* انتهي أكبر مهرجان مفتوح لفن من الفنون في عالمنا المصري والعربي. وهو مهرجان الدراما التليفزيونية السنوي الذي يحل في شهر رمضان كل عام. دون اتفاق رسمي أو هيئة منظمة. ولكن من أجل هدف واحد هو وصول الأعمال المتنافسة إلي أكبر عدد من الجمهور. وفي رأيي أن الهدف وحده كان يحتاج من السادة المنتجين إلي بذل جهد خارق لتقديم أعمال درامية علي أعلي مستوي لهذا الجمهور العريض. لكن الذي حدث أن هناك من وجدها منهم فرصة لضخ النقود والحصول علي مكاسب سريعة وربما هناك أغراض أخري لا نعرفها ولكننا علي الأقل نعرف ما قاله ويقوله العديد من صناع المسلسلات في كافة مواقعها "من المؤلف إلي المخرج والممثل" عبر الحوارات معهم في الصحف وعبر الفضائيات وحتي مساء أمس الأول الثلاثاء حول الآتي: أولاً: أن العمل في المسلسلات يبدأ متأخراً جداً. وبالتالي لا تتاح فرصة للتجويد أو حتي الالتزام بالكثير من أماكن التصوير الموجودة في النص المكتوب بسبب ضيق الوقت وهو ما يهبط بمستوي كثير من الأعمال. ثانياً: أن البعض يصور طوال شهر العرض نفسه في رمضان وحتي قبل نهاية عرض المسلسل بيوم أو اثنين.. وهو ما يعني تقديم دراما بأدني حد من الجودة. ثالثاً: أن الكثير من الأعمال الدرامية تتوقف عن التصوير لأسباب تخص تعاقدات العاملين بها مع المنتجين وحيث بدا من الواضح أن هناك من المنتجين من يتعاقد مع فريق العمل ويعجز عن دفع الأجور المتفق عليها معتقداً أنه سيحقق نجاحات في بيع العمل يعجز عنها فيتوقف العاملون عن استمرار التصوير.. وهناك من يعد ولا يفي فتصبح الشكاوي والقضايا هي النغمة الأعلي وليس الحديث عن قيمة العمل ورسالته. رابعاً: هذا الخلط الردئ بين الإعلام والإعلان. وبين المشاهد الدرامية داخل المسلسلات. وبين الإعلانات والتي حولت شاشاتنا المصرية من مهرجان الدراما السنوي إلي شاشات لغضب المشاهد بسبب المعلن الذي يبدو هنا الأكثر نفوذاً وقوة. بوقف العمل بعد مشهد أو اثنين ليقدم لنا سيلاً من الإعلانات مستغلاً رغبة المشاهد في الترفيه عن نفسه بعمل فني ونجوم محبوبون له وهو ما يعني نوعاً من التحكم القهري في هذا المشاهد. فإما أن يري المسلسل بإعلاناته أو لأ.. وبما يعني أن صناعة الإعلان تضرب صناعة الدراما التليفزيونية في مقتل الآن وبحيث يوضع الفنان والمبدع من جديد تحت رحمة قوانين رجال الإعلان غير المعلنة.. وهناك أسئلة متعددة الآن بعد هذه الكلمات. وبعد أن أصدرت عدة جهات معنية بمتابعة تأثير الدراما علي المواطنين. المشاهدين. تقاريرها. كالمجلس القومي للمرأة وصندوق مكافحة الإدمان والمجلس القومي لحقوق الإنسان.. كما أصدر المجلس الأعلي للإعلام تقريراً قبل أن يعلن أن الأمور تحتاج لمعالجة أخري في المرحلة القادمة قريباً.. ولأن حل كثير من مشاكل صناعة الدراما ممكن من خلال المجلس الأعلي للإعلام مثل إنشاء مرصد حقيقي قوي لمتابعة ما يعرض علي شاشاتنا علي مدي العام كله وليس شهر الدراما فقط. وإنشاء وحدة قياس لاتجاهات المشاهدين وتفضيلاتهم سواء في المسلسلات أو البرامج أو القنوات بديلاً عن الشركة التي يتهمها الكثيرون بتقديم قياسات مغرضة لصالح قنوات بعينها. وأخيراً فإن المجلس الأعلي للإعلام لديه أيضاً فرصة تأسيس وحدة للحوار بين كافة العاملين في صناعة الدراما التليفزيونية اللصيقة الصلة بالشاشات الصغيرة وبالإعلام والتي تختلف عن السينما في كون الأخيرة تصنع من أجل العرض العام علي جمهور القاعات أولاً وثانياً ومن بعد هذا يأتي التفكير في بيعها لقنوات التليفزيون.. في هذا الشأن علي المجلس الأعلي للإعلام أن يضع قواعد للحوار حول المسلسل التليفزيوني وما يطرحه علي الناس من أفكار وما يتركه من رسائل وحول اللغة الفنية أيضاً.. وحول ما لا يقدم من قصص وقيم يحتاجها المجتمع المصري بشدة. خاصة في مرحلة تتعرض فيها مصر لتحديات عديدة في الداخل قبل الخارج. أين غرفة صناعة الدراما * في مصر لدينا غرفة صناعة السينما التي يلجأ إليها العاملون بالصناعة حين يختلفون ولدينا أيضاً غرفة صناعة الإعلام الخاص الحديثة والتي من المفترض أن تتصدي لمشاكل القنوات الخاصة مع بعضها البعض ومع مشاهديها. ولدينا نقابة السينمائيين. وأخيراً نقابة للعاملين في الإعلام.. لكن لا توجد غرفة ولا جهة تختص بالعاملين في صناعة الدراما المصرية التي تعرض علي شاشات التليفزيون فقط. ولأن إنتاج الدراما تزايد مع تراجع إنتاج السينما. فإن العاملين بها أصبحوا الأكثر عدداً مع تزايد الإقبال عليها. ومع تزايد اتجاه العاملين بالسينما إلي المسلسلات. مع ذلك لم يستوعب أحد في الدولة ضرورة وجود كيان كحل خلافات العاملين بها. مع كثرة هذه الخلافات والشكاوي المرة من فنانين كبار أهدرت حقوقهم ومؤلفين ومخرجين وغيرهم من العناصر الفنية المهمة. هل من الصعب أن تضع الدولة لهذه الصناعة قوانين تحمي العاملين بها وتحرم أي مغامر من شرف الادعاء بأنه منتج والدعاية لنفسه ثم الهروب دون الوفاء بالتزاماته تجاه العاملين؟.. وهل من المستحيل أن يصبح العاملون بهذا الفن المزدهر الآن في مأمن من إهدار حقوقهم وحمايتهم؟ وكيف نطالبهم بأن يقدموا فناً جيداً ومحتوي يراعي القيم والأخلاقيات والتاريخ ويصنع الوعي وهم بلا حماية؟