الإدارية العليا تستقبل 29 طعنا على نتيجة ال19 دائرة الملغاة بالمرحلة الأولى للنواب    700 مشروع في القليوبية.. رئيس الوزراء يتفقد ثمار «حياة كريمة» ميدانيًا    وزير الكهرباء يتفقد قطاع شبكات المدن الجديدة بمدينة العاشر من رمضان    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    الخارجية الأردنية تدين مصادقة إسرائيل على إقامة 19 مستوطنة غير شرعية بالضفة الغربية    وزير الخارجية: نرفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين وندعو لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عددا من القري في رام الله ويحتجز مواطنين    محافظ الوادي الجديد يشهد الاستعدادات النهائية لختام مهرجان الرياضات التراثية والفنون    لماذا يثير محمد صلاح كل هذا الغضب؟    جماهير ليفربول تصفق ل محمد صلاح بعد مشاركته بديلا أمام برايتون (فيديو)    قائمة الكاميرون لبطولة كأس الأمم الأفريقية 2025    حجز محاكمة 7 متهمين بتهريب العملة للحكم    محافظ الغربية يتفقد الشوارع الفرعية بطنطا لمتابعة رفع مياه الأمطار    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    الإعدام لعامل والسجن المشدد 10 سنوات لمجموعة بتهمة قتل شخص في طوخ    "الزراعة" تضبط 189 طن لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي خلال أسبوع    عالم «تارانتينو» الساحر!    افتتاح معرض «الإسكندر الأكبر: العودة إلى مصر» بمكتبة الإسكندرية    "أزهري يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عدية للقراءة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    حماس تحذر من كارثة إنسانية بعد عواصف غزة    وفاة والدة الدكتور خالد حمدي رئيس جامعة الأهرام الكندية    نرمين الفقي تهنئ محمد هنيدي بزواج ابنته.. صور    كندا وأمريكا تتأهبان لمزيد من الأمطار والفيضانات    بحوزته 35 كيلو شابو وأسلحة.. مصرع تاجر مخدرات في حملة أمنية بقنا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    الموسيقيين تشطب عاطف إمام بعد تحقيقات رسمية تثبت مخالفات إدارية ومالية    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    تعرف على إيرادات فيلم الست منذ طرحه بدور العرض السينمائي    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    تكريم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد خلال مؤتمر التفتيش الصيدلي    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    للشباب.. فرص عمل جديدة في عدد من الشركات الخاصة    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركى هندى مصرى .. كله موجود !
نشر في الأهرام اليومي يوم 11 - 01 - 2017

حياتنا اليومية هذه الأيام – نحن المصريين – باتت كالمسلسل التليفزيونى الدرامي، أو قل إنها أصبحت هى والدراما سواء. والدراما- كما وأن كل ربات بيوتنا يعرفن- أنواع ثلاثة؛ تركية، أو هندية، وطبعًا المصرية.. وأنت حر، فإن أردتها هندى .. موجود، وإن رغبتها تركي.. لا مانع.. فإن جئت على نفسك وسعيت للمصري.. فأنت بالتأكيد شجاع.
فى التركي- وأنت تشاهد مسلسلاتهم- سوف تجدهم يرتدون أفخم الثياب، وكأن بطلاتهن عارضات أزياء (حاجة تفرح القلب)، ويرصون فوق موائد طعامهم، أشهى الأطعمة (وهم المعروفون بمطبخهم التركى الشهير)، وشوارعهم دائمًا نظيفة براقة لامعة، ويعرضون أجمل المناظر، حيث يكون جسر البوسفور الأشهر، خلفية للمشهد الدرامي.
ساعتها.. وأنت تلتهم أحداث المسلسل التهامًا، ستقول لنفسك: ياااااه.. ألا ما أجمل هذا البلد. والحقيقة أن مخرجيهم حريصون باستمرار، فى مسلسلاتهم التى يرسلونها إلينا، على عرض أحلى المواقع السياحية عندهم، من جبال وتلال وحقول وبحيرات وآثار، فى رسالة لن يخطئها ذهن المشاهد اللبيب تقول لك: «مرحبًا بك بيننا.. تعال عندنا».. وذلك على خلاف مسلسلاتنا نحن، التى تبحث عن كل ما هو طارد لتعرضه !
وليس هذا فحسب، بل إنك ستجدهم – وهم يعرضون الصراع بين أغنيائهم والفقراء- يقدمونه بنعومة وهدوء وشياكة، فإن سألت نفسك: أليس عند هؤلاء القوم جرائم؟ فسوف يجيبك كاتب السيناريو : بلى عندنا.. لكن طرح الجرائم يتم بشكل سريع (ع الطاير)، وكأنهم يصرخون فى وجهك: لا يا حبيبي.. إن معاناتكم أنتم ليست كمعاناتنا نحن.
فإن توغلت فى المسلسل، فسوف تكتشف أن ما يمكن أن يقال فى حلقة واحدة يقولونه هُم فى عشر حلقات، لزوم الترويج التجاري، ومع ذلك فأنت لن تترك المسلسل، بل ستتمني- أنت الذى تعانى من فراغ رهيب لا حدود له- لو أن الحلقات العشر صارت مائة.
