داخل مكاتبنا، وفي بيوتنا العديد من العملات الصعبة من الفئات الصغيرة بعضها ورقي أو معدني مثل الدولار.. واليورو.. والاسترليني.. أو بالين وغيرها من العملات الأجنبية، وينتهي مصيرها دائماً إلي الحفظ أو الاحتفاظ بها كتذكار لرحلة أو لعدم الاهتمام بالتصرف فيها لتدني العائد من تغييرها إلي الجنيه المصري، خاصة بالنسبة للعملات المعدنية التي لا تتعامل بها الصرافات أو البنوك. والحكاية التي نطرحها في هذه السطور نتناول هذا النوع من العملات الأجنبية المنسية في منازلنا ومكاتبنا.. كيف يمكن أن نستفيد منها.. وهل من الممكن أن نجد آلية ما للاستفادة منها باعتبارها ثروة مهدرة سواء من خلال العمل علي تغييرها أو إيجاد أوعية إدخارية خاصة بها علي أساس الحكمة الاقتصادية الدائمة "القليل.. علي القليل.. كثير"! وظاهرة العملات المعدنية بالتحديد شهدت في وقت سابق ظاهرة أحد الأشخاص الذي كان يمر بحقيبة علي شركات الصرافة لجمع ما تيسر له من هذه العملات وبحيث يقوم بالسفر لاستبدالها في إحدي الدول العربية، خاصة أن هذه العملات المعدنية من النقد الأجنبي لا يتم التعامل بها داخل مصر، ولا يقوم أي مكتب للصرافة أو البنوك بتبديلها. ورغم أن هذه الظاهرة يحكيها مسئول سابق بقطاع النقد الأجنبي إلا أن محمد مصطفي عيد صاحب إحدي شركات الصرافات يتم التعامل بالعملات الورقية فقط "البنكنوت"، أما العملات المعدنية فلا يتم التعامل بها نتيجة صعوبة التعامل معها سواء في الحفظ أو العد وارتفاع تكاليف نقلها وحفظها وذلك علي حد قوله مشيراً إلي أنه لا يمكن واقعياً أن يتوجه عميل إلي بنك أو شركة صرافة لتغيير عملة معدنية قد لا تساوي جنيهاً أو أقل من ذلك، وبالتالي فلا يوجد طلب عليها سواء بالبيع أو الشراء. يوضح نفس المعني فتحي علي إبراهيم صاحب إحدي الصرافات بقوله إن العملة التي تتعامل بها الشركات لابد أن يكون له سوق، وبالتالي فان الطلب يعد معدوماً علي العملات الورقية من الفئات الصغيرة أو المعدنية، اللهم إلا داخل الأسواق الحرة. وعلي الرغم من تأكيد أسامة الطوخي صاحب شركة للصرافة من عدم وجود مثل هذه التعاملات، من جانب العملاء سواء لغرض الاستيراد أو السفر للخارج، إلا أنه يؤكد أن هذه العملات الصغيرة يمكن أن تصبح في النهاية ثروة لها وزن لأن "القليل علي القليل كثير" علي حد قوله. وفي المقابل يصف الدكتور محمد رضا العدل أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان هذه العملات من الفئة الصغيرة أو المعدنية تمثل "ثروة مدخرة" علي حد تعبيره ويصيف ذلك بأنه يعبر عن حالة من عدم الوعي، لافتا إلي انه لا يمكن ابدا تناول هذه القضية في معزل عن عدم قدرتنا علي التعامل مع العملة الوطنية الورقية من فئتي الخمسة والعشرة قروش، مؤكدا أن عزوف الصرافات عن التعامل بالفئات الصغيرة أو المعدنية يرتبط بالدرجة الأولي بمدي الوعي الاقتصادي في المجتمع. كما تشير الدكتور نوال التطاوي وزير الاقتصاد والتعاون الدولي إلي أن هذه القضية من القضايا المهمة التي لم يلتفت أحد إلي خطورتها وأهميتها من قبل وتوضح أن الانظار بدأت تتجه إليها مشيرا إلي أن مشروع هيئة البريد بتنفيذ تجربة رائدة من خلال اصدار دفتر توفير بريدي بالدولار الأمريكي والتي تستهدف بالدرجة الأولي المدخر الصغير بالنقد الأجنبي وتعرب عن أملها أن يتم اصدار دفاتر أخري لباقي العملات الأجنبية المتداولة. أما الدكتور محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط القومي فيري أن مثل هذه العملات ذات الفئات الصغيرة اذا نظرنا إليها بصورة شاملة سنجد أنها تمثل قيمة ولكن بشرط تجميعها وهو ما يري أنه من الصعب أن يتم علي أرض الواقع، لأن البنك لا يمكن أن تتداولها في تعاملاتها اليومية لأن من أهم خواض النقود أن يتوافر عنصر الملائمة لاستخدامها.