وكيل مجلس الشيوخ يهنئ السيسي ووزير الدفاع بذكري تحرير سيناء    أحال بيان المالية للموازنة.. مجلس النواب يرفع أعمال الجلسة العامة ل7 مايو المقبل    «العربي لعمال الغزل والنسيج» ينتخب عبد الفتاح إبراهيم أمينا عاما للاتحاد    في جولة ميدانية.. وزير قطاع الأعمال العام يتفقد تطوير شركة النصر لصناعة السيارات    لتيسير تعامل الشركات على أسهم الخزينة .. "الرقابة المالية" تطور قواعد القيد    إدخال 261 شاحنة مساعدات إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم    أبو عبيدة: الاحتلال يحاول لململة صورته منذ طوفان الأقصى.. وفشله مدو أمام المقاومة    الاتحاد الأوروبي يفشل في الاتفاق على تسليح أوكرانيا بصواريخ باتريوت    حسام حسن يقود هجوم سموحة أمام بلدية المحلة    عمر عصر: فوجئت بوصولي لأعلى تصنيف بمسيرتي.. وأثق في قدرتي على منافسة أفضل اللاعبين    موعد مباراة تشيلسي ومانشستر سيتي اليوم.. إليك القنوات الناقلة لمباراة الدوري الإنجليزي مع تردداتها    بمناسبة عيد تحرير سيناء.. انطلاق مهرجان «سيناء أولا» بمشاركة 1000 طالب    رسمياً.. أستون فيلا يعلن تمديد عقد أوناي إيمري حتى 2027    ابتداءً من مساء اليوم.. لا ينصح بالغسيل ويجب شرب المياه بكثره.. تفاصيل    27 أبريل.. إستكمال محاكمة 73 متهما ب "خلية التجمع"    مقتل حلاق على يد راعي غنم في الفيوم    سامح حسين ينعى تامر عبدالحميد مؤلف «القبطان عزوز»    الكتاب.. مفتاح لعوالم لا حدود له | يوم الكتاب العالمي    تكريم خيري بشارة.. تفاصيل افتتاح فعاليات مهرجان مالمو للسينما العربية    شباك التذاكر.. «شقو» يتصدر و«فاصل من اللحظات اللذيذة» الوصيف    محافظ أسوان يشهد مراسم توقيع بروتوكول تنفيذ مشروع تطوير البر الغربي    أحمد بلال البرلسي يطالب بضوابط واضحة لتغطية الجنازات والعزاءات (تفاصيل)    «الرعاية الصحية»: المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل تبدأ في دمياط ومطروح    11 معلومة مهمة بشأن امتحانات الثانوية العامة.. ما الضوابط الجديدة؟    البورصة المصرية تختتم بهبوط المؤشرات وتراجع رأس المال السوقي    شقتك هتضيع.. مهلة أخيرة لاستلام شقق جنة وسكن ودار مصر وبيت الوطن    روسيا تهدد بتعزيز الهجمات على أوكرانيا ردا على المساعدات الأمريكية لكييف    ترامب يهاجم جلسات محاكمته: وصمة عار وفوضى    فيديو| فتح باب التصالح على مخالفات البناء.. أبلكيشن لملء البيانات وتفاصيل استعدادات المحافظات    إحالة بيان الحكومة بشأن الموازنة إلى لجنة "الخطة".. ورفع الجلسة العامة حتى 7 مايو    محافظ المنوفية يتابع استعدادت المحافظة لامتحانات آخر العام والأعياد والإزالات    موجة حارة وعاصفة ترابية- نصائح من هاني الناظر يجب اتباعها    رئيس جامعة عين شمس يبحث مع السفير الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    100 قرية استفادت من مشروع الوصلات المنزلية بالدقهلية    عبير فؤاد تتوقع ظاهرة غريبة تضرب العالم خلال ساعات.. ماذا قالت؟    محافظ بوسعيد يستقبل مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس والموانئ البحرية    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    الغزاوي: الأهلي استفاد كثيرا من شركة الكرة    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    الثلاثاء 23 أبريل 2024.. الدولار يسجل 48.20 جنيه للبيع فى بداية التعاملات    اتحاد الكرة يوضح حقيقة وقف الدعم المادي لمشروع «فيفا فورورد»    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراما الأخلاق ..قوة للدولة
نشر في الأهرام المسائي يوم 04 - 03 - 2018

كادت الدراما أن تتحول إلي منصة لإطلاق صواريخ وقنابل ورصاصات لتدمير كثير من أخلاقيات المجتمع وطبائعه, من خلال أعمال خرج كثير منها في غفلة من الزمن ودور الدولة ومقص المتابع لهذه المخاطر, وباتت أقسام الشرطة والنيابة علي موعد مع لقاءات متجددة لجرائم وقضايا يتم نقلها بالكربون- كما يقولون- من أعمال درامية تحمل بين تطورات أحداثها السلاح في مواجهة المجتمع.
الكثيرون ربطوا بين تلك الصورة من العداء الدرامي والحالة التي ضربت الدولة قبل7 سنوات والتي وقف وراءها الكثيرون في محاولة لإعلاء شأن الفوضي ونشرها بين ضلوع المجتمع ونسف كل محاولة لإعادة الدولة إلي قوتها.
