* عالم اجتماع: المجتمع المصرى ليس بالسوء الذى تقدمه المسلسلات * سكينة فؤاد : أطالب بلجنة للمعالجة ..وما الهدف من ظهور مدرس تاريخ يعمل كتاجر مخدرات * مكرم محمد أحمد: لا يوجد شكل محدد للجزاءات التى تتراوح بين «لفت الانتباه» و «إعادة التصوير»
حالة استياء واسعة أصابت المشاهدين وكبار الكُتاب هذا العام بسبب المحتوى الذى تقدمه الدراما الرمضانية، فيما رأى البعض أن المحتوى الدرامى لأغلب مسلسلات هذا العام لا يعبر عن الواقع المصرى ولا عن عادات وتقاليد المجتمع إنما هى صورة لخيال مريض لمؤلف ينسجه ويبلوره بعيدا عن الواقع، وكأنه فى بلد آخر. مشاهد مليئة بالعنف وصفوها بغير الأخلاقية ،بعض المشاهدين رأوا أن كم الإعلانات التى تتخلل العرض الدرامى لا يمكن أن يتحملوه وبالتالى لايستطيعون إكمال حلقة واحدة من مسلسل فانصرفوا عن مشاهدة اعمال الدرامية، فيما قالت فئة أخرى إنهم حرمونا من متعة متابعة مسلسلات رمضان التى ننتظرها من العام للعام والتى كانت اسرة المصرية تلتف حول مسلسل أو أكثر ويتابعونه بشغف، وهذا ما دعا المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى رصده فى تقريره الرسمى الأول لتقييم الأعمال الدرامية، حيث رصد 948 مخالفة فى 18 مسلسلًا فقط فى الأسبوع الأول من شهر رمضان.. تحقيقات الأهرام سألت كبار كُتاب السيناريو الذين أثروا فى وجدان الشعب المصرى بأعمالهم الدرامية المتميزة وكذلك النقاد والخبراء للوقوف على الأسباب الرئيسية للأزمة وما آلت إليه الدراما هذا العام. السيناريست مصطفى محرم يرى أن الأزمة تكمن فى المنظومة ككل بداية من القائمين على الإنتاج الدرامى، كما أن بعض الكُتاب حاليًا بدون موهبة وبعض المخرجين لم يعوا ما هو الأخراج التليفزيونى، فقد شاهدت مصادفة مسلسلا سوريا يَعرض الجزء الحادى عشر له وجدت أن هناك فرقًا شاسعًا بينه وبين ما نراه فى الدراما المصرية والتى للأسف أصابت المشاهدين بالإحباط واصفًا ما يحدث بأنه تجريف للدراما المصرية. محمد رمضان وهنادى منسى فى مسلسل زلزال أزمة نصوص السيناريست مجدى صابر يرى أن السبب الرئيسى فى الأزمة هو السيناريو فنحن لدينا ممثلون ومخرجون أكفاء لكن المشكة أن لدينا أزمة فى النصوص و الفكر، فلابد للكاتب أن يكون له هدف ورسالة يريد إيصالها للمشاهد لكن هذا العام وجدت أن كثيرا من اعمال بلا هدف و أعدت بشكل عشوائى لإرضاء النجم اولًا وهذه مشكلة خطيرة، فالنجم أصبح هو من يطلب الكاتب وبالتالى يفرض سطوته عليه خاصة عندما يكون الكاتب مبتدئًا، كما يسيطر البطل أيضًا على ورش كتابة العمل حسب مزاجه ورغبته والنتيجة نجد أعمالا بلا هوية وغير منطقية ولا تناقش قضايا اجتماعية، مشيرًا إلى ضعف الرقابة التليفزيونية والتى كانت تقوم بفلترة الأعمال التليفزيونية قبل عرضها على الشاشة الصغيرة أما الآن فقد افتقدنا هذه الفلترة مما نتج عنه مشاهد العنف وبعض المشاهد الخارجة و خاصة أن الأعمال حاليًا متاحة أمام الجميع على المواقع الإلكترونية، ويطالب صابر شركات الأنتاج بالبحث عن النص الجيد الذى يحتوى على أهداف أخلاقية ورسائل اجتماعية كما كان فى السابق ثم نبحث عن النجم وقتها سيتم ضبط المعادلة المعكوسة التى تحدث ان وهى أن تأتى الشركة بالنجم وهو يختار السيناريو.
