تعودت إسرائيل منذ انسحابها الاحادي الجانب من غزة أيام حكم أيريل شارون علي ضرب غزة باستمرار سواء بغارات دورية لاغتيال قادة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية أو بعمليات اجتياح واسعة علي غرار حملة الرصاص المصبوب التي تمت في شتاء 2008 ، وفي المقابل لم تتوقف حركة حماس وشقيقاتها في غزة عن المقاومة المسلحة وإطلاق الصواريخ علي المستوطنات الإسرائيلية وكانت واحدة من العمليات الكبيرة لحماس اسر الجندي جلعاد شليط وأخفته عدة سنوات حتي بادلته بعدة مئات من الأسري بوساطة مصرية ظهر خلالها دور قائد كتائب القسام احمد الجعبري الذي اغتالته إسرائيل في افتتاحية العملية العسكرية الحالية. الجديد هذه المرة ان هناك نظاما جديدا في مصر ورئيسا من جماعة الإخوان المسلمين المعادية لإسرائيل والرافضة لاتفاقيات السلام معها وقامت الجماعة الإسلامية القريبة من الإخوان والتي خرجت من عباءتها باغتيال السادات بسبب اتفاقية السلام تلك ، وهي الآن تواجه مأزقا كبيرا من خلال كيفية التصرف بعيدا عن مظاهرات الدعم والشجب والتحريض علي. اتخاذ الأنظمة السابقة لخطوات حاسمة ضد إسرائيل من عينة قطع العلاقات معها وإلغاء اتفاقيات ” الذل والعار” وفتح الحدود مع الأشقاء الفلسطينيين وعدم السماح بحصارهم الي جانب عدم عرقلة تسليح المقاومة من جانب إي طرف الي جانب الدعم المصري بالسلاح والمال. ولما كانت حركة حماس نفسها قد ولدت من رحم جماعة الإخوان وجزء من التنظيم الدولي للإخوان ، تصبح مسئولية الجماعة وهي في الحكم مضاعفة إذ عليها ان تضع شعاراتها موضع التنفيذ، وفي الوقت نفسه تصعد إسرائيل من عدوانها لاختبار ردود الفعل المصرية الجديدة الي جانب الأهداف التقليدية لضرب حماس من وقت الي آخر وهذه المرة لضرب القدرات الصاروخية المتطورة التي امتلكتها حماس وضربت بها مواقع في القدس وتل أبيب وهددت طائراتها وربما تكون قد أسقطت إحدي طائراته. ردود الفعل المصرية حتي الآن لم تختلف عن ردود فعل نظام مبارك عبر سحب السفير وفتح معبر رفح والتحرك الدبلوماسي العربي والدولي وتشجيع التظاهر والهجوم علي إسرائيل بدون أي أسقف في الصحف القومية والتلفزيون الحكومي ، صحيح ان مرسي أوفد رئيس الحكومة هشام قنديل الي غزة لإعلان التضامن المصري بعد اتصالات من جانب المخابرات المصرية الجهة الرئيسية في الاتصال مع اسرائيل الآن بعد سحب السفير المصري ومغادرة السفير الإسرائيلي. مصر قبل ان يطلب منه المغادرة لتامين تلك الزيارة ، والتي اكد خلالها قنديل سعي مصر لإيقاف الهجوم الإسرائيلي والتوصل الي تهدئة بأسرع وقت وهو موقف اقل من السقف الذي توقعه الجميع في الداخل والخارج من مرسي بالذات. وفيما كان نظام مبارك يستخدم القنوات المباشرة مع إسرائيل في الوساطة للتوصل الي حلول واتفاقيات وتفاهمات سرية وأخري علنية ، فان النظام الحالي لا يمتلك هذه القدرات بشكل كبير فلم تعد مصر الآن وسيطا مناسبا ، بل تعتبرها إسرائيل عدوا من جديد كما أظهرت عشرات التعليقات في الصحف الإسرائيلية والتي تحدثت أيضاً عن دور نظام الإخوان في تسليح حماس عبر الإنفاق طوال الشهور الأخيرة حيث تدفقت الصواريخ المهربة من ليبيا، أو الإيرانية القادمة عبر الحدود مع السودان الي غزة عبر أنفاق التهريب علي طول الحدود بين مصر وغزة. سيناريو التوطين الواقع الجديد في العلاقات المصرية – الإسرائيلية يفتح آفاقا حقيقية لكي تنفذ إسرائيل العديد من خططها الموجودة في الأدراج ومنها سيناريو التوطين الفلسطيني في سيناء والمرحلة الأولي بالتفجير القسري في مرحلة متقدمة في الحرب الإسرائيلية ضد غزة وهو ماحدث في الحملة الأخيرة ” الرصاص المصبوب” والتي شهدت اقتحام قرابة 800 ألف فلسطيني للحدود المصرية هربا من الضرب والحصار والتجويع ووصل عدد منهم الي صعيد مصر . وفي ظل تقارير عن موجة كبيرة من شراء الفلسطينيين أراض ومنازل في سيناء التي تحولت الي الحديقة الخلفية لغزة فان سيناريو التوطين يصبح اقرب من إي وقت مضي في ظل الضعف الامني لمصر علي شمال سيناء علي وجه الخصوص والتي أصبحت ساحة مفتوحة أمام عشرات المنظمات الجهادية المسلحة التي انتشت وقويت في ظل حكم الإخوان لمصر وموجات العفو عن آلاف من كوادرهم وقادتهم والذين اتجهوا للجهاد في سيناء. وبالنسبة لإسرائيل تلك مناسبة تاريخية لكي تتخلص من غزة الي الأبد وبفتحها علي سيناء الشمالية في ظل فتح معبر رفح أمام الأفراد والبضائع وهو تطور يكرس الانقسام الفلسطيني ويحقق إقامة الإمارة الإسلامية في غزة بامتدادها في سيناء الشمالية ، وفي الوقت نفسه ستصبح هذه المنطقة رهينة لدي إسرائيل التي ستوضع مدي عملياتها مع إطلاق الصواريخ من وقت الي آخر علي إسرائيل من سيناء وبالتالي لعودة إسرائيل الي احتلال الشريط الحدودي من سيناء في خط يمتد من رفح الي طابا. تصدير الأزمة لمصر نحن إذا أمام سيناريو كامل لتصدير الأزمات الي مصر من كل نوع ، بداية بإلقاء عبء قرابة مليوني فلسطيني علي مصر المنهكة اقتصاديا في وقت تريد الحكومة المصرية التخلص من 135 مليار جنيه دعما للطاقة والخبز ، إضافة الي القضاء لسنوات علي السياحة لجنوب سيناء بشكل خاص وامتداد الفوضي إليها . ونحن أيضاً أمام حقيقة اختلاف الأهداف الاستراتيجية لمصر وحماس عكس التوافق التام بين الإخوان وحماس ، والسؤال هنا كيف تتصرف حكومة الإخوان مابين توافقها مع استراتيجية حماس والمخاطر التي تهدد مصر سواء بسيناريو التوطين القسري الفلسطيني لغزة أو الاحتلال الإسرائيلي لشريط حدودي في سيناء؟