مع عودة الدولة إلي قوتها ونسف دعاوي الفوضي والداعين لها والمساندين لدمارها والفاتحين أبواب جهنم لقوي الشر بشعارات وهمية, ومع عودة دماء الإصلاح إلي شرايين المجتمع وسيطرة روح مصر الجديدة علي المخلصين من أبناء الوطن والمجتمع المصري عادت الدراما إلي عصرها الذهبي وبدأت خلع ثياب وجلباب أرادت قلة أن تفرض ألوانه علي كل المصريين.
مع هذا التوجه تحاول الدراما العودة إلي سيرتها الأولي مدرسة لالأخلاق من خلال أعمال اجتماعية هادفة تسعي إلي الإصلاح ونشر الصواب في مواجهة الخطأ, فهل تنجح في مهمتها؟ وهل يساندها مؤلفون وكتاب سيناريو وروائيون ومخرجون يرفعون راية التحدي وينسفون محاولات الباحثين عن الربح السريع؟ وهل تنجح الدراما في مهمتها في نشر الصور التي تليق بالمجتمع بحماية الدولة والمجلس الوطني لتنظيم الإعلام وصناع الدراما؟
الأهرام المسائي تفتش في أوراق الدراما وحلقاتها وأعمالها وهي تثق مع قرائها بأنه بالفعل, لم يفت الأوان.
الجمهور مش عايز كده
الجمهور عايز كده جملة أثبتت عدم صحتها, وأنها مجرد تبرير لبعض صناع الأعمال الدرامية لكي يعرضوا إنتاجهم من أعمال لا تصلح أن تقدم علي شاشات التليفزيون, خاصة أن تلك الأعمال تدخل البيوت دون استئذان.
هذه الجملة تعد اتهاما للذوق العام الذي تربي علي أعمال درامية محفورة في الذاكرة, وشاهدة علي عصر الفن الجميل كانت الأسرة المصرية تجتمع فيه علي موعد واحد لمشاهدة عمل مثل القاهرة والناس, أو ليالي الحلمية وأرابيسك وغيرها من المسلسلات التي شكلت تاريخ الدراما المصرية.
أهل الدراما يقولون إن الذوق العام وقتها كان مثل ميزان حساس يستطيع أن يفرز الجيد من السيئ, ففتح أبوابه أمام أعمال قدمت نماذج فنية رائدة, وأغلقها أمام أخري استخفت به.
وظل الذوق العام محافظا علي هذه الحساسية الفنية منذ عرض أول مسلسل بعد افتتاح التليفزيون وهو هارب من الأيام بطولة عبد الله غيث, تأليف ثروت أباظة, سيناريو فيصل ندا, إخراج نور الدمرداش, حتي الأعوام الأخيرة خاصة بعد عام2011 عندما حاول البعض إفساده من خلال أعمال تجعل من البلطجي بطلا وتخلق تعاطفا مع المجرم دون تجريم أفعاله, وصورت مصر علي أنها مجتمع غارق في العشوائية فانتزعوا من الدراما جمال الصورة ورقي الحوار وأصبح العنف هو المجال الذي تدور فيه هذه الأعمال مع غياب للموضوعات التي تهم كل أسرة حتي اختفت الطبقة الوسطي من الأعمال الدرامية, في مقابل العنف والبلطجة أو تقديم أعمال تصور في قصور وتتناول عادات لا تشبه الشارع المصري, لتصبح الدراما ضيفا ثقيلا علي المشاهد في بيته بحجة الجمهور عايز كده.
ومع عرض عدد من الأعمال الجديدة التي أعادت الصورة الجميلة عن مصر, استعاد الجمهور حساسيته الفنية وابتعد عن الأعمال الرديئة, بعد أن وجد أمامه أعمالا تتكاتف فيها كل الشرائح لتكون مجتمعا كاملا باختلافاته وتناقضاته وطبقاته الاجتماعية.
كما كسرت هذه الأعمال التي أعادت مفهوم الدراما الاجتماعية فكرة الموسم الواحد وهو موسم العرض في رمضان الذي كان الجميع يتسابق لعرض أعماله فيه بشكل مكثف ينفر منه المشاهد في بعض الأحيان, وأصبحت الأعمال تعرض في أي وقت من العام ومنها مسلسل أبو العروسة, والطوفان, وسابع جار, وأنا شهيرة.. أنا الخائن ويمكن ترك القوس مفتوحا لأنه أصبح هناك صناع للأعمال الدرامية علي وعي بأهمية ما يقدمونه علي شاشة التليفزيون التي يراها الطفل والشاب وكبار السن, مع تحملهم مسئولية ما يقدمون نظرا لوصولهم لأكبر قطاع من الجمهور.