وسيوسوس شيطانك: يا عم المخرج.. لماذا هذا «المّطّ» وذاك التطويل؟ إلا أن صوتًا آخر بداخلك سيجيبك: يا سيدى .. واحنا ورانا إيه؟ ولماذا اللهوجة والصربعة؟ أليست العجلة من الشيطان؟ ثم أليست حياتنا أصلًا مملة.. فما المانع من قليل من الملل؟ لكن شيطانك هذا، ربما غاب عنه، أن هذا التطويل هدفه أن تظل حضرتك مرتبطًا بهم لأطول وقت ممكن.. ومن ثم تصبح كالعجينة اللينة فى أيديهم يشكلونها كيف شاءوا.. أو شاء لهم الهوي!
فإن استعمرك الملل، فرغبت فى التجديد، فعندك الهندي. وحينئذٍ ستراهم يرقصون، ويغنون، ويرتدون أزهى الملابس، المرصعة بالورد، والزهور، والفراشات، من كل لون بهيج، وستشاهد فيضًا من حنان الأمهات، ودموع الأبناء، وسهتنة الفتيات، وفحولة الرجال، الذين تكاد شعيرات صدورهم تقفز إليك من الشاشات، حتى إن الواحد منهم تكاد لقبضة يده أن تنشق الجبال.
وساعتها قد يسائلك عقلك: معقول؟ أهذه هى الهند؟ فأين الفقراء؟ أليس بالهند – كما عندنا – فقراء يسدون عين الشمس؟ فما بال فقرائهم حلوون وحلوات هكذا؟ لكنها الدراما الذكية، التى تضع فى اعتبارها ضرورة نقل صورة جميلة عن الوطن، حتى لو كانت الدراما عندهم مُبالغًا فيها حبتين.
طبعًا.. سيادتك سوف يهتف هاتف فى روحك: معقول.. الهند أحسن من مصر؟ الحقيقة أن بالهند أكبر عدد من الفقراء بالعالم، لكنهم مع ذلك أمة ناهضة، وتسابق الزمن لتصبح واحدة من القوى العظمى خلال سنوات قليلة، وهم هناك يعرفون ذلك.. وبالتالى يسعون- فى دراماهم- إلى بث الأمل دائمًا فى النفوس.. انتظارًا للغد الموعود.
لقد نجح صناع الدراما فى الهند، فى جعل الدراما، فرصة للترويح عن النفس (وليس غمّ النِفس!)، والخروج من أحاسيس اليأس البغيضة، كما أنهم استخدموا الدراما( سواء كانت سينما أو فى التليفزيون)، للحفاظ على تقاليدهم الموروثة، وعاداتهم التى لا تكون الهند بدونها هندًا، وهكذا يزرعون عشق الوطن فى لا شعور المشاهد، فلا ينمو وهو كاره بلده، ناقم عليه, راغب فى ركوب أول مركب ليهرب، حتى لو كانت المراكب ستغرق، فيموت.
فإن رحنا للمسلسل المصري- ويا عينى ع المصري- فلن نجد الناس إلا فصيلين اثنين، إما شحاذين ضربهم السلك حتى أوجع، أو سكانًا للكومباوندات، يرفلون فى النعيم، وسيارات ال «بى إم» الفارهة، وتذاكر الحفلات الغنائية (أم 15 ألف جنيه للتذكرة)، وسترى الفقراء، مهمشين، وبلطجية، وتجار مخدرات، وأطفال شوارع، وفتيات ليل، فهل هذه هى حقًا حقيقتنا.. يا خلق الله؟
وسترى كيف أن صُنّاع الدراما عندنا، حريصون كل الحرص على تركيز الكاميرا «زووم» على أكوام القمامة تزغرد فى الأركان المعتمة، وفوقها الذباب المجعلص، يأكل فى أعين صغارنا باستمتاع المستلذ، وكل الأبطال، إمّا مجرمين، أو ضحايا لمجرمين، وإن أراد الأستاذ «السيناريست» التجديد، نراه وقد قدّم لنا نساءً معقّدات مريضات نفسيّا، حبيسات لمستشفيات الأمراض العقلية، ويبحثن عن الانتقام.
وهكذا.. تخرج سيادتك من المسلسل، وقد كرهت اليوم الذى وُلدت فيه، وربما تكره من أنجبوك أيضًا، فإن خرجت إلى الشرفة، فسترى عالمًا مختلفًا.. نعم ثمّة مِن المشكلات ما تنأى لحمله الجبال.. لكن هناك أيضًا حياة تدور، وأطفالًا سعداء، ونساءً شريفات عاكفات على التفانى فى تربية الأبناء، ورجالًا يكدحون ويغالبون الأيام سعيًا وراء رزق العيال، فإن أحسوا بالتعب توجهوا إلى أقرب مسجد أو كنيسة، يطلبون العون من الله، مُفرّج الكروب.
هى إذن، أنواع من الدراما ثلاثة، تعكس ثلاث فلسفات فى النظر إلى الحياة، فأيها تُفضل أنت؟ تركي.. أم هندي.. أم نمشيها مصري؟ تريدها سوداء معتمة (موجود).. فإن رغبتها بوسفورية ناعمة ( موجود).. أو أحببتها وردية غنائية زهزاهة الألوان ( موجود).. أنت الذى فى يده «الريموت».. فاختر لنفسك ما شئت!
لمزيد من مقالات سمير الشحات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.