مواعيد مباريات منتخب مصر للناشئين في كأس الخليج    كامل الوزير: الانتهاء من إنتاج جميع أنواع حافلات وسيارات النصر في عيد العمال المقبل    الأزهر يدين الهجوم على مسجد كاتسينا في نيجيريا: استهداف بيوت الله جريمة نكراء    الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    تكريم حفظة القرآن والموهوبين من الأطفال ضمن البرنامج الصيفي بدمياط    رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بدعوة البعثة الأممية لتشكيل حكومة موحدة جديدة    إعلام أمريكي: إيران تجري أكبر تجاربها الصاروخية خلال ساعات    جرائم قتل غامضة تهز فرنسا.. العثور على 4 جثث مشوهة بنهر السين    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و9 أيام عطلة للموظفين في سبتمبر (تفاصيل)    بعد عام ونصف من اختفاء «رضا».. اتصال للأب من مجهول: «بنتكم جوزها قتلها»    إجرام الإخوان بعد «30 يونيو» مسلسل الدم والكراهية    الداخلية مستمرة في التصدى لصناع المحتوى الخادش على «تيك توك»    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    بعد أزمة قبلة راغب علامة.. عاصي الحلاني يدخل على الخط (فيديو)    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    نجوى فؤاد: أطالب بمعاش يكفي احتياجاتي وعلاجي    نجاح أول حالة غسيل كلوي طوارئ للأطفال بمستشفى دسوق العام    مصر والسعودية علاقات ممتدة وآمال معقودة    المندوه يكشف آخر تطورات أزمة سحب أرض أكتوبر ويكشف حقيقة المول    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    تصدر المصري والقطبين "يوم فوق ويوم تحت"، ترتيب الدوري المصري بعد الجولة الثالثة    ياسر ريان يشيد بأداء المصري: هو المنافس الحقيقي للأهلي على لقب الدوري    لاعب الأهلي الأسبق: ديانج لا غنى عنه.. وبن رمضان الصفقة الأفضل    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    إحالة أوراق المتهم بقتل أطفاله الأربعة في القنطرة غرب إلى مفتي الجمهورية    تنفيذ حكم الإعدام في مغتصب سيدة الإسماعيلية داخل المقابر    غرق طالب طب بروسيا خلال إجازته الصيفية في مطروح    قناة «هي» تعلن عن برنامج سياسي جديد بعنوان «السياسة أسرار»    اختيار رئيس المصرية للاتصالات وأورانج ضمن أقوى 20 قائدا للبنية التحتية الرقمية في إفريقيا    نصر وشاكر ضمن قائمة أقوى قيادات البنية التحتية الرقمية في إفريقيا    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    ليلة استثنائية في مهرجان القلعة.. علي الحجار يُغني المشاعر وهاني حسن يُبدع بالسيمفوني| صور    تعرف على العروض الأجنبية المشاركة في الدورة ال32 لمهرجان المسرح التجريبي    أونروا تحذر: عمليات الاحتلال في غزة تنذر ب"تسونامي إنساني" غير مسبوق    ترامب: سأشارك في دوريات مع الجيش والشرطة بواشنطن    رسميا بعد إلغاء الاشتراطات.. خطوات استخراج رخصة بناء جديدة وعدد الأدوار المسموح بها    طبيب الزمالك يكشف عن إصابة أحمد حمدي    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    طريقة عمل السينابون بالقرفة بسهولة في المنزل    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    اليوم.. فصل التيار الكهربائى عن عدد من مناطق وأحياء مدينة كفر الشيخ    علي الحجار ممازحا جمهور مهرجان القلعة: هغني 10 أغاني علشان تلحقوا تروحوا (فيديو)    منتدى المنظمات الأهلية ب"القومى للمرأة" يعقد اجتماعه الدورى    3 ظواهر جوية تضرب البلاد .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. فخري لبيب يكتب : أزمة المياه أزمتان.. الداخل والخارج
نشر في الأهالي يوم 25 - 06 - 2013

ثار في أيامنا تلك جدل، يبدو كأنما هو ابن اليوم. أو كأنه ما ثار إلا لأن إثيوبيا أعلنت عن اعتزامها بناء سد النهضة الذي سوف يهدد بالضرورة حصتنا في الماء، وبالتالي في الطاقة والحقيقة أن هذه القضية، قضية أزمة المياه قديمة، مثارة منذ عشرات السنين، كانت كل المؤشرات تؤكد أنها قادمة، قادمة، وعلينا مواجهتها، سواء أقامت اثيوبيا سدها أو لم تقمه.