محمد فاضل: لا قيود علي الإبداع
أكد المخرج محمد فاضل رئيس لجنة الدراما أن الدراما التليفزيونية في أساسها اجتماعية, فتدخل البيوت ولا يختارها المشاهد مثل الأفلام التي يذهب لها إلي السينما, ومنذ نشأة الدراما في مصر في الستينيات كانت الدراما العائلية هي السائدة ومنها مسلسل عادات وتقاليد ومسلسل القاهرة والناس وكل منهما استمر لسنوات عديدة وحقق نجاحات واستمرت الدراما بأشكال مختلفة بعد ذلك منها مسلسل بابا عبده, وأخو البنات وأمثلة كثيرة ليس لي فقط كمخرج ولكن للمخرجين الآخرين مثل نور الدمرداش عندما قدم لا تطفئ الشمس وأيضا مسلسل ليالي الحلمية الذي ينتمي للدراما الاجتماعية وهذا استمر حتي عام.2010
ويضيف: بعد عام2011 عندما تخلت الدولة عن دورها في الإنتاج ظهرت دراما الحركة والاكشن, قبل أن تعود في السنوات الثلاثة الأخيرة الدراما الاجتماعية مرة أخري بشكل مميز مثل مسلسل لأعلي سعر وأبو العروسة الذي يعرض حاليا وحلاوة الدنيا فهو تراجيدي ورومانسي في الوقت نفسه, أما الطوفان فهو شكل من أشكال التراجيديا فالدراما الاجتماعية يمكن تقديمها في أشكال متعددة, لذلك لا يمكن أن نقول إننا نفرض شكلا واحدا للدراما علي الكتاب ففي داخل الدراما الاجتماعية يمكن تقديم الكوميديا والتراجيديا والرومانسية.
ويشير فاضل إلي أنه لا تحديد للإبداع ويمكن أيضا أن يكون للدراما شكل تشويقي مثل مسلسلات العائلة والناس أو لدواعي أمنية.
ويضيف أن مسلسل أبو العروسة وأنا شهيرة.. أنا الخائن والدولي وبدون ذكر أسماء لوحيد حامد تقدم أشكالا مختلفة للدراما الاجتماعية وتوضح أن الكاتب يستطيع أن يقدم شكلا مختلفا للدراما وأنه لا شيء علي المبدع الذي من حقه أن يقدم ما يريد ولا يمكن أن نصدق جملة الجمهور عايز كده بدليل إقبال الجمهور علي مسلسل أبو العروسة والطوفان وغيرهما من هذه النوعية, ومن يقل إن هذا ما يريده الجمهور فليأت بدراسة أو إحصائية بشكل علمي من أجهزة رصد للرأي العام موثوق بها فلا يعطي أحد نفسه حق أن يحكم علي العمل بدلا من الجمهور أو يتحدث باسم الجمهور حتي أنا, لكن كلها تخمينات وأحاسيس وفي مسلسل أبو العروسة وهو نموذج للدراما الاجتماعية الذي تناول عددا من القضايا الاجتماعية فهو أول مسلسل تناول المصريين بشكل واقعي ومنطقي بدون نفاق كما أنه جريء في تناول موضوعاته وهذا هو النموذج للدراما الاجتماعية الذي يجب أن نشجعه لأننا في حاجة إليها.
ويوضح أنه حدث نوع من المبالغة في الحديث عن نقطة حرية الإبداع فلكل واحد اختياراته ولا يفرض علي المؤلف شيء والكاتب هاني كمال مؤلف أبو العروسة شعر أن المجتمع في حاجة إلي مثل هذا العمل فقدمه دون أن يوجهه ولا يفرض أحد عليه شيئا كما أن هاني موهوب رغم أنه صغير لكنه استفاد من الماضي والتجارب السابقة وقدم دراما بشكل مختلف وهو مبدع, ولأنني شاهد علي تاريخ الدراما في مصر فأؤكد أنه لم يحدث أبدا أن طلب من أحد تقديم عمل معين لكن العمل الدرامي يجب أن تكون له صلة بالواقع إن لم تكن وثيقة علي فترة زمنية معينة, ففي مسلسل مازال النيل يجري الذي تناول عددا من القضايا بالريف المصري منها تصحيح الخطاب الديني وزواج القاصرات والختان والتزوير في الشهادات والتسنين ولكي يخرج العمل بهذه الطريقة ذهبت أنا وأسامة أنور عكاشة لمكاتب تنظيم الأسرة من الإسكندرية إلي سوهاج لجمع معلومات حقيقية من الريف لذلك أعتبره وثيقة عن الريف في هذا الوقت.
كتاب ومثقفون للمؤلف: حكم ضميرك
الكتابة مسئولية هذا ما أكده عدد من مؤلفي الدراما والمثقفين مشددين علي أن للدراما التليفزيونية تأثيرا علي المشاهد, وأنه يتعين علي الكاتب تحكيم ضميره وأن يعرف أن ما يكتب للسينما ليس هو ما يكتب للدراما, وأن موهبة الكاتب وإتقانه للعمل هي التي تجعله يتناول أي موضوع دون أن يؤثر بشكل سلبي علي المجتمع.
يقول الكاتب مجدي صابر: إن المسئولية الأولي تقع علي المؤلف وهذا أصل أعمال الفيديو بأن يكون السيناريو هو الأساس ويجب أن يحتوي علي قضايا تهم الناس وتناقش أوجاع المجتمع ويأتي بعد ذلك المخرج الذي لديه نفس الالتزام المجتمعي باعتباره مسئولية مشتركة يدخل فيها أيضا الممثلون والمنتجون وكلها عناصر تشترك في إبراز قضية العمل في طرح موضوعات مهمة أو تقديم موضوعات ليس لها علاقة بمجتمعنا مثل القتل والعنف والمخدرات وغيرها من أعمال تؤثر علي المتلقي بالسلب أو بالإيجاب.
