تواصل جريدة الأهالي نشر فقرات من برنامج المرحلة الانتقالية والذي اصدره المؤتمر العام الثامن لحزب التجمع في 25 إبريل 2019..وافقت الأمانة العامة في اجتماعها يوم السبت 24 -8-2019 ،على النسخة المطبوعة منه.. ====================================================================== نشأت في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، وبعد بيان 3 يوليو، مرحلة انتقالية جديدة، تتسم بدرجة عالية من التعقيد والتناقض، فهي مرحلة محملة بالعديد من التناقضات والمخاطر والتحديات الداخلية والإقليمية والدولية، نعرضها في النقاط التالية: غلاف البرنامج 1- سمات وتناقضات المرحلة الانتقالية: تتسم المرحلة الانتقالية الجديدة في مصر بأنها محملة بالتناقضات والصراعات والتحديات، فما هي أهم تناقضات المرحلة الانتقالية الجديدة في مصر؟ على الرغم من التقدم للأمام في مصر – عبر التحالف بين الشعب والجيش – بعيدا عن سيناريو سوريا وليبيا واليمن؛ – خاصة بعد ثورة 30 يونيو وخارطة المستقبل في 3 يوليو 2013 – إلا أن خطر جماعات العنف والتطرف والإرهاب الطائفي الإخواني والداعشي ظل خطراً قائماً، بل حرباً دائرة، يدفع الشعب المصري وقواته المسلحة والأمنية فاتورتها من دمه وماله واقتصاده واستقراره وأمنه كل يوم. وظلت مخططات هدم الدولة الوطنية وتمزيق المجتمع المصري – والمجتمعات العربية – إلى دويلات طائفية وعرقية متصارعة قائمة، ومشروع الشرق الأوسط الكبير ظل حاضراً وخرائطه جاهزة للتنفيذ. وعلى الرغم من القضاء على الرؤوس القديمة والرموز التي كانت بارزة ونافذة في السلطة السياسية للنظام القديم بعد 25 يناير ونظام الإخوان بعد 30 يونيو، وكتابة دستور جديد لنظام جديد والاستفتاء الشعبي عليه في 2014؛ إلا أن قوى النظام القديم بوجهيه: جماعات الفساد والطفيلية ورأسمالية المحاسيب الذين كانوا مهيمنين على السلطة، وجماعات الإرهاب والتأسلم وجماعات الإخوان والطائفية والاستبداد المتستر بالدين، مازالوا يخططون ويعملون من أجل استمرار سياسات النظام القديم. ولذلك فإن المرحلة الجديدة مازالت محملة بصراع مفتوح حول مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بين القوى الاجتماعية والسياسية الشعبية والمنتجة والقوى السياسية والاجتماعية المنتمية للنظام القديم أو القوى البيروقراطية والتقنية المنحازة لسياساته، وهي صراعات مصالح اقتصادية واجتماعية وانحيازات سياسية وعلاقات قوى ونفوذ سياسي وجماهيري. لذلك فإن المرحلة الانتقالية مازالت مفتوحة على صراع لم يحسم بعد بين حلفين اجتماعيين وتوجهين اقتصاديين، حلف يمثل قوى الرأسمالية الطفيلية والتبعية والطائفية والفساد، وحلف يمثل قوى الرأسمالية المنتجة والاستقلال الوطني والمواطنة والعدالة الاجتماعية، وهذا الصراع تتجسد صورة المتنوعة في كل من المجتمع والسلطة، وتظهر في التوجهات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. كذلك فإن هذه المرحلة في مصر – وفي البلاد العربية – محملة بصراع ثقافي معقد بين الحداثة والتخلف، بين التقدم نحو المستقبل والقفز نحو الماضي البعيد، بين قوى وتيارات الحداثة والعلم والعقلانية والمدنية، والقوى والتيارات السياسية