لقد نبه أبناء مصر العظام، من رجال الري، إلي هذا الخطر الكامن في المستقبل، حتي ان الدكتور عبدالعظيم أبو العطا وزير الري الأسبق، والذي مات شهيدا في معتقل ليمان طره في نهاية زمن السادات قال في أواخر السبعينيات من القرن العشرين. ان المصريين سوف يرون، في القرن ال 21 مياه النيل تجري أمامهم وهم عطاشي. كل القراءات الداخلية تحذر وتنذر، فماذا فعل سادتنا الحكام منذ نبوءة د. أبو العطا حتي حكم د. مرسي وخبيره في الماء رئيس الوزراء الاجابة الواضحة، لا شيء يذكر.
والان، لنتصور للحظات، انه ليس هنالك سد نهضة، فماذا أنتم، ياحكامنا العظام، فاعلون بنا، ولنا الآن وفي المستقبل؟ ان وادي النيل في مصر يشغل 4% من أرضها، و96% منها صحاري وجبال ان حصة مصر من مياه النيل هي 5.55 مليار متر مكعب في العام بينما يصل الماء الذي يسقط علي المناخ 3160 مليار مترا مكعب مما يعني ان حصتنا في هذه المياه هي 34.3% تقريبا تجاوز عدد سكان مصر 90 مليونا وسوف يتزايدون ومعهم تزداد الحاجة لاستخدام المياه لسد الاحتياجات البشرية والنمو الصناعي والتوسع الزراعي وهنا تجيء المعادلة الصعبة: كمية المياه التي نحصل عليها ثابتة بينما عدد السكان يتضاعف وتتضاعف معه الحاجة للماء دون توافره.
والنتيجة الحتمية ان تهبط حصة الفرد من الماء بصورة متزايدة ومتفاقمة وهذا ما حدث، فقد كان نصيب الفرد عام 1959 2800 متر مكعب وتراجعت عام 1990 عام 1990 إلي 1220 مترا مكعبا أي فوق خط الفقر المائي المحدد دوليا ب 1000 متر مكعب ثم تراجعت حصة الفرد عام 2007 الي 942 مترا مكعبا. وكان المتوقع ان تصل عام 2025 الي 700 متر مكعب لكنها وصلت عام 2013 إلي 660 مترا مكعبا أي أننا ودون أي سد خارجي، مقبلون علي فترة قحط مائي شديد.
تستهلك الزراعة 85% من حصتنا المائية وأسلوب الري الغالب هو الري بالغمر وما يتبعه من صرف وبخر كما تجري زراعة محاصيل تستهلك من الماء كميات ضخمة حتي انه بقال أنه عند تصدير منتجاتها فكأننا نصدر الماء معها ماذا عن استخدام طرق الري الحديثة كالرش والتنقيط بدلا من الغمر!؟ وقد أجريت تجارب في محطة البحوث الزراعية بسخا علي الأرز وعباد الشمس (بالرش) والقصب والأذرة (بالتنقيط) وكانت النتائج توفيرا في مياه الري بنسبة تتراوح بين 20 و30% وزيادة في انتاجية المحاصيل بنسبة تتراوح من 13 الي 25% كما يوفر هذا الاسلوب ايضا مشروعات الصرف الزراعي.
وتحتاج الصناعة إلي ما يزيد علي 7 8% من حصتنا المائية، ويوجد علي امتداد النيل حوالي 1200 مصنع تلقي بفضلاتها الملوثة في النهر مباشرة والنتيجة هي أن هذا الماء الملوث يخصم علي الفور من حصتنا من مياه النيل النظيفة وبالتالي يلعب النيل دورا عظيما في تنمية الصناعة وتلعب بعض الصناعات دورا اجراميا في إهدار ماء النيل بتسميمه ماذا فعلت الدولة لحماية النيل وحصتنا من مياهه في مواجهة اصحاب المصانع الذي يمارسون قتل النيل وقتلنا، عمدا مع سبق الإصرار والترصد؟!
