أصبح يوم 8 مارس 2006 يوما مميزا في تاريخ بورصة نيويورك حيث تحولت شركة نيس NYSE التي تديرها أخيرا من شركة خاصة إلي شركة عامة مسجلة في البورصة.. وكانت نيس قد استكملت قبل ذلك بيوم واحد اندماجها مع شركة أرتشيبلاجو التي تملك شبكة تداول الكتروني للأسهم لتعرف شركة الاندماج من الاَن فصاعدا باسم نيس جروب. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن نيس سوف تتحول هي الأخري في وقت قريب إلي التداول الالكتروني للأسهم وأن ذلك سيبدأ خلال العام الحالي.. ومن المعروف أن حجم التداول في نيس يبلغ نحو مليار سهم يوميا وأنها تعتمد علي السماسرة والوسطاء في طابق التداول منذ تأسيسها قبل أكثر من 200 سنة. ومن المنتظر أن يسفر تحول نيس إلي التداول الالكتروني عن زيادة أرباحها وزيادة حجم التداول اليومي الذي تنفذه.. وهذا هو ما سبق أن حدث في البورصات الكبري التي تحولت إلي التداول الالكتروني مثل بورصة شيكاغو وبورصة فرانكفورت. وتقول الأرقام إن بداية نيس جروب كشركة مسجلة كانت بداية ناجحة حيث كان سعر سهمها عند الافتتاح الأول 67 دولارا وهو ما جعل القيمة السوقية للشركة تزيد علي 10 مليارات دولار، ومع نهاية اليوم صعد سعر السهم إلي 80 دولارا. وعلي عكس تجارب البورصات السابقة فقد اندمجت نيس مع شركة مسجلة بالفعل وهي كما أشرنا شركة أرتشيبلاجو وكان سعر سهمها وقت إعلان الصفقة في ابريل 2005 لا يتجاوز ال 17 دولارا ولكنه قفز إلي 64 دولارا في الشهر نفسه وهذا يعني ترحيب السوق بصفقة الاندماج. وحتي الاَن تبدو استراتيجية نيس هي الجمع بين التداول الالكتروني للأسهم والتداول عبر السماسرة علي أن يتم التخلص من هذه الازدواجية تدريجيا لصالح التداول الالكتروني. وينتقد بعض المراقبين هذا الأسلوب المخلط للتداول ويتوقعون أن تتحول بورصة نيويورك إلي التداول الالكتروني بالكامل في غضون عامين فقط من الاَن.. ويقول الخبراء إن ذلك سيصبح ضرورة لتفادي الفارق في السرعة بين تدفق المعلومات عبر شبكة التداول الالكتروني وبين تدفقها البطيء نسبيا عبر السماسرة. ومن الصعوبات التي تواجهها بورصة نيويورك بعكس البورصات المستقبلية الكبري أن عملية التداول عبرها تتم في أكثر من مكان. وفي العام الماضي لم تتجاوز نسبة الأسهم التي تداولت في مقر بورصة نيويورك 72% من جملة الأسهم المسجلة لديها.. أضف إلي ذلك أن بورصة ناسداك قد اندمجت هي الأخري أخيرا مع بورصة INET التي يتم التداول فيها الكترونيا بالكامل وهو ما يجعل منهما منافس خطير لبورصة نيويورك وأكثر من ذلك فإن البنوك الاستثمارية الكبري بدأت تدعم البورصات الاقليمية الناشئة في بوسطن وفيلادلفيا كبورصات منافسة لبورصات نيويورك. ورغم أن بورصة نيويورك معروفة بأنها بورصة أسهم فإن رغبتها في تعزيز ربحيتها جعلتها تسعي لتكون ساحة لتداول السندات أيضا وإن كانت تواجهها صعوبات كثيرة علي هذا الطريق. وعلي جانب اَخر فإن لجنة مراقبة البورصة SEC تعد حاليا لائحة جديدة تستهدف زيادة كفاءة وشفافية تداول الأسهم في البورصات الأمريكية وهو الأمر الذي سيعمل لصالح انتشار التداول الالكتروني علي التداول عبر السماسرة. ويقترح بعض المراقبين تأجيل صدور هذه اللائحة إلي حين تحول بورصة نيويورك إلي التداول الالكتروني بالكامل حتي لا يترتب علي صدورها أية مشاكل تزعزع الثقة في بورصة نيويورك التي تعد أكبر بورصات العالم. ويقول هؤلاء المراقبون إنه ليس من المصلحة استعجال هذا التحول وأن الأكثر إفادة هو تأجيل صدور اللائحة إلي حين إتمامه بشكل طبيعي وبدون فجوات أو عثرات. ويذكرون أنه كانت هناك سابقة منذ 30 سنة رفض فيها هارولد ويليامز رئيس لجنة مراقبة البورصة يومها رغم ضغوط الكونجرس تطبيق لوائح جديدة علي بورصة نيويورك تخص التقنيات التي كانت مستخدمة اَنذاك حتي تتهيأ البورصة تماما للتعامل مع تلك اللوائح. وقد قال ويليامز لرجال الكونجرس يومها إننا نتعامل مع ثقة العالم ويجب علينا أن نحافظ علي هذه الثقة.. وهو أمر يحسن تكراره هذه الأيام.