مسلسلات مهمة.. ومنافسة غير عادلة ماجدة موريس تخيل نفسك ممثلًا، تعتمد علي شهر رمضان لتعمل في إطار المهرجان السنوي للدراما، ولتثبت جدارتك كفنان من خلال شخصية جديدة، وبالطبع لتأخذ المقابل المادي للعام بأكمله، وتخيل أنك وجدت نفسك خارج الاختيار، ومهددا بالجلوس في بيتك، فإذا بعمل آخر يعرض عليك، بمقابل أعلي، وبدون مجهود أو تفاعل مع خفايا الشخصية الدرامية وتضاريسها، وبدون سفر وتغيير المكان، وانما تصوير سريع لمكان، سواء كان كومباوند تجري فيه الأنهار، او مصنعا او مطعما، أوشلة اصحاب أو.. أو.. فهل ترفض؟ خصوصا مع المكافأة الكبري، وهي ظهورك المستمر علي كل الشاشات وليس فقط بعضها، ظهور يتجاوز المسلسل الذي كنت ستعمل فيه، ويفوق كل الحدود، فأنت موجود قبل المسلسل وبعده، واللي بعده، وكأنك أمتلكت الشاشة ولست مجرد ممثل، أو حتي نجم، انت اصبحت نجما في اعلان عابر للمسلسلات، والبرامج والزمن نفسه، وبالتالي يصبح وجودك اكثر الحاحا علينا كمشاهدين، فالمعلن هنا هو «سيد القرار» فيما نراه كمشاهدين، مهما كانت قيمة العمل وأهميته، والاعلان هنا قلب الموقف واصبح الاكثر أهمية من الدراما لانه استعار وسائلها وتخلص من وسائله، فأصبحنا نري الاعلانات في قالب درامي، ونري من خلالها قصة زوجين، او قصة حبيبين يكتشفان مكانا جديدا لقضاء اجازتهما، او يذهبان الي حيث يعيش الناس حياة رائعة بفضل مدينة جديدة، ومدينة اخري أروع يغني فيها مطرب الجيل في الهواء الطلق، وايضا دراما الاجهزة الكهربائية في المنزل التي تغني لها نجمات الجيل ودراما مصنع المكرونة الذي ندخله مع نجمة كبيرة نحبها، وغيرها من أعمال اعلانية تتمسح بالدراما لتضيف مساحات للنجوم الذين يقدمونها، وتأخذ منا الوقت حتي ينتهي وقتها، وتتركنا في حالة من التشتت، فأي عمل كنا نتابعه؟ وهل نصدق النجم الكبير وهو يقدم لنا دراما الساحل بعدما أحببناه في افلام ومسلسلات حقيقية سابقة؟ وكيف نصدق نجمة أهم مسلسلات هذا العام وهي تأتينا في ثوب آخر للاعلان عن شركة متعددة الجنسيات، وعلي نفس الشاشة، كيف!. مسلسلات بلا حواجز في اليوم الخامس لمهرجان الدراما، السبت الماضي، كانت حلقة مسلسل «الاختيار2»عن فض أعتصام ميدان رابعة في أغسطس2013، وكانت حلقة شديدة الأهمية، استعان مخرجها بيتر ميمي بما حدث في الحقيقة للتعبير عن رؤية الكاتب هاني سرحان، واستطاع المصور حسين عسر تقديم تفاصيل شديدة الاهمية لتمتزج مع الوثائق المصورة الحقيقية لفض الاعتصام، وما حدث خلاله، وبرغم الأهمية الشديدة لهذا المسلسل الا انه غير معفي من الاعلانات، والقطع، والسؤال هو لماذا؟ هل وصل تقدير المسؤولين عن القنوات التي تعرض هذا العمل، وتعرض ايضا أعمالا أخري تناقش قضايا شديدة الاهمية علي المستوي العام مثل«هجمة مرتدة»، «القاهرةكابول» الي هذه الدرجة من عدم التقدير؟، وان الحواجز الاعلانية لابد وان تقطع اي عمل، حتي لو كان يقدم لنا صفحة من التاريخ الحديث جدا، والذي لا زلنا بداخله، القضية الان هي ان المعلنين يرون انفسهم اهم من صناع الدراما، ويرون ان فلوسهم هي التي تسند منتجي المسلسلات، وبالتالي هم احرار في اطالة الاعلان، واختيار النجوم له، من داخل مصر وخارجها، وأحرار في عرضه في اي وقت، وفي الالحاح و دغدغة مشاعر المتفرجين لشراء الڤيلات والشقق والتمتع بالحياة اللذيذة كما نري في اعلاناتهم، هم، أحرار، مهما كانت اهمية وقيمة المسلسل، ومهما كانت مشاعر المشاهد تجاه الاعتداء علي وقته ونظامه، ولا تقل لملايين البشر ان لديكم المنصة لتروا المسلسلات بدون الاعلانات، لان معني هذا ان كل شئ يستوي عندك، وان مسلسلات الانتماء للوطن لا تفرق عن مسلسلات الهشك بشك.