فسدت الحضارة الغربية بفعل المال الأمريكي كل يوم يمضي يضيف الي الصورة المخادعة والاحتيالية لما سمي بالديمقراطية الغربية جديداً. مع الاخذ بالاعتبار ان العالم الغربي كله مهان وغاضب لان رئيس وزراء اليونان اعلن انه ذاهب نحو السماح للشعب اليوناني كي يقرر مصيره بدلاً من ان يقرر هذا المصير من خلال حفنة من المصرفيين والسياسيين والبروقراطيين وعلي حساب دافعي الضرائب في "محادثات" تجري في المنتجع الفرنسي "كان" علي البحر الابيض المتوسط. يواجه الاقتصاد اليوناني عامة الرابع من الافول والانحدار ويفتقر الي العوائد من اجل خدمة الدين الوطني الذي تمسك به. بنوك اوروبية خاصة. وهذه البنوك لا تريد ان تخسر اي اموال، وهكذا توصلت حفنة من وسطاء متنفذين الي اتفاقية مع ممثلين للحكومة اليونانية لشطب بعض الدين مقايضة معونات الاتحاد الاوروبي الرأسمالية التي ستمول من خلال فرض تقشف حاد وقاس علي الشعب اليوناني. وجري تخفيض الاجور والرواتب والتقاعد والرعاية الطبية في الوقت الذي يرتفع فيه معدل البطالة الي مستويات محزنة. موظفو الحكومة سرحوا من وظائفهم الملكيات العامة ستباع الي مجموعات خاصة مقابل سنتات. باختصار، سوف يجري نهب وسلب اليونان، الكثير من اليونانيين ساروا في الشوارع محتجين علي سياسة التقشف ووصلوا الي نقطة من الغضب التي ظهرت بالقاء قنابل المولوتوف علي رجال الشرطة. ان اليونان يتفسخ ويتحطم سياسياً. ويستشعر اليونانيون ان "انقاذ" الاتحادالاوروبي لاينقذ اليونان. ان ينقذ البنوك الفرنسية والالمانية والهولندية علي حساب الشعب اليوناني. آعلن رئيس وزراء اليوناني، وهو يراقب انهيار تأييد ونفوذ حزبه واعلان رئيس الوزراء اليوناني بانه سيطرح اتفاقية الانقاذ السرية التي جرت في الغرفة - الخلفية للاستفتاء صدم سلطات الاتحاد الاوروبي وواشنطن والمستثمرين. من هو الذي دفع هذا اليوناني ليفكر بانه يسمع للشعب الذي تحمل تكلفة الصفقة، ليقول كلمته حيالها؟ من هو الذي ترك هذا اليوناني يخرج من قفصه؟ ان هذا النهج لا تحكمه الديمقراطيات! لقد غضب سماسرة ووسطاء الاتحاد الاوروبي الاقوياء نتيجة لانحراف رئيس الوزراء اليوناني عن النهج العادي التقليدي ولكن رئيس الوزراء اليوناني يعول علي الشعب اليوناني للمصادقة علي الصفقة، وليس بدون سبب. تعرض الشعب اليوناني لعملية غسيل دماغ علي مدي عقود بالنسبة لاهمية "ان يكون جزءاً من اوروبا". وهذا يعني ان يكون اليونان عضواً في الاتحاد الاوروبي .وعندما يدرك اليونانيون ان التصويت لاسقاط منطقة الانقاذ التي صاغها رجال البنوك يعني اقصاء اليونان عن الاتحاد الاوروبي، وهو ما سيتعلموه في الفترة الواقعة بين الآن والاستفتاء، فانهم سيصوتون الي جانب صفقة الغرفة السرية. الاستطلاعات تشير الي هذا. ويشير استطلاع اجرته صحيفة يونانية الي انه في حين ان 46 بالمئة يعارض صفقة الانقاذ، فإن 70 بالمئة يؤيدون البقاء في الاتحاد الاوروبي، وهو ما يراه اليونانيون مسألة حياة او موت . واذا كان هذا الاستطلاع مؤشراً يعول عليه، فإن رئيس الوزراء اليوناني بذلك قد اتخذ قراراً