضيف د.الدنشاري ان هذه الشركات تضع في حسباتها عدة عوامل للتسعير من اهمها تكلفة هذا الدواء منذ اجراء والأبحاث الخاصة به وابتكاره والذي قد يستغرق فترة تتراوح بين 10 و 15 عاما وقد تصل التكلفة الي نحو مليار جنيه للدواء الواحد فقط كما يؤخذ في الاعتبار ارتفاع اسعار المواد الخام والأجور والمرتبات والارباح الخاصة بالشركة وحقيق العائد المناسب لهذه الاستثمارات بالاضافة الي اسعار المواد المستخدمة في تصنيع الدواء التي ترتفع من وقت لاخر وفق آليات السوق ويساعد في زيادة تأثيرها انخفاض قيمة الجنيه امام العملات الاجنبية الاخري.
الحل في الهيئة
ويقترح د.الدنشاري انشاء هيئة عليا مستقله لبحوث الدواء تضم الكفاءات المختلفة من المتخصصين والخبراء من مختلف الجامعات وتقوم بدراسة مشاكل الدواء والعمل علي اجراء البحوث والدراسات بحيث نستطيع مستقبلا انتاج مايقرب من 90% من الدواء محليا ويكفل ذلك التحكم في تسعير الدواء الذي سيكون في هذه الحالة ارخص من الاعتماد علي الادوية المستوردة من الشركات العالمية العملاقة كما يجب انشاء مصانع متخصصة لانتاج المواد الخام التي تدخل في صناعة الدواء سواء كانت فاعلة او غير فاعلة ويقول اننا اذا نجحنا في إنتاجها نستطيع تحديد اي سعر نريده لاي منتج من الادوية المصنعة محليا.
تأمين صحي شامل
ويري د.علاء السمان مدير التسويق والدعاية لاحدي شركات الاستثمارية ان اسباب ارتفاع اسعار الدواء تأتي نتيجة الارتفاع اسعار المواد الخام وفرق سعر العملة والتأخير الطويل في رفع اسعار الدواء بالاسواق المحلية ويؤكد ان الخروج من هذه الازمة بشكل عام يتطلب تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل للمواطنين ويشير هذا النظام قد ثبت نجاحه في دول اوروبية وعربية وغربية بشكل سريع ووشعر به مواطنو تلك الدول ويؤكد ان ذلك من شأنه توفير اعيار كبيرة حيث سيوفر علي الدول تلك المبالغ التي يتم تحصيلها من المواطنيين للاستفادة من التأمين الصحي والعمل علي توفير اصناف الدواء المستوردة للمواطن داخل الصيدليات والمستشفيات كما ان المواطن لن يشعر بأنه يدفع مبالغ باهظة لترفير الدواء نتيجة لتحكم الشركات العملاقة العالمية في انتاج التي تحتكر الان معظم الادوية الخاصة بالامراض المزمنه للقلب والسكر والضغط وامراض الكبد.
مصر الارخص
ويتفق مع الاراء السابقة د.احمد الحكيم رئيس لجنة السياسات الدوائية بشركة فايزر مصر ويؤكد ان الدواء المحلي الذي قامت الشركات المصرية بتصنيعه محليا مازال مسعرا بسعر صرف 3،4 جنيه للدولار الواحد بالرغم من ارتفاع الدولار امام الجنيه عدة مرات حتي وصل الي 73و5 جنيه ويري ان ذلك يكبد الشركات خسائر ضخمة ويوضح الحكيم ان الزيادة في اسعار الدواء لاتزيد عن ،13 4% لاجمالي المنتج من الدواء محليا ويوضح ان الدليل علي ذلك ان مصر مازالت ارخص دولة في العالم في اسعار الدواء حيث لايزيد سعر 60% منها علي 10 جنيهات للدواء الواحد يعني ذلك ان الشركات العالمية الموجودة في مصر او الشركات المحلية تعاني وتحقق خسائر ضخمة نتيجة لارتفاع اسعار المواد الخام المستخدمة في صناعة الدواء والتي يتم استيراد نسبة تتراوح بين 70 و80% ويتعجب د.الحكيم من رصد بعض المسئولين لاسعار الدواء حيث يفترض ان يكون لديهم تصور محدد لعملية تحريك الاسعار والتأكد من وصول الدعم لمن يستحقه بدلا من التفتيش والرقابة علي الاسعار بهذا الشكل.
ويوضح ان فايزر قامت بتحريك بعض الاسعار للادوية الخاصة لها بالسوق المصري خلال السنوات الاربع الاخيرة بمتوسط لايزيد علي 2% فقط ولايشمل ذلك اي ادوية متعلقة بامراض السكر او القلب او الضغط وانما ادوية اخري ليس عليها اقبال كبيره وشدد علي ان مصر لم ترفع سعر دواء واحد منذ بداية عام 2006 كما انها لاتنوي رفع سعر اي عقار خلال هذه الفترة.