ويدلل علي ذلك بأنه في أحد المسلسلات قام البطل بإلباس عدوه قميص نوم والحادثة نفذت بعد ذلك علي أرض الواقع وبالفعل الدراما تؤثر علي المشاهدين لأننا لدينا40% من المجتمع أميون وأغلب خريجي الجامعات ليس لديهم ثقافة حقيقية والتليفزيون مؤثر وخطورته تكمن في أنه يدخل كل بيت علي عكس الفيلم أو السينما التي يكون تأثيرها محدودا بعدد المشاهدين الذين يذهبون إليها وعند عرض الفيلم في التليفزيون تقوم القنوات بعمل فلترة لبعض المشاهد التي لا تليق وعرضها في التليفزيون, ويضيف أن الأعمال الدرامية في السنوات الأخيرة خاصة بعد ثورة25 يناير أصبحت أشبه بالسينما تقدم مشاهد عنف ومشاهد لا تليق بوجود أطفال ومراهقين يشاهدونها.
التعبير عن المجتمع
ويوضح السيناريست بشير الديك أن الدراما التليفزيونية لا بد أن تختلف عن السينما لأنها تدخل كل بيت ويراها جميع الأجيال بالأسرة من صغار وشباب وكبار السن لذلك يجب ان تتناول كل ما يهم الأسرة المصرية, شرط أن يكون العمل متقنا لكي يحوز إعجاب الجمهور كما أن أعمال الأكشن والحركة تليق أكثر بالسينما التي يدفعون لها تذكرة ويذهبون لها لكن في البيت يجب ان تكون هناك دراما اجتماعية تليق بالأسرة مثل مسلسل ليالي الحلمية الذي اجتمع حوله عدد كبير من الجمهور.
ويتابع: تناول مشكلات الأسرة دراميا يحتاج لإتقان وابتكار ولا يجب تناولها بشكل نمطي لأن النمطية لا تجذب المشاهد وفي كل الحالات يجب علي الكاتب أن يعبر عن مجتمعه لأنه جزء منه يجب أن يقدم اعمق ما في المجتمع مع مراعاة الفرق بين شاشة التليفزيون والسينما ويقدم رؤيته الخاصة للواقع ورغم أنه يتناول الواقع ويجب أن تكون هناك حساسية بالكتابة لأن الأسرة لها عالم خاص مختلف بشكل ولو قليلا عن عالم السينما.
أنا ضد الرقابة الزائدة
أما الكاتب يوسف القعيد فقال: أنا ضد أن تحمل الدراما ميراثا ضخما علي خلفية أنها تؤثر في سلوك المشاهد فهذا غير حقيقي وأنا ضد الرقابة الزائدة علي الأعمال, ولا يستدعي أبدا أنه بسبب وجود عمل دون المستوي أن نأخذ إجراءات استثنائية خاصة أن صناعة الدراما أهم من صناعة السينما, كما أنني ضد الأحكام العامة علي طول الخط, فالمجتمع الذي يغيره مسلسل هو مجتمع هش والمجتمع المصري ليس هكذا, لذلك أري أن تعرض كل الأعمال والمشاهد هو من يختار, ولا داعي من تخويف الناس أن هناك عملا يمكن أن يهدم المجتمع, لكني مع ذلك ضد الإباحية, فالسياق الوسطي العادي أفضل.
ويضيف: لا يوجد من يهتم بقياس الرأي العام تجاه عمل فني يعرض, فالمقياس هو حجم الإعلانات التي تحدد أن العمل يحصل علي نسب مشاهدة, فيتعامل مع المشاهد علي أنه الحلقة الأضعف في المعادلة فمنذ30 عاما تم إجراء بحث قياسي واحد عن المشاهد والأعمال المعروضة, ولم يتكرر هذا مرة أخري, ومعرفة رأي المشاهد مهمة ليكون صناع الأعمال الدرامية علي بينة بما يعجب الجمهور وما لا يعجبه.
المسئولية علي الكاتب
ويقول الكاتب د.أحمد الخميسي بالتأكيد مسئولية كل عمل تقع علي الكاتب سواء أكان العمل للتليفزيون أو السينما أو مطبوعا للقراءة, فالكاتب هو مصدر الاشعاع الأول ما لم يتم تحريف عمله وتشويهه كما حدث مع روايات نجيب محفوظ حين أصبحت أعمالا سينمائية. لكن إذا تحدثنا عن كتاب المسلسلات التليفزيونية مثلا, أي تلك التي يكتبها كتاب محترفون سيناريست, فإن كتاب تلك الأعمال يتحملون المسئولية كاملة عن أعمالهم, ذلك أنها وليدة أفكارهم وليست مأخوذة عن رواية مثلا أو قصة قصيرة.
وتابع: من ناحية أخري هناك مسئولية مضاعفة بالنسبة للمسلسلات التي تعرض في التليفزيون, إذ إن قراء الكتب دائرة ضيفة مهما اتسعت, أما مشاهدو التليفزيون فإنهم بالملايين, والتليفزيون عمليا في بلادنا العربية هو الكتاب, والأغنية, وديوان الشعر, وحامل الثقافة العلمية, التليفزيون هو الطعام الفكري للملايين ولكل العائلات والأسر, التليفزيون هو الأداة التثقيفية الأولي في مجتمع يعاني من نسبة عالية من الأمية, ومن هنا وجب التمييز بينه وبين ما ينشر في صحيفة أو كتاب, لاختلاف الجمهور في الحالتين, العمل التليفزيوني قد يراه طفل, أو صبي, أو فتاة غير ناضجة, ولا بد من مراعاة طبيعة الجمهور المختلفة, فهنا في التليفزيون تبرز مسئولية الكاتب كما تبرز بالضبط مسئولية وزارة التربية والتعليم عن كتبها ومقرراتها, المسئولية هنا مضاعفة وفي غاية الأهمية.