الإعلانات وباستنكار شديد للكاتبة سكينة فؤاد للإعلانات الكثيرة التى تذاع فى أثناء عرض المسلسلات والتى قالت إنها لا تحترم عقلية ووقت المشاهد،كما اعترضت على كم العنف غير المبرر الذى تحتوى عليه أغلب المسلسلات التى تتابعها فكما تقول لا أتابع جميع المسلسلات ولكن أتحدث عن اعمال التى أتابعها كناقدة وككاتبة تحمل القلم بالإنابة عن الكثيرين من المواطنين متسائلة أما الهدف من عمل يقدم مدرس تاريخ ينساق وراء تجارة المخدرات، ما الرسالة التى يريد القائمون على العمل توصيلها للأجيال القادمة!! وكيف لنجوم كبار ذوى كفاءات كبيرة يقبلون بهذه الآدوار!! وطالبت بتشكيل لجنة متخصصة فنية بعد انقضاء شهر رمضان من المبدعين والكتاب والنقاد ومن أساتذة الدراما وخبراء اعلام تجلس وتتحاور وتناقش وتضع الحلول والعلاج للحالة غير السوية التى ظهرت على الدراما هذا العام، فهناك أخطاء كارثية فى التأليف، وأعتقد أنها قص ولزق، متسائلة هل السبب ورش الكتابة التى أحيانًا لا تبذل جهدًا فى الكتابة فنحن لدينا الكثير من المشاكل التى تحتاج إلى التعمق لا إلى هذا التسطيح، أم أن السبب يعود لسيطرة نجم ما على الكتابة كما حدث فى أحد اعمال الدرامية هذا العام ومؤلفه أحد المبدعين الشباب وله العديد من اعمال الدرامية المتميزة وقام بتجسيد أدوارها كبار النجوم، حيث أعلن انسحابه من كتابة الباقى من مسلسله الذى كان قد كتب بالفعل فيه مشاهد كثيرة نه فوجئ بالتعدى السافر على الكتابة من قِبل نجم المسلسل بما يتناسب مع أهوائه ورغباته، وقد برأ نفسه من بعض المشاهد، والشخصيات التى تم عرضها فى المسلسل، متسائلة من أعطى للنجم الحق فى الكتابة ومن أعطى له حق إهانة المشاهد فالكتابة إبداع والمبدع الحق لا يتجاوز دوره على اطلاق، مضيفة أننى لا الإطلاق بتحويل المسلسلات إلى دروس ووعظ ولكن يجب احترام أدوار المبدعين واحترام المشاهد ووعيه وعقله وكذلك احترام الرسالة الاعلامية. أمير كرارة وأسرة مسلسل كلبش3 انصراف الجمهور حنان شومان الكاتبة والناقدة الفنية تقول بداية كى لا ننسى أن كل عام تصبح مسلسلات رمضان حديث المدينة فى هذا الشهر نظرًا لعرض كم كبير من المسلسلات و ما بين إعجاب البعض ومعارضة الآخر تقوم اقلام ، أما هذا العام تميزت المسلسلات بانصراف الجمهور عن الدراما بفعل فاعل فهو انصراف إجبارى بما يعرضه التليفزيون من إعلانات تتخللها دراما فكل نظم العرض فى العالم تعرض الفقرات الأعلانية ما بين الدراما أما لدينا فالوضع مختلف، مضيفة أن عامل السرعة فى الكتابة والانتاج والاخراج جعلت العمل يفقد الابداع وكأننا نتفاجأ بشهر رمضان، كما أن فكرة ورش الكتابة رغم أنها موجودة فى العالم كله لكننا للأسف لم نجد استخدامها وأصبحت الكتابات لا تخضع لمواصفات ،فالكتابة هى العمود الفقرى للعمل الفنى وإن لم يتوافر ورق يتم الاعتماد عليه، لم