والاجتماعية المحملة بثقافات القرون الوسطى وثقافات وقيم مجتمعات ما قبل الرأسمالية، وهذا الصراع الثقافي لا يظهر فقط في مجالات الفكر والإعلام والثقافة والبنية الفوقية للمجتمع بين أنصار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وأنصار الدولة الدينية والطائفية، أو بين المنادين بحرية الفكر والاعتقاد والمنادين بتجديد الفكر السياسي والثقافي والديني، والرافضين والمعوقين لهذه الدعوات، بل هو صراع يتغلغل بعمق في المجتمع و فئاته و طبقاته ومستوياته المختلفة في الريف والمدينة، ويظهر في القضايا الكبرى – مثل قضايا التنمية الاقتصادية والسياسية والديمقراطية وحرية الفكر والاعتقاد – وقضايا وسلوكيات الحياة اليومية، ولذلك لا يمكن القفز عليها أو تجاهلها،. 2- تحديات المرحلة الانتقالية: من النقاط السابقة يتبين لنا أن المرحلة الانتقالية محملة بتناقضات عديدة، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وعلى الرغم من تكون حلف سياسي واجتماعي واسع في 30 يونيو 2013 لمواجهة حكم الإخوان، إلا أن هذا الحلف الواسع لم يتمكن من الصمود والاستمرار متماسكاً أمام تعقد تناقضات وتحديات المرحلة الانتقالية الجديدة، ذلك أن هذه المرحلة محملة بتحديات عديدة، نتيجة للظروف والأزمات السياسية والاقتصادية التي مرت بها بلادنا لسنوات عديدة قبل ثورة 25 يناير، ونتيجة للمسار الخاص بثورتي 25 يناير و30 يونيو وقرارات 3 يوليو 2013، وعلاقته بمسارات الربيع العربي ودور القوى الإقليمية والدولية فيها، فما التحديات التي تطرحها علينا المرحلة الانتقالية؟ لعل أهم هذه التحديات يمكن تلخيصها في النقاط التالية: تحدي الحفاظ على سلامة ووحدة الدولة الوطنية، ومواجهة مخاطر هدمها وتفتيتها أو دمجها والهيمنة عليها من كيانات استعمارية إقليمية ودولية. تحدي الحفاظ على سلامة ووحدة المجتمع والشعب والأمة، ومواجهة مخاطر تفكيكه وتفتيته وإدخاله في صراعات طائفية وعرقية وعقائدية ودينية ومذهبية وجهوية، وتحويل تنوع مكوناته من مصدر للثراء والإبداع في إطار من الانصهار الوطني والدولة الوطنية إلى مصدر للصراع والتفكيك. تحدي العنف والتطرف والإرهاب باسم الدين، وتحويل حدود البلاد إلى ساحات لحروب التدخل والعنف والإرهاب وتهديد الأمن القومي. تحدي التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في ظل سيادة وغلبة منطق وتوجهات الرأسمالية الطفيلية، تعبيراً عن مصالح قوى النظام القديم من رأسمالية المحاسيب والتيارات التجارية والسمسارية وشبكات الفساد، وفي ظل تحديات الحفاظ على الدولة الوطنية وفواتير مواجهة العنف والتطرف والإرهاب وحروب التدخل والحصار الخارجي. تحدي العدالة الاجتماعية وتنمية وتعظيم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفئات والطبقات الشعبية والوسطى والمنتجة. تحدي الديمقراطية السياسية والمشاركة الشعبية، في ظل متطلبات مواجهة تحديات العنف والتطرف والإرهاب وجماعاته وميليشياته المسلحة. تحدي بناء منظومات وقيم وأدوات الثقافة الديمقراطية العقلانية والتفكير العلمي، في ظل سيادة منظومات وقيم وثقافات تمجد الخرافة والعشوائية والطائفية. تحدي الفساد وشبكاته وجماعاته وفئاته ونفوذ وسيادة قيمه وأدواته. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بعد عرض أهم تناقضات وتحديات المرحلة الانتقالية هو : ما هي إذن طبيعة هذه المرحلة؟ وما حدودها؟ وما هي طبيعة السلطة فيها؟ وما هي المهام التي تطرحها علينا وعلى القوى الاجتماعية والسياسية؟ وما هي القوى الاجتماعية والسياسية المنوط بها القيام بمهام هذه المرحلة الانتقالية؟ 3- طبيعة السلطة في المرحلة الانتقالية: لم يكن ممكناً لثورة 25 يناير 2011 الشعبية، كثورة غضب شعبي عفوي يفتقد لوجود قيادة سياسية واعية ومنظمة، أن تنجز ما هو أكثر من دفع رأس السلطة للتنحي، وقطع الطريق على مخطط التمديد والتوريث، كما لم يكن ممكناً لثورة 30 يونيو 2013 الشعبية وبيان 3 يوليو المعبر عن التحالف بين الشعب والجيش، أكثر من عزل ممثل مكتب الإرشاد الإخواني من قصر الاتحادية، وقطع الطريق على مخطط بناء الدولة الدينية الطائفية الإخوانية، واستعادة الدولة المصرية، الأمر الذي كان من نتيجته قطع الطريق على مخططات التحالف الأمريكي الإخواني التركي القطري لهدم الدولة الوطنية المصرية، وتنفيذ مخططات الشرق الأوسط الكبير، وهي أمور لو تعلمون عظيمة. نقول لم يكن ممكناً أكثر من ذلك، بالنظر إلى ثورة التوقعات والشعارات التي تصاحب الثورات الشعبية، فللثورات الشعبية، مثل الهبات والانفجارات والانتفاضات الشعبية العفوية، حدود من الصعب تجاوزها إلا بالثورات السياسية والاجتماعية الكبرى، وهي ثورات لا يمكن مقارنة ثوراتنا وانتفاضاتنا الشعبية بها، ولذلك ففي الحلقتين الثوريتين في 2011 و 2013 لم يحدث تغيير جوهري في الطابع الرأسمالي للسلطة، ولا في التوجهات الاقتصادية والاجتماعية الرأسمالية للسلطة. فقد ظلت السلطة السياسية في مصر رأسمالية الطابع والتوجه والسياسات، على الرغم من تقليص الدور السياسي والاقتصادي لبعض الفئات والتحالفات المهيمنة على السلطة، كتحالف رأسمالية المحاسيب الطفيلية وشبكات الفساد في عصر مبارك، وإزاحة الرأسمالية التجارية الإخوانية التي تكونت إمبراطوريتها في ظل سلطة الانفتاح والخصخصة في عهدي السادات ومبارك، والتي تهيأت للصعود والهيمنة بوصول الإخوان للسلطة. ولا يكفي الحديث عن الطابع الرأسمالي للسلطة، والطبيعة الرأسمالية للقوى المهيمنة عليها، والتوجهات والسياسات الرأسمالية المطبقة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، بل لابد من تأمل ودراسة هذه الطبيعة في ظل التحالف بين الشعب والجيش في 30 يونيو، وفي ظل تناقضات المرحلة الانتقالية وتحدياتها، وصراعات القوى الاقتصادية والاجتماعية فيها، وفي ظل مشاركة المؤسسة العسكرية بدور مشهود في مجالات الاستثمار في مشروعات البنية الأساسية وغيرها من المشروعات، وفي ظل ضعف ما تبقى من شركات القطاع العام بعد تخسيرها وبيعها في مخطط النهب والفساد الكبير المعروف بالخصخصة والبيع لمستثمر رئيسي، بما أدى إلى إضعاف رأسمالية الدولة وقيادتها من فئات الرأسمالية البيروقراطية، وفي ظل ضعف وطفيلية الكثير من فئات الرأسمالية التقليدية، رأسمالية القطاع الخاص، وميلها للابتعاد عن الاستثمار الصناعي والزراعي، والتوسع في مجالات التجارة والمقاولات والاستيراد، وتكوينها لشبكات وفئات الرأسمالية التجارية والمالية. والسؤال الذي يطرح نفسه للبحث والدراسة في هذا المجال هو: ما هي أهم الفئات والشرائح الاجتماعية الرأسمالية القديمة والجديدة الفاعلة في كل من المجتمع والسلطة؟ وما هي أهم القوى القائدة في السلطة الرأسمالية الراهنة بعد ثورتي يناير2011 ويونيو 2013 . 4- طبيعة المرحلة الانتقالية: تفرض المراحل الانتقالية بما تنتجه من تناقضات أساسية وتحديات موضوعية حدوداً للحركة لا يمكن القفز عليها، وتطرح مهاماً لا يمكن تجاهلها أو التغاضي عنها أو التهرب من بذل الجهد والنضال من أجل تحقيقها، كما تطرح المراحل الانتقالية مهامها على القوى الاجتماعية والسياسية والثقافية المنوط بها أو القادرة على تحقيق هذه المهام، كلها أو بعضها، فهذه التحديات التي تطرحها المرحلة الانتقالية تفرض وتضيف أعباءً جديدة على هذه القوى السياسية والاجتماعية بضرورة مواجهتها في عملية سياسية كبرى، تتطلب تضافر جهود قوى وطنية مدنية اجتماعية وسياسية عديدة، مهما اختلفت منطلقاتها وتوجهاتها الفكرية والسياسية والثقافية، ومهما اختلفت انتماءاتها وانحيازاتها الاجتماعية والطبقية ومصالحها الاقتصادية، ومهما تعددت وتنوعت استراتيجياتها بعيدة المدى، ومهما تنوعت مواقعها السياسية في الحكم أو في المعارضة. ذلك أن التوجهات السياسية الرئيسية لمواجهة أوضاع المرحلة الانتقالية الراهنة، ومواجهة تحدياتها، وحل تناقضاتها، تتطلب النضال مع العديد من القوى الوطنية والتقدمية، اليسارية والليبرالية، ليس بهدف الحفاظ على وحدة وسلامة الدولة الوطنية فقط؛ والحفاظ على وحدة وسلامة المجتمع المصري وحمايته من التفتيت فقط؛ بل بهدف استكمال بناء الدولة الوطنية المصرية وتطويرها كدولة مدنية ديمقراطية حديثة، دولة للقانون والمواطنة، وبناء المجتمع المصري مجتمعاً للحداثة والتنوير، وبناء الثقافة المصرية كثقافة ديمقراطية عقلانية تعلي من قيم العقل والعلم ودورهما، والقضاء على بقايا علاقات ما قبل الحداثة، علاقات التمييز والطائفية والتخلف، والصراعات القبلية والمذهبية، والقضاء على بقايا الدولة الطائفية المتسترة بالدين، كمقدمة ضرورية للانتقال إلى مجتمع جديد يقوم على قواعد التنمية الاقتصادية المستقلة والمشاركة الشعبية والعدالة الاجتماعية. لذلك فإننا نرى أن الطابع السياسي الوطني الديمقراطي، والطابع التحديثي، هو الطابع الأساسي للمرحلة الانتقالية الراهنة ومهامها، التي تتطلب بناء كتلة شعبية وطنية واسعة، تنتظم قواها في جبهة وطنية متعددة القوى المدنية للنضال والعمل معاً من أجل إنجاز مهام هذه المرحلة، مهام التصدي لمخاطر وتحديات هدم الدولة الوطنية، ومهام استكمال بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وما يرتبط بها من مهام عاجلة وملحة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. **من برنامج المرحلة الانتقالية والذي اصدره المؤتمر العام الثامن لحزب التجمع في 25 إبريل 2019..
…تقرأ أيضا : حزب التجمع :عملية الإطاحة بحكم جماعة الإخوان في 30 يونيو قطعت الطريق على مخطط إقامة سلطة الدولة الدينية الإخوانية الطائفية في مصر و على مشروع الشرق الأوسط الكبير بقيادة أمريكا..(1)