تقليد أعمي يهدم المجتمع
وأكد السيناريست وليد يوسف أن الكاتب يكتب بعقله وضميره, فالأفكار يجب أن يحكم عليها أولا بالضمير حتي لا تستخدم بعد ذلك بشكل خاطئ, حتي في محاكاة الدراما للواقع وتناول سلبيات المجتمع الكاتب مسئول أن يصيغها بموهبته دون أن يعطي مساحة لمشاهد يقلدها وباستخدامها يهدم المجتمع رغم أن نواياه كانت عكس هذا, لذلك لو تناولنا قضية عنف مثلا ليس شرطا أن أصوره يمكن أن أشير إلي آثاره, أو لو هناك مشهد إغراء ليس شرطا أن نصوره يمكن التعبير عنه بإيماءة وأكثر من طريقة, فتناول الجرائم لا يجب أن تجسد بصورة كاملة فيتعلم المشاهد طرق نصب أو سرقة والفارق هنا موهبة الكاتب, ويقول: انا في مسلسل ابن الارندلي قدمت قصصا عن من وضعوا ايديهم علي قصور مهجورة ويزورون أوراقا لبيعها مرة أخري لكني لم أكتب كل الخطوات رغم علمي بها لأنني لو كتبت كل التفاصيل أكون بفتح عقل المشاهد علي طرق الجريمة.
ويضيف: للدراما تأثير كبير علي المتفرج خاصة لو جسدها نجم محبوب ولديه مصداقية عند الناس, ويجب أن ينتبه الآباء لأنه في الثلاثين عاما الأخيرة أصبحنا لا نربي أبناءنا بمفردنا فهناك وسائل إعلام وتكنولوجيا تقلص أمامها دور الأسرة, وأتذكر مقولة ليوسف شاهين قالها لي: أقدم فيلما مدته ساعتان وهناك متفرجون كثيرون قرروا أن يعطوني من وقتهم ساعتين ليشاهدوا العمل فيجب أن أقدم لهم عملا به قيمة, لذلك قررت عندما أقدم عملا أن أحترم الوقت الذي منحني إياه المشاهد لأنني سأحاسب عليه.
دراما من وحي الحياة المصرية
أكد صناع الأعمال الدرامية الاجتماعية التي تعرض حاليا لالأهرام المسائي أن الجمهور كان متعطشا لمثل هذا النوع من الدراما الاجتماعية التي يري فيها نفسه ومجتمعه بالصورة الحقيقية, ويستطيع التعايش مع أحداثها, حياة يومية وشخوص تشعر أنها قريبة منك وتعرفها وتقابلها يوميا, إن لم تكن أحدها, هذا ما استطاعت المسلسلات الاجتماعية التي تعرض حاليا علي شاشات التليفزيون أن توصله للجمهور, فحصدت نسب مشاهدات عالية وجمعت الأسرة حولها كأنهم كانوا في انتظار عودة مثل هذه النوعية من الدراما, التي تغنيهم عن مشاهد البلطجة والعنف في أعمال فرضت عليهم.
وتوحد الجمهور معها فقال عدد من المشاهدين علي مواقع التواصل الاجتماعي: إن دور الأم الذي قدمته دلال عبد العزيز في سابع جار يشبه كثيرا أمهاتهم وعلاقتها بأختها, وهو ما ينطبق علي دور الأب عبد الحميد في أبو العروسة وحرصه علي عائلته, كما أن أسرته تشبه معظم الأسر المصرية فيواجهون نفس العقبات والتحديات, وأفراحهم عبروا عنها بمصداقية تكاد تكون مرآة للواقع, وأيضا طموح شهيرة خريجة الصيدلة ومحاولتها النجاح عمليا ودراسيا ووقوعها في الحب دون البحث عنه التي صورت حياة الفتاة المصرية في أنا شهيرة.. أنا الخائن, كما تعود الدراما الصعيدية لتقدم نموذجا جديدا ناجحا يناقش قضايا مهمة عن الميراث وحقوق المرأة, كل هذا أحدث زخما فنيا كان المستفيد الأول منه هو الجمهور.
صورة حقيقية للمجتمع
قالت الفنانة شيرين إن مسلسل سابع جار كسر المقاييس الموجودة للأعمال الدرامية مؤخرا, وأشار من خلال أحداثه إلي بعض النقاط التي أصبحت موجودة في المجتمع منها أننا لا نهتم ببعض مثل زمان وأضاف للمشاهد كثيرا من الأمور ورغم ذلك تعرض لانتقادات كثيرة.