إدارة جديدة للمياه
ماذا فعلت الدولة بمياه الصرف السكاني والزراعي والصناعي كيف تعالج هذه المياه حتي يمكن الاستفادة منها ثانية، الحقيقة أن المعالجة لا تحدث البتة كما يجب وبالتالي فإن عائدها محدود للغاية قياسا علي دول أخري بل هنالك استخدام واسع لمياه الصرف دون معالجة مما يؤدي الي أضرار بالغة بيئيا وصحيا ان معالجة هذه المياه يمكن ان يستعيد مليارات عديدة من المياه الصالحة وإعادة استخدامها.
وماذا عن تحلية المياه. ان اكبر مشكلة تواجه هذا الحل هي قضية الطاقة. والطاقة في ذاتها الآن مشكلة عويصة فما البال ان أضيفت لها مسألة تحلية المياه! ان المياه توفر مصدرا للطاقة والطاقة يمكن أن توفر مصدرا للمياه ان الطاقة الشمسية في بلادنا بلا حدود وهي مصدر دائم متجدد، لطاقة نظيفة، لا يفني ولا يبلي الا بفناء الوجود ذاته، ولا يزاحمنا فيه احد فماذا فعلت الدولة للتعامل مع هذه القضية؟
وماذا عن المياه الجوفية سواء كانت حفرية أي قديمة عرضة للتناقص أو متجددة ذات مصدر يغذيها وكيفية توظيفها والاستفادة منها؟ وهل هناك مسح لهذه المياه وتقدير لكمياتها وكيفية التعامل معها؟ وماذا عن المياه الجوفية علي حدود سيناء وهي مياه دائمة متجددة وخزاناتها مشتركة مع اسرائيل التي تنفرد الان بنزحها ماذا عن مياه السيول، وبناء سدود حجرية لحجزها وكيفية الاستفادة منها؟ وماذا عن مشروع توشكي وعوائده وجدواه؟ ألا تجب اعادة النظر فيه، في ضوء كل الأحوال التي نعيشها الآن؟ وماذا عن ضرورة مقاومة ورد النيل والقضاء عليه لما يسببه من بخر لماء النهر؟
ان قضية المياه ودورها في مجالي الطاقة والتنمية قضايا مترابطة تماما ويجب ان تخضع لإدارة واحدة حيث انها قضايا تكاملية في حين ان ادارة المياه في مصر تشترك فيها العديد من الوزارات والهيئات والمؤسسات والتي قد يصل عددها الي 12 جهة، مما يبعثر الجهود ويشتت المسئولية.
ان ما سبق يطرح في ايجاز شديد الوجه الداخلي لأزمة المياه في مصر وهو الوجه الذي يتجاهله حكامنا العظام لانهم المسئولون وحدهم عنه ويوجهون كل الانظار الي الوجه الخارجي لتتواري مسئوليتهم وراء من هم بالخارج وكأنهم يطالبون الاجنبي بأن يكون اكثر ادراكا لوضعنا الداخلي وعليه ان يري حلا له ان إلقاء المسئولية علي الغير والعمل علي التملص في الالتزامات الواجبة سمة اساسية للسادة الافاضل الذي قفزوا إلي سدة الحكم في بلادنا والآن ماذا عن الوجه الخارجي لأزمة المياه في مصرنا؟
هروب من المسئولية
ان الخارج بالنسبة لنا اليوم هو إثيوبيا وسد النهضة وربما غدا يكون غيرها وغيره. باعتبار أن ذلك السد يشكل تهديدا مباشرا وخطيرا علي مستقبلنا. والحقيقة ان مالا يقل عن ذلك التهديد، هو تلك الصورة التي تبدو بها وكأننا قد فوجئنا بما تزمع اثيوبيا تنفيذه. الحقيقة ان هذا التظاهر هو جزء لا يتجزأ من هروب المسئولين المتعاقبين من المسئوليسة ان إثيوبيا تعلن طوال تاريخها عدم التزامهما بأي اتفاق وقعته مصر مع غيرها من البلدان الافريقية فقد اعلنت حكومة الامبراطور في 26/2/1956 انها سوف تحتفظ مستقبلا بموارد وتصرفات الماء فيها أي ب 86% من ايراد النهر كله بغض النظر عن مدي استعمال الدول المستفيدة الاخري بهذه المياه او سعيها وراءها كما اصبحت بعد اتفاقية 1959 علي أساس ان أي دولة نهرية تنوي القيام بانشاءات كبيرة يتوجب عليها اخطار الدول النهرية الاخري والتشاور معها كما عارضت اتفاقية 1902 لعدم أهلية ايطاليا في التوقيع نيابة عنها.
