هل تصنع الفرجة علي الأفلام لدينا مشاعر مختلفة؟ أم تضيف رؤي وأفكارا جديدة، تبحر بنا إلي آفاق أوسع مما كنا نتخيل ونحن نذهب إلي دور العرض السينمائي، أو نشاهد الأفلام في بيوتنا؟ وهل من حقنا الرد علي ما نراه، بالإضافة، أو الرفض، أي أن نقوم بنقده، وأن نجعل هذا النقد مسألة أساسية في حياتنا، نقد لما قدمه من طرح يبدأ بالقصة والسيناريو وكيف يديرهما المخرج من خلال اختيارات الممثلين وأماكن الاحداث والذين يقومون بالتصوير والمونتاج والمكساج والموسيقي وكل عناصر الفيلم لنراه نحن في النهاية ونقوم بنقده، عن النقد السينمائي أقيم منذ أيام «مؤتمر النقد السينمائي» في دورته الاولي بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 9-14 نوڤمبر الحالي، والذي تقيمه «هيئة الافلام» وضم عددا غير قليل من النقاد العرب، والأجانب، ومن صناع الأفلام أيضا، ومن خبراء صناعة السينما، وايضاً الأكاديميين من أساتذة الفن في الجامعات الذين طرحوا الكثير جدا من الأفكار والرؤي حول علاقة الفن بالحياة، وعلاقته بالتطور الاجتماعي، وتحدث بعضهم عن تطورات الصناعة السينمائية في بلدهم «مثل السينما الهندية» وموقعها الان وفقا للتحولات والمتغيرات في البلاد القريبة منها، والعالم، وكان من الواضح أن الحديث عن النقد السينمائي لا يمكنه أن يبدأ إلا من خلال عرض لتاريخ عملية صناعة الافلام نفسها وهو ما حدث مع بعض البلاد وليس كلها، ولكن، كانت فكرة المؤتمر في غاية الاهمية لقدرتها علي استعادة التفكير في الفن، والسينما تحديدا، باعتبارها منجزا كبيرا، فكريا وإبداعيا، يستحق التوقف أمامه، واعطاءه حقه من المشاهدة، والتفكير، والتأمل وبعدها النقد، وأنها- أي السينما- ليست مجرد مهرجانات، ورد- كاربت، وإطلالات النجوم والنجمات وفساتينهن، والميك آب «كما تركز قنوات التليفزيون غالبا عند تقديمها لافتتاح أي مهرجان سينمائي»، وبالتالي، يصبح النقد هو المنصف للعمل السينمائي، الذي يعطيه حقه من خلال كتابات النقاد، وتحليلاتهم لأسلوب المخرج في التعامل مع النص، وفي قيادة العمل إلي رؤية مهمة، أو دفعه إلي التعبير عن أزمة مجتمعه، النقد هو ما يستطيع تفكيك العمل السينمائي إلي عناصره الأهم، والأكثر تأثيرا التي تقود إلي الرؤية العامة والأخيرة التي يتركها لنا كمشاهدين. من «صبيان وبنات» إلي « الطيور» «ما يشاهد داخل الإطار لا تحده الصورة المرئية،إنما هو إشارة إلي شئ آخر، يمتد خارج الإطار إلي اللانهاية، إشارة الي الحياة»، كلمات مهمة للمخرج الروسي الكبير أندريه تاركوفسكي عن «النحت في الزمن» وهو ما يمكن ان نصف به السينما حين تؤرخ لنا أحداث التاريخ من خلال أفلامها التي لا تتوقف عن التفاعل مع الحدث، والآن، أصبحت مهمة التلقي أصعب وأكثر شعبية مع السوشيال ميديا التي تملأ هواتفنا بمقاطع الڤيديو، وأفلام قصيرة، ولوحات إعلانية، وحوادث حقيقية، وأخري ملفقة، علينا أن نتلقاها، وأن نتفاعل معها، وهنا تصبح ثقافة النقد أكثر أهمية وضرورة حتي نستطيع الحكم علي كل هذه الإضافات المرئية، فلم تعد قضيتنا هي رؤية فيلم طويل في السينما. أو المنصة، ولكن استقبال مواد فيلمية مستمرة علي هواتفنا المحمولة، وماذا يفعل النقد معها؟، أم أن دوره أصبح اكثر أهمية؟، أسئلة كثيرة طرحها المؤتمر في مقره بقصر الثقافة الكبير الرائع، وكأنه يفتح « مغارة علي بابا » من خلال أفلام وشخصيات صنعت الكثير في السينما كان الحديث عنها مهما مثل المخرج الإنجليزي الفريد هيتشكوك وفيلمه المهم «الطيور» الذي تم تحليله ضمن برنامج« ركن النقاد» هو وأفلام أخري، ومثل برنامج الافتتاح عن «النقد السينمائي وصناعة الأفلام» وكان المتحدث فيه مخرجنا يسري نصر الله، والذي بدأ مسيرته من خلال عمله بالنقد قبل أن يتحول إلي الإخراج وقد عرض له فيلمه المهم «صبيان وبنات »الذي أخرجه عام 1996، وبعدها ندوة حوارية معه أدارها الناقد احمد شوقي، رئيس اتحاد نقاد السينما المصريين، والذي انتخب رئيسا للاتحاد الدولي للنقاد «الفيبريسي» في العام الماضي أنه مؤتمر مهم عن ثقافتنا وقدرتنا علي مواجهة الحصار وإدخالنا في عوالم مختلفة، بعيدا عن الوعي.