يسيل دم الفلسطينيين فوق أرض غزة يوميًا على يد الصهاينة، كاشفًا عن مصرع النخوة والكرامة العربية، وتستر العالم على جرائم أخلاقية وقانونية وإنسانية تُرتَكَب جهارًا نهارًا، ضد الأبرياء المدنيين المذبوحين بالصمت الدولى المخزى، وإصرار اليمين الإسرائيلى المتطرف على مواصلة جرائم الإبادة الجماعية باستخدام كافة أنواع الأسلحة حتى المحرمة دوليا. لقد أصبح قطاع غزة كله تحت الجحيم، بينما راح سكانه يحاولون النجاة بأنفسهم من الموت ليجدوا أنفسهم ثانية فى أحضان الموت، لا صوت يعلو فوق صوت القصف بالطائرات والمدافع والدبابات والقنابل، لتعج الشوارع بالمستنجدين المملوئين بالذعر والفزع حفاة، عراة، جياعا، عطاشى، إن لم تقتلهم الأسلحة الإسرائيلية، فسيقتلهم الخوف، من أين؟ وإلى أين؟ ماذا قبل؟ وماذا بعد؟ كيف النجدة؟ وممن؟ متى الخلاص؟ أما آن الأوان كى ينتهى هذا الكابوس؟. الفعل يحصد الأرواح بلا رحمة، «الأطفال، النساء العجائز المعاقين» والفاعل المجرم ليس مستترًا، وظاهرا حتى للعميان، ومرفوع على أكتاف الطغاة والإمبرياليين من حماة الظلم والقهر، أمثال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى أعلن منذ اللحظة الأولى لترشحه للانتخابات لفترة رئاسية ثانية، أنه الداعم الأكبر لإسرائيل والمدافع عن أمنها وأمانها والداعم المادى والعسكرى لمواصلة إسرائيل اعتداءاتها ليس على غزة فحسب، وإنما على الدول الضعيفة بسبب نزاعاتها الداخلية كسوريا ولبنان واليمن وا وا، الغريب أن هذا الرئيس وأثناء وجوده فى بلدان الخليج، يعلن صراحة أنه ليس واثقا من قدرة نتنياهو على استعادة الأسرى الإسرائيليين وتخليصهم من قبضة حماس، بالقوة، لكنه – أى ترامب – مستنكرًا ما يتعرض له الغزيون من قهر وظلم فظيع ومروع غير قابل للاستمرار ولا يمكن السكوت عليه، وكأن ما يقع من جرائم فى قطاع غزة، ليس مصنوعًا فى مطبخ الأمريكيين والإسرائيليين، وكأن ما يقع من جرائم فى قطاع غزة غير متفق عليه ومبارك ومرضى عنه من اللوبى الصهيونى المسيطر على مفاصل القرارات فى الولاياتالمتحدة. كل ذلك يؤكد أن ترامب كذب ويكذب، عندما أكد أن غزة سوف تشهد انفراجة فى الأيام القادمة، فمن أين ستأتى هذه الانفراجة؟ وما بوادرها؟ هل هى فى مئات مليارات الدولارات التى حصل عليها ترامب من الأشقاء فى بلدان الخليج العربى؟ أم فى مواصلة إسرائيل ارتكابها للمجازر ليطمئن نفسه أثناء زيارته للشرق الأوسط؟ يبدو أن إسرائيل قد جُن جنونها، ولثقتها فى دعم ترامب لها، تفعل ما تفعل، دون تردد ولا خوف من مساءلة، لذلك تتخذ خطوات منافية للعقل والمنطق، وتحارب الفلسطينيين بمنتهى التجبر والوحشية، لتقتل كل مظاهر الحياة فى القطاع، على مدى 11 أسبوعًا، عندما أحكمت حصار قطاع غزة، ومنعت أهله من الخروج منه أو الدخول إليه، كما منعت الغذاء والماء والدواء والكهرباء والغاز، وقصفت المستشفيات وأخرجت غالبيتها من الخدمة ومنعت عنها المستلزمات الطبية والأدوات الجراحية والعقاقير لتعجزها عن تقديم الخدمة الصحية للمحتاجين إليها من المرضى والجرحى وأصحاب الإصابات الخطيرة وكذلك هاجمت أماكن النزوح التى يحتمى بها الأبرياء. إن إسرائيل – الآن – تحارب كى تحارب، وتقتل لتقتل، وتكذب رغبة فى الكذب، هى غير معنية بتحرير أسراها من قبضة حماس بقدر ما هى راغبة فى نشر الموت فى ربوع القطاع، السلام بالنسبة للصهاينة كائن فى استسلام الفلسطينيين أو القضاء عليهم، كل ما يعنى ترامب من الشرق الأوسط، هو الاستيلاء على النفط والذهب والمعادن، وكل ما يسعى إليه نتنياهو هو مباركة الرئيس الأمريكى لتحركات إسرائيل الإجرامية ومشاريع زعاماتها الاستيطانية. للأسف الشديد فى ظل هذا المناخ المفعم بعبادة المصالح والتعطش للدم، يعيش الغزيون فى الحياة أمواتًا أو يموتون أحياء، كلما يجدون مكانًا يهربون إليه، فإذا بهم يفرون منه لآخر، تارة من الجنوب إلى الوسط إلى الشمال وبالعكس، لا مأمن لأحد ولا أمان، من السماء موت، وفوق الأرض وتحتها، نزيف الدم المتواصل لا يجد من يوقفه، والقتلى الفلسطينيون مجرد أرقام فى عداد لا يتوقف من «7/10/2023»، الأحداث المؤلمة متجددة، إن خرج الناس بحثًا عن الطعام، فالموت فى انتظارهم، وكذلك إذا صلوا فى الكنائس والمساجد فالموت فى انتظارهم وإذا بقوا فى ديارهم، تتُهدَم فوق رؤوسهم، لا شوارع يمكنك المشى فيها، ولا مقرات حكومية ولا مدارس ولا أقسام شرطة، القمامة تنشر الأمراض ومياه الصرف الصحى فى كل مكان، الحياة موجودة بالاسم فقط، لكن الفعل يؤدى للموت ونشر الموت وهجرة الفلسطينيين من الموت إلى الموت.