«كل محاولة لمواجهة شعب أمة أخري وكل مؤامرة تهدف إلي التعدي علي أمة وعلي سيادتها تهزم» كانت هذه الكلمات القوية هي الدرس الأساسي من الجنزال «جياب»، ذلك الرجل الذي لا يعرفه الكثيرون رغم انه هزم قوتين استعماريتين كبيرتين في عضون عشرين عاما، هزم القوة الاستعمارية الفرنسية في مايو عام 1954 عندما استسلمت له القوات الفرنسية في معركة «ديان بيان فو» الشهيرة بعد حصار استمر 56 يوما للجيش الفيتنامي بين قوات «اتحاد تحرير فيتنام» والجيش الفرنسي الذي كان مدعوما من قوات حلف الناتو. كما أنه هزم القوة الاستعمارية الأمريكية واجبرها علي الرحيل منكسرة في 30 ابريل عام 1975.. في حرب فيتنام الشهيرة.. ذلك الرجل الذي اطلقوا عليه «ابليون الأحمر» والذي طرد من الليسيه الفرنسية في هانوي تحول لبطل لاستقلال بلاده «فيتنام» والذي توفي منذ أيام عن عمر يناهز ال 102 عام، قضاها من نضال إلي نضال ونضاله الأشهر كان في معركة «ديان بيان فو» حتي أعلنت فيتنام «جمهورية فيتنام الديمقراطية في الشمال وعاصمتها هانوي».. لأن الكثيرين لا يعرفون عنه الا القليل حاولنا البحث عن أهم المعلومات عن ذلك الرجل المعجزة.. ولد جنرال «فونغوين جياب» في عام 1912 في قرية عمل فيها مراسلا لشركة كهرباء والتحق بالجامعة في تخصص الفنون وكان مثابرا في دراسته وكان عقلية فذة يذكر أن جنزال جياب في عام 1995 حدث لقاء فريد في هانوي بينه وبين «روبرت مكنمارا» وزير الدفاع الأمريكي أثناء الحرب لقاء بين قائد مهزوم وقائد منتصر.. في هذا اللقاء اعطي الجنرال جياب درسا بسيطا في كلمات قليلة في تفسيره للنصر الفيتنامي والهزيمة الأمريكية قال له : «أمريكا دخلت الحرب دون أن تعرف أي شيء عن تاريخ فيتنام والشعب الفيتنامي، لم تعرف أي شيء عن ثقافة الفيتناميين وروحهم الوطنية والقتالية ضد موجات الغزاة الأجانب».. وبعد هذه الكلمات لم يجد «مكنمارا» ما يقوله سوي أن يوافق الجنرال جياب.. رغم استخدام أمريكا أثناء الحرب 5ر6 مليون طن من القنابل و400 ألف طن من النابالم، و2ر11 مليون جالون مما أسمي ب «العنصر البرتقالي» وهي مادة كيماوية سامة استخدمت لإبادة الغابات والمزارع التي يختبئ فيها المقاتلون الفيتناميون . استراتيجية «جياب» في مراحلها الثلاث نجح في تطبيق اثنين منها وفشل في الثالثة، في المرحلة الأولي التي حملت عنوان «الدفاع الاستراتيجي» اعتمد جياب فيها علي الوقت الطويل غير المحدد الذي يتطلب أرضا شاسعة جدا لذلك تحلي بالصبر واختار منطقة الحدود الصينية الفيتنامية وأثمر صبره انتصار الصين بزعامة ماو.. التزم جياب بالحذر الشديد وذلك بالامتناع عن القيام بعمليات هجومية ضد قوات الجيش الفرنسي القوية نظرا لتفوقها الهائل في مختلف الأوجه العسكرية منتظرا الظرف السياسي المناسب الذي يمكن أن يحول الضعف إلي قوة وبانتظار ذلك الحين عمل علي بناء قاعدة سياسية داخل البلاد عن طريق توعية السكان في المناطق القريبة من قواعدهم.. وفي المرحلة الثانية التي تحمل عنوان «التوازن الاستراتيجي» بدأ الجنرال يهتم بحرب العصابات ونظم وحداته بحيث تصبح علي أهبة الاستعداد للتحول من الدفاع الاستراتيجي إلي الهجوم المحدود المهمات وذلك بمهاجمة الحاميات الفرنسية المعزولة عن قاعدتها. رحل الجنرال جياب وبقيت نضالاته.