وأضافت: بالطبع لا يمكن أن نرضي كل الأذواق لكن لن نضع رءوسنا في الرمال مثل النعام ونقول إن ذلك لا يوجد في مجتمعنا, لكن أري أن المسلسل رصد ملامح كثيرة موجودة في المجتمع, وقدم صورة حقيقية من المجتمع المصري, علي عكس أعمال أخري تصور في القصور وفوجئت عندما ذهبت للخارج أن هناك انطباعا بأن الشعب يعيش في قصور وفيلات مثلما قدمتهم فأوضحت لهم أن هذا تمثيل ومعظم المشاهد المصورة في الاستوديو.
كما أنه ليس كل ما يحيط بنا عشوائيات فهناك طبقات متعددة وهناك أعمال كثيرة قديمة صورت الحياة الاجتماعية في مصر بمصداقية منها القاهرة والناس بطولة بوسي ونور الشريف وصلاح السعدني, ومسلسل عادات وتقاليد لعقيلة راتب, عمارة شطارة للفنان محمد رضا وهذه أعمال مهمة جدا رصدت المجتمع المصري.
وأكدت أن سابع جار قدم شرائح متعددة ونماذج من كل فئة من خلال عائلات كل منها في شقة فظهرت موضوعات مختلفة وكل من يشاهد العمل يري به جزءا من حياته وهذا علي عكس الأعمال الهندية والتركية التي كان الجمهور يشاهدها وهي بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا لكن الجمهور كان يشاهدها من أجل رؤية صورة ومناظر مختلفة.
مصر ليست للعشوائيات فقط
وتوضح الفنانة لوسي أن شخصية كريمة في البيت الكبير تعتمد علي العقل والتفكير وهي ضد الدم والعنف رغم أنها شخصية قوية لكنها مع أخذ الحق بالعقل والتفكير خاصة أن لديها حقا حتي إنها قالت لبناتها إنها حتي لو كانوا أغنياء لن تترك حقها وحق أولادها في الميراث ويجب أن نقف للخطأ ولكن بالتسامح.
وتضيف: مسلسل البيت الكبير أعاد فكرة المسلسل الاجتماعي الذي تلتف حوله الأسرة وجاءتني ردود فعل كثيرة جيدة حوله والشخصية تمر بأكثر من مرحلة فيشاهدها الجمهور في البداية بالقاهرة سيدة تربي أبناءها علي مستوي تعليمي عال, ومن هنا أريد أن أقول إنه يجب علي كل سيدة ليست متعلمة أن تمحو أميتها وتقرأ وتكتب وتسعي لتعليم أبنائها وهذه الرسالة مهمة من ضمن رسائل العمل كما تتطور الشخصية وتعود لجذورها بالصعيد وتتحدث باللهجة الصعيدية وأنا أحبها لأنها لهجة قوية ومتفردة ومن المفترض أن تتناول الدراما كل الحالات الموجودة بالمجتمع والطبقات والشرائح من الأغنياء والعشوائيات والطبقة المتوسطة وبالطبع الدراما الاجتماعية مهمة لأنها جاذبة للجمهور ودليل علي أننا نشبه بعضا لكن كل واحد له شكله وحياته التي يعيشها.
علاج بشكل منضبط
ويقول الكاتب هاني كمال, مؤلف مسلسل أبو العروسة: إن الدراما الاجتماعية هي التي تربينا عليها مثل الشهد والدموع وليالي الحلمية وغيرها وهذه المسلسلات كانت تعرض أيضا في رمضان, وتعلمنا منها, وأري أن هذا هو نموذج الدراما الاجتماعية التي يمكن من خلالها أن تحب وتضحك وتحزن كما أنها تعالج القضايا بشكل منضبط, لكن المفاهيم تغيرت خلال الثماني سنوات الأخيرة فاختلفت الدراما بسبب ورش الكتابة التي أصبحت منتشرة في كتابة الأعمال والعمل الدرامي التليفزيوني يحتاج إلي كاتب واحد للعمل لتقديم حالة متكاملة, كما دخل علي الدراما أسلوب السينما في الصورة وهو شيء جيد لكن الأفلام طبيعتها لا يمكن تحويلها لمسلسل بنفس الشكل وأصبح البعض يأخذ شكل الافلام الأجنبية ليطبقه علي العمل الدرامي ويعمل بنفس التيمة علي مسلسل يدخل كل منزل.
وأضاف أن الطبقة المتوسطة عند تناولها في الأعمال الدرامية نقوم من خلالها بتناول المجتمع كاملا لأنه بتسليط الضوء عليها نستطيع أن نرصد الطبقة الأقل والطبقة الأعلي ولا نرصد فقط ولكن هناك رؤية يجب أن تكون لدي الكاتب عند تناوله لقضايا المجتمع, فأصبحنا نري القتل والسرقة والمخدرات هي أساس المسلسلات التي تقدم في رمضان فأفسدت عقول المشاهدين وأصبح من السهل أن يتوقع المشاهد الأحداث وينتظر دائما نقطة الإثارة والأكشن بالعمل وهذه ليست الدراما, ففي مسلسل ليالي الحلمية لم يتوقع المشاهد الأحداث فكان يشاهد ليستمتع.