واستقلت في أعوام 61 62 1963 تنجانيقا (تنزانيا) وأوغندا وكينيا علي التوالي واعلنت حكومة تنزانيا ما أسمته بمبدأ نيريري نسبة الي الرئيس نيريري والذي أعلنت بمقتضاه عدم اعترافها باتفاقية 1929 كما أعلنت عدم اعترافها بأية اتفاقيات تم توقيعهما في غيابهما وكانت اتفاقية 1959 هي المقصودة بذلك وقد حذت حذوها أوغندا وكينيا بينما يتصل باتفاقية 1929 كما أعلن السودان ايضا عدم التزامه بها وكان ذلك قبل ابرام اتفاقية 1959 أي أن هنالك مواقف معلنة رسميا بعدم الاعتراف بهذه الاتفاقيات منذ حوالي خمسين إلي ستين عاما مضت فأين كانت حكومات مصر المتعاقبة منذ ذلك التاريخ حتي التاريخ المعتم الذي نعيشه الآن؟ لقد كانت اتفاقية 7/5/1929 بين مصر وبريطانيا نيابة عن السودان وكينيا وتنجانيقا وتقضي بانه لا يمكن القيام باعمال خاصة بتوليد الطاقة علي النهر وروافده والبحيرات التي ينبع منها الا بالاتفاق مع الحكومة المصرية كما يقضي الاتفاق بالاحتفاظ بحقوق مصر في مراقبة ودراسة مجري النيل من المنبع الي المصب واقامة المشروعات التي توفي باحتياجاتها.
وقامت الحكومة الاثيوبية ما بين 1958 و1964 بدعوة «مكتب استصلاح الاراضي بالحكومة الامريكية لدراسة انهارها واقترح تقرير المكتب اقامة 26 سدا نفذ منها مشروع علي نهر فنشا عام 1972 بتمويل من البنك الدولي وكان يجري عام 1993 تنفيذ مشروعي بلبيس الاعلي والأوسط بمعونة ايطاليا كما قامت السوق الاوروبية المشتركة بدراسة تنمية رافد البارو لنهر السوباط وذلك ببناء سد عند مدينة جمبيلا وقد اعلنت أثيوبيا عام 1981 امام مؤتمر الامم المتحدة للبلدان الاقل نموا لأي منذ اكثر من ثلاثين عاما قائمة باربعين مشروع ري.
إهداء النيل لإسرائيل
كما أعلنت انه في حالة عدم التوصل الي اتفاق مع جيرانها أدني النهر فإنها تحتفظ بحقها في تنفيذ المشروعات من جانب واحد أي ان النذر تتوالي وليس هنالك من خطوات جادة لمواجهة تلك الاخطار الرهيبة الكامنة والمعلنة وقد تكون بعض الحكومات المصرية قد اقدمت خلال هذا الزمن الممتد علي بعض المحاولات غير انه من الواضح تماما عدم وجود خطة.
