الحملة على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتخذت أبعادًا خطيرة بمناسبة القمة الأمريكية الروسية فى هلسنكي أول أمس. وكانت الصيحات فى الدهاليز السياسية الأمريكية قد تعالت لمطالبة ترامب بعدم التوجه إلى هلسنكي! ولوحظ أن الرجل كان يدافع عن نفسه أمام الأمريكيين فى المؤتمر الصحفى الذي عقده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فى هلسنكي عندما قال : «حتى فى فترة التوتر خلال زمن الحرب الباردة حينما كان العالم مغايراً تماماً لما هو عليه الآن.. كانت الولاياتالمتحدةوروسيا قادرتين على الاحتفاظ بالحوار الوثيق بينهما، وعلاقاتنا لم تكن أسوأ مما عليه اليوم». ولوحظ أن هيئة محلفين اتحادية أمريكية كبرى وجهت اتهامات إلى اثني عشر روسياً، قالت إنهم ضباط فى جهاز المخابرات العسكرية الروسي، باختراق شبكات كومبيوتر تابعة للحزب الديمقراطي الأمريكي خلال عام 2016 قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية. وصدرت هذه الاتهامات قبل أيام معدودة من قمة هلسنكي. وفى الحملة على ترامب، التي شاركت فيها الطبقة السياسية الأمريكية إلى جانب الإعلام الأمريكي، تركزت الانتقادات على أن الرئيس الأمريكي تلقى سؤالا مباشرا عما إذا كان يصدق نفى بوتين للتدخل الروسي فى الحملة الانتخابية الأمريكية أم أنه يصدق أجهزة المخابرات الامريكية التي تؤكد حدوث هذا التدخل… وكيف امتنع ترامب عن الاجابة ونقل الحديث إلى موضوع آخر هو سلوك الديمقراطيين خلال الحملة الانتخابية، واشتدت الحملة على ترامب لأنه رفض أن يوجه انتقاداً مباشراً إلى روسيا بل أعرب عن شكوكه فى إمكان توجيه اللوم إليها فى هذا الشأن، وقال إنه لا يرى سبباً لتحميل روسيا المسئولية. وقالت الدوائر الأمريكية أن ترامب كان موضع متابعة ومراقبة كل وسائل الاعلام فى بلاده حتى يمكن التعرف على شيء هام : (هل يظهر الرئيس الأمريكي المودة تجاه الرئيس الروسي أكثر مما يفعل مع زعماء حلف الاطلنطي ؟!! وقال المراقبون الامريكيون إنهم يخشون من أن يتمكن بوتين رجل المخابرات السابق من التأثير على ترامب وتطويعه !! وانفجر سخط الطبقة السياسية والإعلام فى الولاياتالمتحدة ضد ترامب لأنه لم يذكر شيئا عن ضم روسيا للقرم ومساندة موسكو لسكان شرقي أوكرانيا ولنظام بشار الأسد فى سوريا وتسميم العميل الروسي المزدوج السابق سكريبال وابنته فى بريطانيا.. بل لم يذكر سبباً واحداً يجعل روسيا مسئولة عن توتر العلاقات بين البلدين، ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن بعض مسئولي البيت الأبيض الأمريكي قولهم إنهم يعربون عن مخاوفهم من «استسلام» ترامب لبوتين، سواء عن عمد أو بسبب الغفلة !!. والواضح من هذه الحملة أن المجمع الصناعي العسكري فى الولاياتالمتحدة يريد أن تخيم أجواء الحرب الباردة وسباق التسلح على العالم لكي تزداد أرباح مصانع الأسلحة، ولا مانع لدى هؤلاء من إشعال حرب مع روسيا والصين حتى لو كانت حربا نووية. ومن هنا يشكل هذا المجمع خطراً على السلام والأمن والاستقرار فى العالم مما يتطلب مواجهة حاسمة من جانب كل الشعوب، ومع ذلك يمكن القول إن ترامب كان على حق عندما أشار على «تويتر»، صبيحة اللقاء مع بوتين، إلى «سخف وغباء الولاياتالمتحدة طوال سنوات عدة» فى التعامل مع روسيا. ورغم ذلك كله، يمكن القول إن قمة هلسنكي كانت « ناجحة وانعقدت فى أجواء بناءة وإيجابية»، حسب تعبير بوتين. كما أجرى الرئيسان «حواراً منفتحاً ومثمراً»، حسب تعبير ترامب».