ينجح أعتى المخرجين لخروج عمل مبدع، وقالت شومان إنها مشفقة على كل فنان اشترك فى السباق الرمضانى هذا العام، فالفنان كما ترى أنه مضطر للعمل بمواصفات السوق الموجودة وفكرة تعبئة الشرائط لسد ساعات على الشاشة فحتى لو حصل على الملايين ولم يحصل على تصفيق الجمهور فقد فشل، تقول بعد الأسبوع الأول ومن خلال متابعتى للسوشيال ميديا لاحظت عدم وجود تعليقات للناس على المسلسلات وكل التعليقات كانت على الأعلانات والتى كانت سلبية ومع بداية الأسبوع الثانى كانت التعليقات التى أصابت المسلسلات قليلة مقارنة بالأعوام السابقة وجميعها أيضًا سلبية،و هذا مؤشر على عدم وجود متابعة حقيقية للدراما فالمشاهدة غير إنسانية بسبب الإعلانات وإن كانت هناك متابعة فهى عدوانية بسبب المنتج والعارض فدفعت الجمهور للمتابعة العدوانية فإن كان هناك شيء جيد يستحق المتابعة فلم يشاهده الجمهور نظرًا للحالة العدائية التى سيطرت عليه. عمرو سعد وهالة صدقى فى مسلسل بركة بينما قال مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الاعلى لتنظيم الاعلام إن دور المجلس فى توقيع جزاءات على المخالفين يكون على حسب تقييم المجلس لهذه التجاوزات وبناءً عليه ستُتخذ الإجراءات ضد المخالفين، فهناك تجاوزات لاتستحق أكثر من لفت النظر لها وهناك مشاهد فى أعمال ثانية تحتاج إلى إعادة تصويرها مرة أخرى، فلا يوجد شكل معين للجزاءات فكل شيء حسب تقييم المجلس الاعلى لتنظيم الإعلام ونحن لا نريد توقيع العقوبة لمجرد العقوبة فإن تم ضبط امور وكانت هناك استجابات فستسير امور بشكل صحيح. الدكتورة ليلى عبدالمجيد عميد كلية الاعلام جامعة القاهرة أعربت عن استيائها البالغ من المحتوى الذى تقدمه الدراما هذا العام حيث قالت لم يجذبنى مسلسلا لمتابعته هذا العام فانصرفتُ عن جميع القنوات وأصبحت أستمتع بمشاهدة قناة ماسبيرو زمان والتى تعرض دراما محترمة من المسلسلات الأبيض والأسود وغيرها فلا يمل المشاهد من متابعة أعمال درامية مر على إنتاجها أكثر من 30 سنة كانت تحمل رسالة وهدف وقصة، وترى أن الحال المتردى للدراما هذا سببه النصوص فى المقام الاول ومشكلات ورش الكتابة، ففى السابق كانت هناك لجنة مشكلة من القطاع الحكومى بالتعاون مع القطاع الخاص يتم من خلالها قراءة النصوص جيدًا واختيار النص بعناية أما الآن فلا يوجد اهتمام بالنص والمنافسة ضعيفة ولا يوجد تنويع فى المحتوى المعروض فأين الدراما التاريخية الأجتماعية والدينية وحتى الكوميديا لا هدف لها ولا حتى تستطيع إضحاكنا فلو قارنا الكوميديا المعروضة بالكوميديا التى قدمها فؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولى سنشعر بمأساة حقيقية، أما الإنتاج فكل هدفه الربح فلا رسالة مقدمة ولا معالجة لمشكلات حقيقية فى المجتمع. السيكو دراما الدكتور وليد هندى أستاذ الصحة النفسية يرى أن للدراما عدة أهداف تربوية واجتماعية ونفسية يجب أن يستهدفها أى عمل درامى فمن أحدث طرق العلاج فى الطب النفسى الحديث ما يسمى «بالسيكو دراما» والذى يعتمد على إسقاط الانسان