أعتقد ان بعض سلوكيات الحكام المصريين قد زادت الأمور اشتعالا فقد قطعت دول أفريقية هامة وعديدة علاقاتها مع اسرائيل تضامنا مع شعب مصر في حرب اكتوبر 1973 وكان رد فعل السادات علي هذا الموقف العظيم عقد اتفاقية كامب دافيد مع اسرائيل منتقصا في سيادة مصر متحالفا مع اسرائيل استراتيجيا معلنا ان 99% من أوراق اللعب في يد أمريكا وكما احدث ذلك قطيعة مع البلدان العربية أحدث ايضا موقفا قريبا من ذلك مع الدول الافريقية وزاد الطين بلة عرض السادات ارسال مياه النيل الي اسرائيل كما جاء في رسالته الي بيجين لعلك تذكر انني عرضت ان أمدك بمياه يمكن ان تصل الي القدس مارة بالنقب حتي أسهل عليك بناء احياء جديدة للمستوطنين في أرضكم لقد ذهبنا الي حد ان تعرض عليكم شريان الحياة مياه النيل اذا نجحنا في التوصل الي حل مشكلات القدس والمستوطنات وتوضح مجلة أكتوبر الامر أكثر توصيل مياه النيل الي القدس لتكون في متناول يد المؤمنين المترددين علي المسجد الاقصي وقبة الصخرة وكنيسة القيامة وحائط المبكي وانه باسم مصر وأزهرها وباسم دفاعها عن الاسلام تصبح مياه النيل هي آبار زمزم لكل المؤمنين بالاديان السماوية الثلاثة قمة الخيانة والمتاجرة بالدين في ذات الوقت لقد ترك السادات الافارقة مقاطعين لإسرائيل وأخذها هو بالاحضان عرض عليها النيل هدية من جيبه الخاص وكأنه ملكية خاصة ورثها عن أسلافه كأن لا وجود لشعوب وادي النيل ولا وجود للشعب المصري ويتراجع الدور المصري عربيا وافريقيا وتنتعش المواريث السلبية التاريخية لما يقال عن الاستعمار المصري السابق وتجارة الرقيق تطغي السلبيات علي ما كان لمصر من ايجابيات عبر المرحلة الناصرية.
زمن الخصخصة
ثم يجيء زمن مبارك زمن الخصخصة والمصمصمة وتحكمنا جماعة لا هم لها غير السلب والنهب واستزاف كل شيء لحسابها جماعة سدت أذنيها عن كل ما يجري داخل مصر فما البال بكل ما يجري خارجها ويسقط مبارك لكن زمنه يتصل في جماعة الاخوان الذين هم أشد منه نهما وطمعا وجشعا تحكمها رغبة عارمة في الاستحواذ المنفرد لكل ما سقط سهوا من العصابة التي سبقتها انها أشد شراسة وعنجهية قادمة من سحيق الازمان تستخدم الدين كما استخدمه سلفها «المرحوم» السادات لا يهمهما شأن مصر والمصريين (طظ في مصر) سواء في الداخل أو في أفريقيا تزعم انها ستعيد الخلافة العثمانية فتوقظ فزع كل من وطئ العثمانيون ارضه نظام مع الخارج بالوعيد والتهديد والاستعلاء الاجوف وبذا تحول تراجع الدور المصري الي التدهور والانهيار.
تلك نقطة سياسية اساسية في أزمتنا الراهنة ثم هناك قضية التنمية ان خمسة بلدان من دول حوض النيل مثل بورندي ورواندا وتنزانيا واثيوبيا هي من افقر عشر دول في العالم هنالك من تغرقه المياه زمن الأمطار.
ويعاني العطش موسم توقف الامطار أليس لهذه الشعوب طموحات في تغيير احوالهما الي الافضل؟ وتشكل الطاقة هنا المحور الرئيسي لهذا التغيير للتنمية كما أن بعض هذه الدول تسعي إلي ري دائم طوال العام ولا يقتصر ريها علي الموسم المطير فقط اننا جميعا شركاء في هذا النهر الواحد الذي يتوقف عليه وجودنا وتنميتنا ألا يفرض ذلك علينا ان نكون قريبين للغاية من بعضنا البعض؟ ان نتبع منهج التكامل والمصالح المشتركة والمنافع المتبادلة والذي يتحقق بالحوار والتفاوض والالتزام بالقوانين الدولية؟
ان أهم مباديء اتفاقية الامم المتحدة لاستخدام المجاري الدولية في الأغراض غير الملاحية (1) الانتفاع المنصف والمعقول بمياه النهر بصورة مثلي ومستدامة (2) الالتزام بعدم التسبب في ضرر ذي شأن (3) الالتزام بالتعاون علي اساس حسن النية والمساواة في السيادة (4) التبادل المنظم للبيانات والمعلومات الهيدرولوجية والجيولوجية المائية (5) الالتزام بالاخطار المسبق بأي تدابير يزمع اتخاذها ويمكن ان يكون لها اثر ضار (6) حماية النظم البيئية ومنع تلوث المجري المائي (7) انشاء آليات مشتركة لادارة التعاون فيما بين دول المجتمع النهري.