ويقول: أنا اتعامل مع الكتابة ليس علي أنها تدر دخلا ماديا ولكن أريد تقديم شيء لأولادي والجيل المقبل لأنني أري أن الجيل الموجود علي السوشيال ميديا يفكر بطريقة مختلفة ويظن أن العمل الدرامي التليفزيوني يشبه العمل السينمائي من ناحية الإثارة والعنف, وعلي الكاتب أن يستفيد من التجارب الإنسانية والاجتماعية ويصيغها في عمل جيد, وبسبب ورش الكتابة أصبح الحوار في العمل الدرامي ليس له طعم لأن الكاتب جاء يبيع قصه والممثلون هم من يكتب الحوار ونجد أن ورشة الكتابة تعمل في مسلسل واثنين في وقت واحد وتقدم صورة لا أجد فيها مصر, ولا أري غير عبد الرحيم كمال هو الذي لا يزال متمسكا بالشكل الأساسي لكتابة العمل الدرامي.
ويؤكد هاني كمال أنه ضد مقولة الجمهور عايز كده فنحن كصناع دراما سنحاسب علي ما نقدمه للناس لأن الله رزقنا موهبة سيحاسبنا علي ما قدمنا من خلالها وعندما أكتب عملا دراميا للتليفزيون أفكر في أنني أستطيع أن أترك أولادي يشاهدونه لكن السينما لها طعم آخر يستطيع فيها الكاتب تقديم ما يريد ونحن نحتاج في هذه الفترة أن نقول من خلال أعمالنا إننا بشر وداخلنا طيبة حتي في المسلسل, الممثلون كان لديهم عطش لهذا النوع من الدراما لذلك ظهر العمل بهذا الشكل, كما أن القدر وقف معنا فهناك عدد من الحلقات المهمة ارتبطت بأحداث في نفس الوقت بالمصادفة فحلقة الشهيد تزامنت مع ذكري25 يناير وحلقة مصالحة حجازي لخطيبته جاءت مع عيد الحب كما أن حلقة مباراة كرة القدم جاءت مع تكريم محمد صلاح, وأعتقد أن فكرة الدراما لها موسم فهو شيء خاطئ وأثبت عدم صحته لأن العمل الجيد يشاهده الجمهور في أي وقت.
صرخة تحذير.. وناقوس خطر
يتأثر المشاهد سلبا وإيجابا بالأعمال الفنية التي يراها, هذا ما أكده أساتذة الاجتماع لكنهم يوضحون أن من يتأثر بالعنف والمشاهد السلبية هي الشخصية الهشة التي لا تمتلك من الوعي والمقاومة مما يجعلها تفرز الجيد من غيره, ويرجعون ذلك لمشكلة في الثقافة والتعليم.
يقول الدكتور محمد خليل أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة عين شمس: في تصوري أن أي عمل فني جيد سيؤثر علي المشاهد, لكن قضية الخوف من العنف بالمسلسلات وتأثيرها علي المشاهد فهو أمر آخر لأنه لن يؤثر علي الجميع إلا من هم ليس لديهم القدرة علي المقاومة وبالطبع هناك شريحة في المجتمع ليس لديها قدر من الثقافة والوعي فتقع فريسة لهذا النوع من الأعمال.
ويضيف: يعجب المشاهد بفكر ناس من مصلحتها أن تنشر هذا الشكل ليحققوا ما يريدونه ويكسبون منه ماديا, رغم أن هذا النوع من الأعمال موجود في كل العالم أوروبا وأمريكا وآسيا وطالما أنه موجود إذن فله جمهوره ولا ينتج المنتج عملا لن يدخله الجمهور لكن المشكلة الاساسية في بلدنا تكمن في المستوي الثقافي وهذا راجع إلي تدهور التعليم فيوجد كثير من الناس ليس لديهم استيعاب للفن الجيد وذلك يحتاج إلي نهضة ثقافية ونهضة في التعليم أيضا وأن تتعامل الوزارتان بجد.
ويضيف: إنتاج الأعمال الفنية أصبح غير مدعوم من الدولة فأصبح كل منتج يقدم ما يريد من أعمال يضمن بها مكسبه, فسيطرت الضحالة في التفكير النقدي والابتكاري حتي بعض كتاب السيناريست لا يوجد لديهم أكثر من ذلك فهذه حدود تفكيرهم رغم أن المعرفة أصبحت متاحة عند أطراف الأصابع بسبب التكنولوجيا لكن الأزمة تكمن في التعليم بالمدرسة والمنزل.
ويوضح د.نادر فتحي قاسم مدير مركز الارشاد النفسي بجامعة عين شمس, أن بعض ما قدمه التليفزيون والسينما في بعض الأحيان أسهم في إفساد المجتمع بدعوي الواقعية فنقل ما يحدث في العشوائيات من وجهة نظره المريضة وهذا يخلق نوعا من التشوه العقلي المعرفي, ومجتمعنا مثل أي مجتمع به كل الفئات والشرائح لكنه مجتمع طيب ومع انتشار مفاهيم مشوهة داخل المسلسلات والافلام سيعتقد البعض أن هذا هو الوضع الطبيعي في مصر, فيجب أن نركز علي الصورة التي نقدمها في الأعمال الدرامية لأنها تنعكس عنا في الخارج فيظنون أننا نسكر وفي كل بيت بار وان السيدات راقصات والشباب بلطجية, فتم تشويه الفن الذي يجب أن يكون مساحة للمتعة, وعن نفسي أحرج ان أشغل التليفزيون في بيتي لأنني لا أضمن ما يعرض فيوجد شباب كيف أفسر لهم ما يعرض.
