جاءت زيارة وزيرة الخارجية الأوكرانية للعاصمة الأوكرانية «كييف» علي خلفية زيارة الرئيس الروسي ميدفيديف للولايات المتحدة ، و خلاف روسي - بيلوروسي هو الأشد منذ انهيار الاتحاد السوفييتي ووصول الرئيس لوكاشينكو للسلطة خلفاً لستانيسلاف شوشكييفتش أحد هادمي الاتحاد السوفييتي الثلاثة مع يلتسين و رئيس أوكرانيا كرافتشوك، و الأهم أن الزيارة جاءت و في خلفية الصورة القبض علي 11 مواطناً روسيا بتهمة التجسس لصالح روسيا في الولاياتالمتحدة و الذي حدث قبل أن يجف حبر الصحافة التي أشادت بالزيارة و اعتبرتها من أهم الزيارات التي قام بها زعيم روسي لواشنطن. وزيرة الخارجية الأمريكية أرادت أن تستدعي الأحلام الأوكرانية القديمة أو تلك التي كانت تداعب جفون قادة الثورة البرتقالية و الرئيس الأوكراني الأسبق كوتشما من خلال الرغبة في الانضمام للناتو و قطع الحبل السري الذي يربط أوكرانيا بروسيا مراهنة في ذلك علي عدم قبول روسيا انضمام أوكرانيا للناتو لما في هذا الانضمام من خطر علي الأمن القومي الروسي، و ربما كانت السيدة كلينتون تريد اختبار مدي عمق و متانة العلاقة بين حكام أوكرانيا الجدد و روسيا ، لكن الرئيس الأوكراني بادر الوزيرة الأمريكية بقوله إن بلاده لا ترغب في الانضمام لأي من الأحلاف العسكرية. السيدة كلينتون لم تأخذ كلام الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش مأخذ الجد و تركت له الباب موارباً عندما أعلنت بأن الباب سيظل مفتوحاً أمام أوكرانيا إذا ما رغبت في الانضمام لحلف الناتو ، و هي بذلك ربما يكون لديها آليات ضغط لإثناء أوكرانيا عن موقفها ، و هو الأمر الذي حدا بالمراقبين اتهام واشنطن بمحاولة إفساد العلاقات المتنامية بين موسكو و كييف، و هو ما نفته الولاياتالمتحدة علي لسان السيدة كلينتون. تجدر الإشارة إلي أن أوكرانيا تعتبر الدولة رقم 4 في العالم من حيث تلقيها معونات أمريكية و لا يسبقها في هذا سوي إسرائيل و مصر و تركيا ، و كانت الولاياتالمتحدة تجد دائماً وسيلة للضغط علي أوكرانيا سواء من خلال المساعدات أو الوسائل السياسية ، مستغلة في ذلك الوقت رغبة حكام أوكرانيا السابقين في الانضمام لحلف الناتو و الاتحاد الأوروبي أو من خلال اتهام أوكرانيا بتجارة السلاح مع الدول (المارقة) آنذاك مثل العراق و إيران. الولاياتالمتحدة أخرجت أوكرانيا من المشاركة في توريد توربينات لمفاعل بوشهر الإيراني مقابل مشاركة أوكرانيا في مشروع يسمي سي ستارت لإطلاق الأقمار الصناعية مقابل 25 مليون دولار لكل صاروخ لإطلاق هذه الأقمار فخسرت أوكرانيا بذلك الكثير سواء علي المستوي المادي أو التقني ، كل ذلك كان في مقابل وعود بضم أوكرانيا للناتو ، و المساعدة في دخولها الاتحاد الأوروبي أو التهديد بمنع المساعدات ، كان ذلك في العهود السابقة. أدركت أوكرانيا فيما بعد مدي الخسائر التي ستجنيها نظير الانضمام للناتو و خاصة المجمع العسكري الصناعي الذي ورثته أوكرانيا عن الاتحاد السوفييتي، و الذي سيكون عرضة للتقويض في حال انضمام أوكرانيا للناتو و ما يمكن أن يسببه هذا التقويض من بطالة في دولة يعاني اقتصادها الكثير من المشاكل ، ناهيك عن إرسال الجنود الأوكران للحرب في افغانستان أو المناطق الساخنة في العالم و هو الأمر الذي لا يلقي ترحيباً كبيراً لدي الشعب الأوكراني. رغم كل ما تقدم يبقي رفض أوكرانيا الانضمام للناتو مرتبطاً بالمجموعة الحاكمة الحالية في أوكرانيا ، و تجدر الإشارة إلي أن أول من رفع شعار انضمام أوكرانيا للناتو كان الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوتشما و الذي ينتمي إلي شرق أوكرانيا المحب و الموالي لروسيا و المتحدث بلغتها و أحد قادة المجمع العسكري الصناعي و الذي جاء إلي السلطة بدعم و تأييد روسيين ، و الذي انهي حكمه بتأليف كتاب بعنوان " أوكرانيا ليست روسيا" من هذا المنطلق سيكون علي المتابعين للشأن الأوكراني التريث لبعض الوقت للحكم علي توجهات القيادة الأوكرانية الجديدة.