مازالت ايدي الارهاب تعبث بالعقول لاثارة بلبلة داخل المجتمع بشتي الطرق ..فها هي قضايا الحسبة مستمرة وعلي نطاق واسع رغم وجود المادة 67 بالدستور المتعلقة بحرية الابداع والتي تنص علي عدم مصادرة الاعمال الادبية او الابداعية وعدم توقيع عقوبة بالحبس علي المبدعين ومع صدور حكم قضائي بالحبس ضد الكاتب كرم صابر وهناك كثيرون غيره قد يتعرضون لعقوبات مماثلة ففي الاونة الاخيرة علما بأن هناك من ينتوي رفع قضية ازدراء اديان ضد احدي المذيعات . بالاضافة لما يتعرض له فيلم نوح من هجوم شرس يصل الي منع عرضه .فالي متي سيستمر الحال هكذا. يقول دكتور احمد الخميسي الكاتب والروائي يأتي اتهام اماني الخياط بازدراء الاديان تتويجا لرحلة اتهامات طالت الكثيرين حتى ان الاطفال لم يفلتوا منها ! هناك طفلان بالفعل تم توجيه تهمة ازدراء الاديان اليهما هما: نبيل (10سنوات) ومينا (9 سنوات) في عزبة ماركو ببني سويف. وقد سمح قانون الحسبة الصادر 1996 برفع تلك القضايا ومع تعديله الا ان الثغرات الباقية تسمح بتوجيه ذلك الاتهام. دستوريا نحن بحاجة لقانون حاسم على اساس حرية التفكير والاعتقاد. عام 1936 نشر اسماعيل ادهم مقاله الشهير» لماذا انا ملحد « ولم يعاقب باية تهمة رغم انه اعلن الحاده جهارا نهارا وبوضوح كامل. لكن لتلك القضية جانبا اخر ابعد واعمق من الوضع القانوني. جانب يتصل ببؤس الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تسوق الكثيرين الي التشبث بادوار وهمية يتخيلون اثناءها انهم ابطال يدافعون عن السماء. جزء كبير من هذه الحساسية المرضية، يعود الي غياب الثقافة الوطنية، وتغييب مفهوم الوطن. اختفت تقريبا نظرة احمد شوقي الي الوطن حينما خاطبه بقصيدة قائلا:» ولو اني دعيت لكنت ديني.. عليه اقابل الحتم المجابا «! وحينما يتلاشى الوطن يتشبث الناس حتى بالصخور التي تدمي اياديهم. في ظل ذلك الوضع لم اسمع الا فيما ندر عن قضايا رفعها البعض بتهمة « ازدراء الاوطان»، مع ان مصر لاقت وتلاقي الكثير من ذلك. نحن بحاجة الي وضع قانون جديد حازم بالنسبة لتلك القضايا، على ان نعلم ان القانون وحده لن يحل المشكلة، لابد ايضا من نشر الثقافة الوطنية الديمقراطية التي توحي للناس بما يجمعهم، وباهمية حرية التعبير وتعدد الوانه. ضد الدستور وفي نفس السياق يقول الروائي دكتور ابراهيم عبد المجيد ان الحكم الصادر ضد كرم صابر ماساة كبيرة جدا ليس بالنسبة لكرم صابر فقط ولكن لكل المثقفين والثقافة المصرية بشكل عام حيث تنص المادة 67 بالدستور علي عدم الحبس فيما يخص النشر . وبهذا يصبح الحكم الصادر ضد كرم صابر مخالفا للدستور وبهذا يكون جريمة في حق حرية الفكر والابداع . ويستطرد عبد المجيد قائلا ان الكاتب لا يجب ان يحاسب علي شخصيات اعماله الادبية . فاذا كان العمل به شخصية ملحدة فمن الطبيعي ان يكون كلامه معبرا عن شخصيته واذا كان به شخصية شيخ او رجل دين سيكون كلامه معبرا ايضا عن شخصيته ! الارهاب الفكري ويؤكد الشاعر عبده الزراع أن ما حدث للكاتب كرم صابر، والشاعر عمر حازق وسجنهما من اجل افكارهما ليس بجديد، وما حدث مؤخرا للاعلامية امانى الخياط ماهو الا ارهاب فكرى، ولابد من وقفة شرسة من قبل المثقفين والاعلاميين واصحاب الفكر فى وجه هؤلاء الظلاميين اعداء الادب والفن والثقافة والفكر الحر. تهافت التهافت وتضيف الكاتبة منال القاضي ان الحسبة بدات في الظهور في العصر العباسي تحديدا في عهد الخليفة المامون وكان الهدف منها في البداية مراقبة الاسواق و منع الغش التجاري والغلاء ،ثم تحولت مع الوقت الي حسبة علي الافكار و السلوك فكان المحتسب يردع ما لا يعجبه من افكار وسلوكيات الناس او احكام القضاء وفق فهمه للشريعة و ما يراه متلائما معها او مخالفا لها و بعد سقوط الخلافة صارت الحسبة حق لكل فرد في المجتمع وبعد قضية نصر ابو زيد صارت الحسبة من حق المؤسسات الرسمية و النيابة العامة والدستور الحالي يلغي الحسبة علي الافكار و لكن تطبيقه يحتاج الي قوانين لتفعيل مواد الدستور لان القضاة حاليا يحكمون وفق القانون و ليس وفق الدستور و في رايي ان الفكر يجب مواجهته بالفكر فحين الف الامام الغزالي كتابه « تهافت الفلاسفة « رد عليه ابن رشد بكتاب « تهافت التهافت» هكذا يحدث التنوير وتتقدم الامم