وزارة التربية والتعليم والمناهج وطرق التدريس.. وقلة الفرص المتاحة في الجامعات .. وتدهور القيم في المجتمع كتبت : لبيبة النجار تطورت الابتكارات الجديدة للغش هذا العام وفقا لأحدث التطورات التكنولوجية وخاصة عن طريق التليفونات المحمولة المتصلة بخدمة «بلاك بيري» المتصلة بالإنترنت، وبينما كانت قد تصاعدت في العقود الأخيرة الشكوي من حالات متنوعة للغش في الامتحانات، سواء فرديا أو جماعيا مصحوبا أحيانا بعنف من الأهالي ضد المراقبين، حتي اتخذ الغش صورة الفساد واستخدام النفوذ، حيث تفشت حالات الغش الجماعي في الثانوية العامة ووصل إلي حد الفضيحة بعدما تم الكشف عن وجود لجان لأبناء المسئولين الكبار في النظام السابق لسنوات. كذلك أساليب استخدام مكبرات الصوت، وتسريب الأسئلة وبيعها قبل الامتحانات بأيام في المكتبات كما حدث في المنيا عام 2008، إلي جانب وضع المحجبات سماعات الموبايل تحت الحجاب، إلا أن مثل تلك الأساليب التي كانت تتبع في السنوات الماضية قد عفا عليها الزمن بسبب ظهور الأساليب التكنولوجية الجديدة في الغش، ففي هذا العام تم تسريب امتحان اللغة الإنجليزية وإجاباتها في نفس يوم امتحان المادة، وتم ضبط 7 طلاب في امتحان اللغة الأجنبية الثانية في مدارس المقطم والخليفة وحدائق القبة والعمرانية والنزهة وفوه بكفر الشيخ، وفي كفر سعد بدمياط حاول طالب الهروب من اللجنة حينما تم القبض عليه أثناء محاولة الغش بالموبايل وحاول القفز هربا خارج المدرسة، وقال لي بعض طلاب الثانوية العامة إن أساتذة الدروس الخصوصية يقولون لهم اقرأوا الامتحان وحددوا الأسئلة الصعبة وانزلوا إلي الحمام واتصلوا بنا لحل هذه الأسئلة، وهذا للعلم موجود منذ فترة. الغش مسئولية من؟ وأيا كان من يتحمل المسئولية فهي تقع علي وزارة التربية والتعليم والمراقبين داخل اللجان، التي يجب أن تمنع دخول الطلاب اللجان بالموبايل، وسواء كنا أمام حالات انحراف فردي أو جماعي أو أمام ظاهرة عامة، فلابد من البحث عن الأسباب التي أنتجت هذا الوضع، فالغش في الامتحانات كأي ظاهرة لا تظهر فجأة، لأن هناك أسبابا ترتبط بالعملية التعليمية مباشرة، وهناك أسباب أخري ترتبط بالمحيط الأوسع الذي يحيط بالعملية التعليمية، ويؤثر فيها وهو المجتمع، ولذلك لابد من بحث الأسباب الاجتماعية لتفاقم ظاهرة الغش انطلاقا من فرضية تقول إن التحولات الاجتماعية والثقافية التي حدثت في المجتمع قبل ثورة 25 يناير كانت شديدة التأثير في عملية تحول الغش في الامتحانات من حالات متناثرة إلي ظاهرة، لأن المجتمع في دخوله حالة من الفساد والتزوير في الانتخابات وقبول الرشوة كان له تأثير في ذلك. الغش والنظام التعليمي وكذلك فإن الغش يرتبط ارتباطا عضويا بنظام التعليم القائم الذي يعتمد علي الحفظ واعتماد المعلومة كوسيلة وحيدة لقياس قدرات الطالب، وعلي فكرة أن الكتاب المدرسي هو المصدر الوحيد للمعرفة، واختزال المنهج في كبسولات عبارة عن مذكرات للحفظ مما أدي إلي تفشي الدروس الخصوصية، وإهمال قدرات الفهم والإدراك والإبداع، والسؤال هو هل بعد ثورة 25 يناير والتي كان من أهم شعاراتها التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية، هل ستظل مناهجنا وطرق تدريسنا كما هي؟، أم يجب أن نحلم بمناهج جديدة وطرق تدريس جديدة تهدف للتعرف علي القدرات الفعلية للطلاب، من التحليل والبحث والتركيب والإبداع والوصول إلي المعلومة، وتكوين وجهات نظر أصيلة وكلها قدرات عقلية يعرفها التربويون، وكذلك لابد من مصادر متنوعة للمعلومات، والأهم والأكثر إلحاحا أن تكون هناك جامعات حكومية جديدة توازي زيادة الطلب علي التعليم الجامعي ولتقضي علي التكدس المفزع للطلاب في الجامعات. تطوير التعليم ضرورة وإذا أردنا أن ننطلق للمستقبل فلابد أن تكون هناك رؤية واضحة لأهداف واستراتيجية التعليم وفي القلب منها طرق تدريس جديدة ومناهج جديدة، فضلا عن ثقافة جديدة لمعني التعليم ومنها القضاء علي التنافس المفزع علي المجاميع المرتفعة، التي تؤدي إلي الغش من أجل الحصول علي هذه المجاميع دون تنمية لأي قدرات عقلية للطلاب، ولأن التعليم هو صناعة القوي البشرية القادرة علي قيادة قاطرة التنمية فلابد من البحث عن أساليب جديدة لتطوير الامتحانات والمناهج وطرق التدريس لتحقيق شعارات التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وإذا أردنا أن ننطلق إلي المستقبل وإحداث ثورة حقيقية في التعليم المصري فلابد من تكاتف المجتمع بكل مؤسساته بحركة مجتمعية ديمقراطية من أجل سياسات فعالة وحقيقية لتطوير التعليم، وهناك عشرات التصورات والرؤي والمشاريع التي وضعها تربويون ومفكرون وأساتذة فلسفة المناهج.