ثلاث أوراق مهمة ناقشها المؤتمر العلمي السابع للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية تناولت الورقة الأولي قضية التكامل العربي وسبل تحقيقه والمعوقات التي تقف عقبة أمام تحقيقه وناقشت الورقة الثانية مأزق منطقة التجارة العربية الحرة في ظل آليات العولمة الاقتصادية وظروف التنمية في بلدان العالم الثالث أما الورقة الثالثة فبحثت تطبيق نموذج التنمية الرأسمالية في مصر. "العالم اليوم" تعرض هذه الأوراق الثلاثة. تناولت الدراسة الخاصة بالتكامل العربي معوقاته وسبل تحقيقه والتي أعدها خبير الاقتصاد العربي الاستاذ الدكتور "عماري عمار" كيف يكون من الصعب علي بلد بمفرده تحقيق تنمية اقتصادية وتطور اجتماعي متسارع ونمو اقتصادي دون الانخراط في تكتل اقليمي مبني علي اسس واضحة ورغبة سياسية حقيقية من باقي الدول الأعضاء في تحقيق المنافع والفوائد من هذا التكتل الاقليمي ولذا فقد برزت عدة تجمعات اقتصادية كالاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "NAFTA" وجمعية أمم جنوب شرق آسيا "ASEAN" وأن مسألة التكامل الاقتصادي العربي قد مرت بعدة محاولات تكاملية تصب كلها في مجري التكامل الاقتصادي الا أن معظمها لم تتحقق في الواقع الفعلي وهكذا تكاد تكون المنطقة العربية هي المنطقة الوحيدة في العالم الخالية من أي تجمع أو تكامل اقليمي اقتصادي كبير رغم امتلاكها لمؤهلات تحقيق هذا التكامل من موارد مختلفة ومقومات تاريخية ودينية وحضارية وطبيعية، وهنا يطرح "عماري" سؤالين رئيسيين ويتناول الاجابة عليهما هما "1" ما المعوقات المختلفة التي تعيق عملية قيام تكامل اقتصادي عربي؟ "2" ما السبل والطرق والوسائل التي تؤدي إلي تحقيق هذا التكامل العربي المنشود؟ معوقات سياسية ويوضح الدكتور عماري أن هناك العديد من المعوقات التي تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي العربي فهناك معوقات سياسية وأخري اقتصادية وأيضا اجتماعية فأما المعوقات السياسية فعلي حد ما يقول "عمار" في دراسته إن غياب الإرادة السياسية من بين العوامل المهمة التي لعبت ولازالت تلعب دورا مهما في مسيرة عملية التكامل الاقتصادي العربي ومادامت عملية التكامل الاقتصادي هي في النهاية عملية تجمع اقتصادي بين مجموعة من الدول ينتج عنها تغيرات مهمة في الأوضاع الاقتصادية لذا فإنه من الضروري أن يتطلب الإطار السياسي الذي تقوم فيه تلك العملية قدرا من المرونة في التعامل كتنازل كل دولة عضو في العملية التكاملية عن جزء من سلطتها في اتخاذ أنواع معينة من القرارات لصالح التكامل وبالتالي فضعف الارادة السياسية والتي تتمثل في عدم وضوح الفوائد الكبيرة المتبادلة نتيجة التكامل الاقتصادي أدت الي التأخير في التطبيق الفعلي لهذه الاتفاقيات. وفيما يخص التجربة العربية في محاولتها التكاملية بشكل عام فقد قامت لجنة تعديل ميثاق جامعة الدول العربية بدراسة أكثر من 4000 قرار صدر عن مجلس الجامعة منذ 1945 وحتي 1981 وتوصلت إلي أن أكثر من 80% من هذه القرارات المتخذة بالاجماع لم ينفذ معظمها وبالتالي فإن العملية الاقتصادية العربية لم ولن تتحقق مالم تتوافر الارادة السياسية الضرورية لتحقيق تلك العملية أو بتعبير أفضل ما لم يكن هناك قرار سياسي أو توافق مشترك من طرف الأجهزة والسلطات التي تمارس السلطة السياسية في كل دولة عضو مع عدم الاكتفاء بمجرد إصدار القرارات التي بموجبها يتم انشاء تكامل اقتصادي ومن هنا فالتكامل الاقتصادي العربي يتطلب ارادة سياسية تتميز بالجدية والصرامة والاستمرارية. ومن بين المعوقات السياسية الأخري التي تؤثر سلبيا علي التعامل الاقتصادي العربي يقول "عمار" إن زيادة وتنامي الضغوط الخارجية علي الدول والأنظمة العربية مثل وقوف جهات أجنبية في وجه أي تجمع عربي ومحاربته من وراء الستار والضغوط التي تمارسها بعض المؤسسات الدولية علي الدول العربية أحد أهم المعوقات السياسية التي يجب الاشارة اليها.