ويقتضي الانتفاع المنصف والمعقول مراعاة مصالح المجري المائي طبقا: (1) العوامل الجغرافية والهيدرولوجية والمناخية والبيئية ذات الصلة (2) الحاجات الاجتماعية والاقتصادية (3) اثار استخدام المجري المائي في إحدي الدول علي غيرها من دول المجري (4) الاستخدامات الحالية للمياه (5) المحافظة علي الموارد المائية وحمايتها والاقتصاد في استخدامها (6) مدي توفر بدائل ذات قيمة مقارنة باستخدام معين أو مزمع.
عابر للحدود
وهنا يثير البعض قضيتين الاولي هي رفض قاعدة «النهر الدولي» أي الذي يمتد في أكثر من دولة، مما يفرض قوانين بذاتهما تحتم ضرورة التفاوض وعدم الاضرار بدول المصب.. وتقديم بديل يتحدث عن «النهر العابر للحدود» وتلك نظرية طرحتها تركيا في مؤتمر حول مشكلة المياه عقد في أنقرة في أكتوبر 1993 باعتبار ان النهر نهرها نبع من ارضها وتغذي منها غير انه لجحوده تسلل عبر الحدود ليغذي أرض الغير ولذا فمن حقها ان تقيم عليه السدود لتتحكم فيه واحتجاز المياه لحسابها وهي عندما تتيح بعض من مائه لجيرانها فإن ذلك تضحية منها.
والقضية الثانية هي بيع المياه حيث قدمت اسرائيل في هذا المؤتمر نظرية ان المياه سلعة ينطبق عليها ما ينطبق علي أية سلعة أخري وبذا يجب تسعيرها وقدم فلسطيني من نابلس اقتراحا بانشاء بنك اقليمي للمياه تضع فيه الدول الغنية بالماء مالديها من فوائض ليقوم البنك بتسويقه لحسابها عند المحتاجين وكان الرد عليهم ان مسألة بيع المياه تتعارض تماما مع الفكرة الاصيلة ان لجميع دول الحوض حقوقا في مياهه وبالتالي فإن صاحب الحق لا يشتري.
وقد اعترفت منظمة الوحدة الافريقية بالاتفاقيات التي عقدتهما مصر حيث تتعلق الكثير منها بتحديد حدود الدول الافريقية حديثة الاستقلال كما ان اتفاقيات حوض النيل اتفاقيات اقليمية تنطبق عليها اتفاقية فينيا عام 1975 والتي تنص علي أن الدولة التي تخلف دولة تحل محلها في أي اتفاقيات كذلك انتهت محكمة العدل الدولي عام 1997 الي احترام الاتفاقيات المائية المتعارف عليها كما تنص المادة 33 من ميثاق الامم المتحدة علي ست وسائل لتسوية النزاعات بين الدول تبدأ بالمفاوضات ثم الوساطة ثم التوثيق فالتحقيق انتهاء بالوسائل القضائية.
ان قضية ازمة المياه في وجهها الخارجي يجب ان تحل في إطار تفاوضي حول مصالح تكاملية وليست متعارضة وفي حدود ان مجموعة المشاكل المترابطة تحتاج الي حلول مترابطة أو متتالية تساند بعضها البعض وتمهد الواحدة منها لحل الأخري وتقوم في الاساس علي المنافع المشتركة في مجالات الري والطاقة والتنمية عموما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.