المضطرب أو المكتئب أو من يعانى من ضغوط نفسية واقتصادية واجتماعية على العمل الدرامى والتوحد مع أبطال العمل، كما أن المحاكاة والتقليد من أهم السمات النفسية التى تتسم بها مرحلة المراهقة والشباب، فكثيرًا ما يتوحد الشباب مع بطل عمل مسلسل معين أو شخصية درامية ما أو مع مطرب غنائى وتقليده فى طريقة قص الشعر وترديد ألفاظه المتداولة فى العمل وطريقة ملبسه، ومن هنا كانت الدراما التى تقدم من خلال التليفزيون تحديدًا إحدى الوسائط المهمة فى عملية التنشئة الاجتماعية بعد الأسرة والمدرسة، و إذا ما أضفنا أن اعمال الدرامية الآن أصبحت تتداول على اليوتيوب ووسائل التواصل المتعددة فإن هذا ما يعمق من أهميتها وبالتالى خطورتها إذا لم تراع الجوانب التربوية والأسس الدينية والقيمية المقدمة لملايين الشباب وجمهور المتلقين، فإن الدراسات قد أكدت أن معظم الأحداث ممن اقبلوا على ارتكاب جرائم كالقتل والتنكيل والتمثيل بالجريمة قد استمدوا فكرتهم الأجرامية من خلال مشاهدتهم بعض اعمال الدرامية، كما كان اعتراف بعض المدمنين بأن إقبالهم على تناول المخدرات كان بسبب تشبعهم بشخصية درامية معينة وتقليدها، مضيفًا أنه اذا ما لاحظنا تغيير مفردات اللغة العربية فى أوساط الشباب لوجدنا أن جميع الفاظ الدخيلة والمسيئة مستمدة مما قدمته الدراما غير الرشيدة عبر الشاشة، ولم يقتصر الأمر على الألفاظ والمخدرات وإرتكاب الجرائم وحسب بل وصل إلى خلخلة الهوية المصرية وتفريغها من أهم قيمها الأيجابية لوجدنا أن المرأة يتم تناولها فى اعلام كجسد دون عقل وأنها مصدرًا للغواية وتحريك الغرائز، علينا جميعًا أن نرجع قليلًا إلى الوراء لنتذكر اعمال الدرامية الضخمة التى أنتجتها الدولة متمثلة فى المسرح القومى وقطاع الأنتاج بالتليفزيون المصرى فسوف نرى فيها أنها قامت ببناء أجيال على العديد من المفاهيم والقيم اجتماعية والتربوية المختلفة بل استطاعت بعض اعمال السينمائية تغيير فى بعض القوانين المصرية. سوسن بدر ودينا الشربينى فى مسلسل زى الشمس خيال منحرف أما الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع فيقول أن الدراما لابد أن تكون من الواقع الممتزج بالخيال، لكن الخيال الذى تقدمه الدراما هذه الأيام. منحرف بلا موهبة فالمشاهد المعروضة لا تراعى حتى الحد الأدنى من الأخلاق، ويرى أن المشكلة فى المنظومة كلها بداية من الكاتب حتى عرض العمل على الشاشة الصغيرة فالجميع مسئول، مضيفًا يصيبنى الحزن الشديد عندما أقارن بين بعض الأعمال الدرامية المعروضة بأحد البرامج الذى يقدمها مذيع لبنانى شهير ويحتوى البرنامج على معلومات عن شخصيات مصرية فى مجالات مختلفة ورغم قصر مدة البرنامج لكنه مفيد،و كنت أتمنى أن أرى مثل هذه البرامج من إنتاج مصرى يقدمه مذيع مصرى، موضحًا أن الواقع المصرى ليس بمثل هذا الفساد الذى تصوره اعمال الدرامية فواقعنا فيه كفاح ونضال من أجل العيش بكرامة، وتساءل أين الدور الرقابى على المحتوي الدرامى والذى يقدم سمومه فى بلد نام فما يعرض فى التليفزيون يحدد أهداف البشر.