سياسياً ذكياً. فالشعب اليوناني سيصوت لصالح ما تظاهروا بعنف ضده في الشوارع . ولما كان اليونانيون هم من يضعون انفسهم في الشرك، فان السياسيين سيكونون خارجه. وهذا هو رهان رئيس الوزراء اليوناني. الديمقراطيات الغربية ومهما كانت النتيجة، تذكر ان كل العالم السياسي والاستثماري الغربي صدم لان سياسياً، بدل ان يفرض ببساطه اتفاقية الغرفة الخلفية، قال إنه سيدع الشعب يقرر. ان ترك الشعب يقرر ما هو الا سلام الديمقراطيات الغربية. واذا كنت بحاجة الي مزيد من الاثبات والبينة عن هذا المخلوق الخيالي والاسطوري المسمي "الديمقراطية الغربية" خذ بعين الاعتبار ان الحكومات الغربية لم تعد عرضة للمساءلة امام القانون. ان بوش وتشيني يستطيعان اخذ الولاياتالمتحدة الي حروب استندت كلية الي اكاذيب وخدع اوركسترالية. ويستطيعان ارتكاب جرائم حرب، واغتيال اعداد كبير من المدنيين بسبب "الحرب علي الارهاب"، وهو بحد ذاته عبارة عن خدعة. ويستطيعان انتهاك قوانين الولاياتالمتحدة والقوانين الدولية التي ترفض التعذيب ببساطة لان "الرئيس قال هكذا". ويستطيعان ان يرميا جانباً. الأمر بالمثول، المتطلب الدستوري الذي يحول دون سجن الشخص بدون بينة مقدمة الي المحكمة، ويستطيعان رفض حق تعيين محامي. ويستطيعان انتهاك القانون والتحسس علي الامريكيين بدون تفويض. ويستطيعان ارسال العملية القانونية الي الجحيم. في الواقع، انهما يستطيعان فعل ما يريدان تماماً مثل غستابو هتلر والبوليس السري لستالين. ولكن اذا ما اظهرا اهتماماً غير مناسب بامرأة ما اومراودة امرأة عن نفسها، يصبحان مجرد لحم ميت. قلة من المعلقين قالوا كلمة حول هذا. اعضاء مجلس النواب الامريكي لم يتهموا الرئيس بيل كلينتون بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها ضد صربيا. لكنهم اتهموا بسبب الكذب في علاقته الجنسية غير الشرعية مع موظفة في البيت الابيض. اما مجلس الشيوخ، والذي لديه الكثير جداً من العلاقات الجنسية غير الشرعية الخاصة به للدفاع عنها، لم يزعج نفسه في محاولة ادانة الرئيس. وزة مطبوخة هذه هي امريكا في الوقت الحاضر. الرئيس بدون أي سلطة مهما كانت، ليس في القانون وبالتأكيد ليس في الدستور، يستطيع ان يغتال مواطني الولاياتالمتحدة مستنداً الي لا شيء باستثناء زعم بأنهم يشكلون "تهديداً" ولا تطلب اي بيانات .لا اتهام. لا عرض للبيئة في أية محكمة. مجرد جريمة. هذا في الوقت الحاضر مباح ومسموح به للرئيس الامريكي. ولكن دعه يحاول ان يجلب امرأة غير زوجته الي فراشه عندها سيكون وزة مطبوخة. في امريكا لم يعد هناك اي شيء اسمه تعذيب، هناك فقط "استجواب مشدد" مجرد تغيير كلمة يزيل الجريمة، وبالتالي التعذيب مسموح به. في امريكا اليوم، و في المملكة المتحدة والاتحاد الاوروبي، اي شخص يقول الحقيقة هو "تهديد" جوليان اسانج رجل الويكيليكس، الذي نشر معلومات عامة سربت اليه بواسطة مصادر حكومية في الولاياتالمتحدة، هو الآن، ونتيجة للضغط الحكومي علي محاكم المملكة المتحدة، سلم الي السويد، ومن اجل الحصول علي الاستحسان والامتيازات من "الدولة العظمي الوحيدة في العالم" ستسلمه الي الولاياتالمتحدة بصرف النظر عن القانون من اجل محاكمته علي تهم ملفقة. ان " الحضارة"الغربية أفسدت تماماً بفعل المال الامريكي. وليس هناك مصداقية واستقامة اينما كان. وقامت واشنطن وعلي مدي عقود من الزمن بقتل النساء والاطفال وكبار السن والصحفيين باسم خدعة "الحرب علي الارهاب". فما الارهاب الذي يراه العالم بالفعل؟ ان العالم يري الارهاب الذي توجهه اسرائيل، المحمية من قبل واشنطن ضد الفلسطينيين والعالم يري الارهاب الذي تمارسه الولاياتالمتحدة علي صربيا والعراق وافغانستان والباكستان واليمن والصومال وليبيا وامريكا اللاتينية، لتحقيق الهيمنة في الوقت الذي يغذون فيه الصناعات العسكرية. في اليونان، علي الأقل التزم رئيس الوزراء باعطاء الشعب حقه في ان يقول كلمته لتقرير مصيره. أما في امريكا فالشعب لا صوت له مهما كان .. الخانعون راضون بأن تتم حمايتهم من خلال "الأمن" والافلام الاباحية ومراقبة الهواتف بدون اجازة والاعتقال غير المحدود والتحرش الجنسي ولمواصلة خدعة "الحرب علي الارهاب" وضعت حكومة الولاياتالمتحدة نفسها فوق القانون. ان الجهد الامريكي للوصول الي المساءلة أمام القانون، حركة احتلت الوول ستريت، إذا لم يتوقف بفعل الطقس البارد والثلوج والجليد، فالمتوقع ان يتوقف بفعل عنف الشرطة. حدث شغب واحد من قبل غاضبين يكفي لتحويل المحتجين الي "متطرفين داخليين" الذي يمثل اليهم رقم 1 بالنسبة للامن الداخلي. وسائل الاعلام المأجورة والمضللة ستحول القضية ضد المشاغبين، والخانعون يصدقون. لقد تم عسكرة الشرطة من قبل واشنطن. قوات الشرطة المجتمعية لم تعد تمثل الجمهور المحلي الذي يدفع لهم رواتبهم. الشرطة المحلية تمثل حرب واشنطن ضد امريكا . المواطنون الامريكيون جميعهم مشتبه بهم. وأي شخص يمر من خلال أمن المطار يعرف ذلك. حكم القانون وبالتالي، كل المولوديين في الوطن، والمتعصبين قومياً (الشوفينيين) والامريكيين الوطنيين هم مشتبه بهم عند صعودهم علي متن شركة طيران تجارية والامريكيون الذين لديهم التراخيص والاجازات الأمنية مدي حياتهم معرضين للمسح الاشعاعي الاباحي أو الترشح الجنسي. رجال أمن المطار لا يستطيعون اكتشاف "الارهابي" من بين محللي وكالة المخابرات الامريكية او جنرال في البحرية او عضو في مجلس الشيوخ. قد تكون امريكا قوة عسكرية عظمي، ولكن لم يعد لها وجود كبلد حر له حكومة خاضعة للمساءلة وفيه حكم القانون. ملحق: لقد أجبر رئيس الوزراء اليوناني علي سحب الاستفتاء حول خطة الانقاذ الذي وعد الشعب اليوناني به. حكام اوروبا اوضحوا لرئيس الوزراء ان الديمقراطية لا دور لها لتلعبه في قراره. لقد أبلغ اليونان بأن يقبل بالاتفاقية المقدمة له او انه سيكون خارج الاتحاد الاوروبي لقد أنذر رئيس الوزراء المهذب والمصقول البرلمان اليوناني بان السبيل الوحيد للبقاء في الاتحاد الاوروبي يتمثل بالخضوع والتسليم للاملاءات. عن الكاتب : كان محرر صحيفة وول ستريت جورنال ومساعداً لوزير المالية في الولاياتالمتحدة وأخر كتاب له (كيف ضاع الاقتصاد). عن موقع كاونتر بنش