علي شاشاتنا التي كانت صغيرة،وكبرت الان،بل واصبحت تنافس شاشات السينما احيانا،نعيش شهر الدراما السنوي الذي تتفتح فيه مائة زهرة من زهور الفن،من كل الاجيال،بداية بتلك الزهور التي اعطتنا اجمل ما لديها من رحيق وصنعت لدينا أثرا لا يذهب،ومحبة دائمة الي تلك البراعم التي تتفتح اليوم ونكتشف بعضها ضمن ما نراه على الشاشات التليفزيونية من مسلسلات جديدة،غير ان ما نراه الان لا بد وان يستدعي لدينا أسئلة عديدة أولها اننا لا نجد بين الاعمال المعروضة علينا كل أنواع الدراما،ولكن الحد الأدني منها،فلا يوجد مسلسل واحد يحدثنا عن تاريخنا،ولا يوجد مسلسل عائلي بالمعني الذي يدفعنا الي تأمل حياتنا الانسانية فى إطار الاسرة،ولا مسلسل عن قضية تؤرقنا كمجتمع مثلما رأينا فى (الراية البيضاء) الذي نبهنا الي مخالفات البناء التي اصبحت عبئا علينا جميعا الان،ولا يوجد حتي مسلسل يستعيد الرومانسية المفقودة فى سلوكيات حياتنا،والتي تعني دفء المشاعر وعلاقات الود والاحترام المتبادل بين الجميع، مهما كانت أقدارهم،والسؤال الثاني هو هذا الفراغ الذي يملأ الشاشات وهل سببه قلة عدد المسلسلات التي تم إنتاجها بالمقارنة مع الاعمال التي أنتجت فى الأعوام الستة السابقة،ام ان السبب هو ضعف الدراما نفسها فى عدد غير قليل من العدد القليل الذي تم إنتاجه ! ام استقواء المعلنين بفلوسهم وحصولهم على نصيب الأسد من خرائط القنوات العامة والخاصة بالدراما،وبحيث أصبحت المسلسلات تتبع خرائط الاعلانات وليس العكس، وهو ما جعل المشاهد هو الطرف الأضعف،والذي يتحمل نتائج هذا الصراع،أيا كانت،ويصبر على النزق والغرور الإعلاني ليري دقائق قليلة من العمل الذي قد يحبه فى البداية،وربما يرفضه بهذه الشروط بعدها،ام ان الفراغ سببه غياب أهم وأفضل نجوم الدراما وابتعادهم،غير المبرر،عن ملعبهم،فى البطولة الأهم،ليجلسوا فى بيوتهم،مثلنا يتفرجون على من حل محلهم،بالحق او الباطل لأسباب لا نعرفها ولم يخبرنا احد عنها،مع اننا المقصودين بكل ما حدث ويحدث من متغيرات تطول الشاشات وما يعرض عليها،،نعم فإذا كان من يسيطرون الان على الانتاج الدرامي يعترفون بأهمية المشاهد الذي. تصنع الدراما من أجله،وبأهمية ارضائه،فإن عليهم مذاكرة تاريخ الدراما التليفزيونية المصرية من الستينات حتي اليوم،وعليهم إدراك ان هذا الفن صنع مجدا جديدا للقوة الناعمة المصرية بجانب الفنون الأخري،خاصة السينما،،وعليهم ملاحظة ان الإبداع الدرامي التليفزيوني وصل لقمته مع اعمال صاغها كتابها بكل حرية حبا فى الوطن وبلا قيود على الكلمة،وهو ما فعله محفوظ عبد الرحمن والمخرج ابراهيم الصحن فى مسلسل (بوابة الحلواني) الذي روي قصة حفر قناة السويس الاولي وحال العمال البائس ايام الخديو اسماعيل،،وما فعله الكاتبان مصطفى كامل وعاصم توفيق مع المخرج محمد فاضل من خلال مسلسل (القاهرة والنَّاس )الذي قدم لنا نماذج فريدة من احوال الناس وسلوكهم فى مجتمع يعيش مرحلة تغيير-كالتي نعيشها الان- وما فعله الكاتب اسامة أنور عكاشة مع المخرج اسماعيل عبد الحافظ ومسلسل (ليالي الحلمية )الذي روي قصصا عديدة لناس هذا البلد من خلال الأحداث التي مست مصائر الجميع،وهناك مازال عدد غير قليل من المبدعين لهذه الدراما المهمة والمبدعة موجودين بيننا،سواء الكتاب، او المخرجون،او النجوم الكبار،الذين رأينا بعضهم فى اعلان خيري. بكل تألقهم الانساني منذ ايام،والسؤال الان هو ماذا بعد هذاالموسم الدرامي ؟هل من الممكن ان تتفضل الشركة المسيطرة إنتاجيا علي. نشر بيان تخبر فيه الرأي العام بالنتائج التي أظهرتها سياسة استبعاد النجوم الكبار، واستبعاد الموضوعات الكبيرة،وزيادةعدد الإعلانات ومساحتها،وتقليل عدد المسلسلات،واعطاء الفرص الكبيرة لبعض غير المستحقين فى مجالات عديدة،وهل نطمع فى قدر من شفافية التعامل معنا كمشاهدين مصريين نمثل اكبر كتلة من المشاهدين باللغة العربية واعمالها الفنية.