هو من أكثر أبناء جيله جسارة في اختراق التابوهات, ومن أكثرهم حماسا لقضايا وأوجاع المرأة المصرية, وقد نجحت أفلامه في ملامسة هموم الشعب بمختلف أطيافه. تأثر بالسينما الواقعية، وامتلك لغة سينمائية مليئة بالشاعرية والدفء والنعومة. إنه المخرج الكبير مجدي أحمد علي الذي شارك في العمل السياسي منذ مطلع شبابه, وترأس اتحاد الطلاب في الجامعة، ووقع في هوي الاشتراكية.. لعب دورا بارزا في حركة كفاية، وكان أحد رموز ثورة يناير المجيدة.. انحاز في أفلامه لمشاكل الطبقة الوسطي وغاص في أعماقها بحساسية مرهفة, فجاءت أفلامه بمثابة صرخات تحذيرية للمجتمع كي يستيقظ من ثباته, وأن ينفض غبار التخلف والرجعية.. ولعل أبرز أفلامه التي تركت بصمة وستظل من علامات السينما المصرية هي: "يا دنيا يا غرامي", و"أسرار البنات", و"البطل" و"خلطة فوزية"، كما عمل كمساعد مخرج في أكثر من فيلم منها: "الغرقانة" و"رغبة متوحشة" و"كابوريا", و"أحلام هند وكاميليا". وقام بإخراج العديد من المسلسلات التليفزيونية المتميزة مثل "الحب موتا" "فريسكا", وغيرها.. الآن أوشك مجدي أحمد علي علي الانتهاء من فيلمه الأخير "الميدان" الذي جسد مشاهد حية من قلب ميدان التحرير.. وقبل عدة أيام اصدر وزير الثقافة د.شاكر عبد الحميد قرارا بتعينه رئيسا للمركز القومي للسينما.. حول رؤيته لتفعيل دور المركز، وأحدث أعماله والعقبات التي تواجهه وأزمة السينما, والتطرف الديني والإرهاب الفكري, وظاهرة الاقتباس, وسينما المؤلف وغيرها من القضايا دار هذا الحوار: في البداية سألناه عن رؤيته لثورة يناير باعتباره من المشاركين فيها؟ قال إنها ثورة ليست مسبوقة في التاريخ الإنساني كله، وهي أول ثورة ديجيتل، ثورة بلا قائد، اعتمدت علي وسائل التكنولوجية الحديثة، وانطلقت من خلال الفيس بوك، الأمر الذي لم يحدث من قبل في أي ثورة في العالم، ورفعت شعار "سلمية" رغم بطش النظام وقسوته في التعامل مع الثوار. اعتقد أن الحرية قادمة لا محالة وأن مصر سوف تستعيد ريادتها علي العالم العربي مجددا، لأني أثق بقوة في الشعب المصري، وقدراته، وانه خلال سنوات قليلة سوف يندمج مع العالم العصري والحداثي، وسوف يتطور ويتفاعل مع الغرب. الإرهاب الفكري صرحت قبل ثورة يناير بأن النظام السياسي في مصر يدعم التطرف الديني، ولا يدافع عن مثقفيه، فأصبحوا جبناء.. كيف؟ هذا صحيح تماما.. فالنظام السابق لم يشجع مناخ الحرية والليبرالية, ولم يقف مع المثقفين أو المعارضين له!َ! بالإضافة إلي أن الإخوان اخترقوا جميع أجهزة الدولة، وأشاعوا حالة من الإرهاب الفكري عبر القنوات الفضائية والبرامج الدينية التي تؤكد الفكر الوهابي. باختصار بات الخطاب الديني شديد التخلف وذلك بالتواطؤ مع الدولة الصامتة. التيارات الرجعية والآن وبعد انتهاء الانتخابات بمراحلها الثلاث، كيف تري المشهد بعد صعود التيارات الدينية والسلفيين إلي سدة الحكم؟ للأسف تلك التيارات لا تؤمن بالديمقراطية، وينظرون إليها باعتبارها كفر!! ويروا أنهم ممثلون لكلام ربنا، وليس لديهم إيمان بالآخر، كما يؤمنون بأنهم الحق المطلق، والصواب المطلق، ولا أعرف من أين أتت لهم تلك المليارات التي تستخدم من أجل تكبيل دور مصر الريادي، خاصة وأن مصر تشكل خطرا جسيما علي كل التيارات الرجعية بما فيها إسرائيل، لذا يجب علي كل المصريين التكاتف لأن المعركة خطيرة للغاية. وفيما يخص تصريحات السلفيين حول الأدب والفن، فهي تدل علي أنهم أناس لديهم أفكار متطرفة، ويشكلون تهديدا علي حرية الإبداع، وسوف نتصدي لهم بعنف شريطة أن يكون هناك إبداع حقيقي، بمفهوم أدق، نحن نحتاج لتغيير نمط الإنتاج السينمائي السائد، لأنه بالفعل هناك أزمة شاملة في مختلف الفنون في السينما والمسرح والثقافة بشكل عام، كل ذلك في حاجة لإعادة صياغة، وبالفعل لا يوجد لا إنتاج سينمائي ولا مسرحي، لذا يجب أن نقوي مؤسسات الإبداع، وأن نغرق السوق بالأعمال الجيدة، وهنا نستطيع أن نقف بالمرصاد لمن يحاول الاعتداء علي الفن، وأنا مؤمن بأن الإبداع سيقاوم الظلام القادم، ويجب أن يعلموا أن للفن رسالة وأسلوبا مختلفا عن الأساليب الأخلاقية، وهذا لا يعني إننا نريد أساليب إباحية، لكن الفن والحرية وجهان لعملة واحدة، واعتقد أن الحرية قادمة رغم أنف المتطرفين. دعم السينما ما خطتك للنهوض بالمركز القومي للسينما؟ أولا يجب أن يستعيد المركز دورة كمؤسسة مسئولة عن سياسة الدولة تجاه السينما، وهناك العديد من القضايا مطروحة للنقاش، من بينها وضع سياسة جديدة لدعم السينما، ولدعم الأفلام المتميزة، والأفلام المستقلة، بالإضافة لضرورة تعديل سياسة تنظيم المهرجانات، والإنتاج السينمائي، وهناك العديد من الملفات التي تحتاج اهتماما وتطويرا، ونحن الآن بصدد البحث عن سبل لزيادة الموارد، نظرا لضعف الميزانية. أجواء الثورة ما أسباب تعثر فيلمك الأخير "الميدان"؟ وما الجديد الذي يطرحه الفيلم؟ لقد تحمست بشدة لهذا العمل لأنة يتناول أحداث الثورة من خلال شخصية حقيقية كانت قد استضافته الإعلامية مني الشاذلي في برنامجها العاشرة مساء، وهو الدكتور طارق حلمي، ذلك الطبيب جراح القلب الذي لا علاقة له بالعمل العام ولا يقرأ حتي الصحف، لكن حدث له تحول كيفي مع إحداث الثورة حيث وجد نفسه هو وأسرته في قلب الميدان يشاركون الثوار أحلامهم ويطببوا جراحهم، والفيلم يجمع بين الخط الروائي والتسجيلي وأجواء الثورة، ويلعب بطولته باقة من شباب ميدان التحرير لأنهم جزء من نسيج الثورة، والفنانون أحمد عبد العزيز ونهي العمروسي وولدي أحمد مجدي. وتعثر الفيلم لأنة لا توجد "فلوس" والفيلم في حاجة إلي منتج حتي يكتمل، علما بأنني سعيد بتوقف العمل في الفيلم لأنة كان من المقرر أن ينتهي عند لحظة تنحي الرئيس المخلوع، وبالطبع سيتم تغيير النهاية لأن هناك أحداثا ضخمة لا يمكن تجاهلها. بلاغ للنائب العام ماذا عن مسلسل"مداح القمر"؟ وما الجديد الذي دفعك لتناول سيرة حياة الموسيقار بليغ حمدي؟ أري أن حياة الفنان بليغ حمدي مليئة بالدراما والأحداث المثيرة علي الصعيدين الشخصي والوطني، والمسلسل سيتناول رحلة بليغ الفنية والإنسانية باعتباره بشر يصيب ويخطئ.. وقد تم الاتفاق علي كل التفاصيل وتم اختيار النجوم، وسيشارك في العمل ما يقرب من أربعمائة شخصية.. لكن وعلي الرغم من انه حسمت كل القضايا المتعلقة بالمسلسل، فإن رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي السابق سيد حلمي وقف حائلا دون الشروع في بدء العمل!! ووصل الأمر إلي أن تقدمت ببلاغ للنائب العام بشأن المسلسل، ولكنه لم يفعل شيئا أيضا!!. الأفلام السطحية في نظرك ما أسباب أزمة السينما؟ في تقديري أن أزمة السينما مركبة خاصة من جهة صعوبة الإنتاج ودور العرض والتوزيع من ناحية أخري ، وغياب السيناريوهات الجيدة، وانتشار موجة الكوميديا والأفلام التجارية السطحية، كل هذه العوامل أدت لإبعادي أنا وأبناء جيلي عن المشهد السينمائي لفترة ليست قصيرة, بجانب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المجتمع المصري، خاصة أن السينما تعد بمثابة انعكاس لحال المجتمع وكل ما يعانيه. لكني أتصور أن الأمور تتجه نحو الأفضل، فهناك عدد كبير من الأفلام المنتجة، بالإضافة إلي دعم وزارة الثقافة للسينما، بجانب انحسار موجة الكوميديا الركيكة التي عانينا منها لسنوات. لذا يجب أن تواصل الدولة دعمها واهتمامها بالسينما، وأن تقدم مزيدا من التسهيلات، بفتح دور عرض جديدة، وأن تلغي الضرائب علي السينما والمسرح باعتبارهما منتجان ثقافيان، وحتي لا نتساوي بدافعي ضريبة الملاهي الليلية والمراجيح!! من هنا يجب أن تغير الدولة نظرتها للسينما، وأن تدرك الدور التنويري لها.