ويقول: د. محمد عبد السميع رزق أستاذ علم النفس التربوي جامعة المنصورة: إن الأعمال التي تدعو إلي العنف تنشئ عنفا وبلطجة في المجتمع, ولا بد من رقابة عليها لأن ما يقدم ينطبع في ذهن الكبار والأطفال, فالعنف بأنواعه- لفظي وبدني- وما هو خارج عن الحياء في المسلسلات يدمر الأسرة التي هي نواة المجتمع.
وتابع أن هذه الأعمال تضع نواة للعنف في نفوس الأطفال والآباء الذين يقلدون تقليدا أعمي ويفتحون عقولهم علي أفكار هادمة للأسرة فنجد أبا يضرب الأم والعكس والطفل يشاهد فينعدم الاحترام أمام الجميع وتدمر الأسرة, كما أن العنف والبلطجة ينبتان في نفوس الأطفال جذور الإرهاب, لكن هذا لم يكن في المسلسلات القديمة التي تربينا عليها, وكل ما يقدم علي الشاشة له مردود ثقافي, ومن لا يفكر بشكل صحيح سيقلد ما يراه وأصبح لا وجود للقدوة والأطفال ليس لهم هوية وانحدر التعليم, وكل هذا يؤثر علي الوطن لأنه بالحفاظ علي الأسرة سنحافظ علي المجتمع كله.
النعماني في مواجهة الأسطورة
وينفلت من بين إيدينا الزمان, كإنه سحبة قوس في أوتار كمان, وتنفرط الأيام عود كهرمان, يتفرفط النور والحنان والأمان.
وكأن سيد حجاب بكلماته لتتر مسلسل أرابيسك أشار إلي المستقبل الذي انفلت فيه الزمان, الذي اختفت فيه صورة الشهامة والجدعنة لابن البلد ليحتل مكانها صورة البلطجي الذي لا يأمن الناس شره بالدراما التليفزيونية.
الغش طرطش رش ع الوش بوية, ما درتش مين بلياتشو أو مين رزين, شاب الزمان وشقيت.. مش شكل أبويا, شاهت وشوشنا تهنا بين شين وزين.. ولسه ياما وياما حنشوف كمان.
في أرابيسك جسد أسامة أنور عكاشة شخصية ابن البلد بالحارة الشعبية بتحولاته وهمومه في شخصية حسن النعماني الذي كان مثالا للشهامة حتي في انحداره لم يعتد علي حق أحد وكان مدافعا عن بنات حارته وينصر الضعيف ورغم كل هذا كانت شخصية مجسدة بوضوح يستطيع المشاهد أن يفرق بين سلبيتها وإيجابياتها, علي عكس ما نراه حاليا بالمسلسلات التي تدعي أنها تجسد الحارة المصرية وتقدم شخصية البلطجي في قالب ابن البلد في عمل مثل الأسطورة لمحمد رمضان أو مسلسل حواري بوخاريست الذي يتحول فيها الرياضي لبلطجي بسبب الإحباط, واختلف مع هذه الشخصيات شكل الحارة والروح المصرية.
كانت شخصية حسن النعماني قريبة للمشاهد لأنه وجد بها الشهامة والجدعنة رغم ما لديه من أخطاء مثل باقي البشر, فنان في صنعته يملأه القلق نحو ما يحدث في الوطن العربي بعد حرب العراق وينال الاحباط منه ويتسبب في ضياع كرسي أثري صنعه جده لكن في الوقت المناسب كان حسه الوطني ظاهرا ووقف بجوار العالم برهان الذي جسده كرم مطاوع أمام من أرادوا أن ينالوا منه.
صلاح السعدني عندما قدم شخصية حسن النعماني كان مدركا أن الفنان المحبوب له تأثير علي المشاهدين فكان الشخصية ملتزمة بما يليق ان يظهر علي شاشة التليفزيون.
دنياك سكك, حافظ علي مسلكك, وامسك في نفسك لا العلل تمسكك.. وتقع ف خية تملكك, تهلكك.
رغم الاحباطات التي تعرض لها النعماني إلا أنه أراد أن يحيي فن الأرابيسك وأن يعمل بشروطه التي تحترم هذا الفن العربي وهذا دليل علي قوة الشخصية المصرية التي ارتبطت بتاريخها ففي إحدي المشاهد علي لسان والدته هدي سلطان قالت: حسن ماضربوش في ظهره غير الأيام, ولما قام الزلزال ماخفتش علي البيت ده لأنه متأسس كويس زي حسن, لكن في الاسطورة كان تحول شخصية محمد رمضان من الطالب المتفوق الذي تخرج من كلية الحقوق ليأخذ مكان شقيقه بعد مقتله في التجارة الممنوعة دليلا علي هشاشة الشخصية التي كان من السهل أن تنقاد وراء طريق الانتقام.
وانعكست طبيعة الشخصيات علي مواقفها أيضا فحسن شخص يرعي الجميع ويعتبر كل من في الحارة اسرته وعندما علم بأن سامبو وراء خطف ابنه ضربه أمام الحارة لكن دون نقطة دم واحدة أو استخدام ألفاظ لا تليق وحاول أهل الحارة التدخل, لكن في المقابل بالاسطورة قام محمد رمضان بضرب شخص نشر صورا لزوجته وحطم المحل وألبسه قميص نوم في طرق جديدة للإهانة والبلطجة يطلعون المشاهد عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.