يواجه التعليم الفني فى مصر مشاكل عده تتعلق بضعف الإمكانات وتوفير الخامات والمعدات المطلوبة لتدريب الطلاب عليها بالمدارس، بالاضافة الى ان المناهج غير مستحدثة لمواكبة التطور التكنولوجي الذى تشهده التخصصات سواء فى المجال التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو الفندقى، بما يجعل الخريج ليس على درجة عالية من الكفاءة للعمل فى سوق العمل وتحقيق إنتاج، فى حين ان العمالة الفنية المهنية المدربة تساهم بشكل كبير فى اقتصاديات دول العالم، ويعتبر النظام الذى تتبعه دول مثل اليابان وألمانيا فى التعليم الفني والتدريب المهني أهم العوامل وراء نجاحها وتفوقها على منافسيها، من خلال توفير معظم برامج التعليم الفني الذى يساهم بنسبة 75% من اقتصاد الدول. وقد أوصي خبراء معنيون بشئون التعليم، بضرورة إنشاء مجلس أعلى للتعليم الفني لوضع السياسات والمعايير المنظمة لهذا المجال، وتطوير التعليم المزدوج، وتحويل المدرسة إلى مدرسة منتجة، بالاضافة الى التوسع فى إنشاء تخصصات نوعية تخدم المجتمع وسوق رأس المال. سوق العمل وفى ذات السياق يري د.طلعت عبدالحميد " استاذ بكلية التربية جامعة عين شمس " ان التعليم الفني لا يلبي احتياجات سوق العمل،والمشكلة تكمن فى ان المناهج يغلب عليها الطابع النظري، فى حين ان المهارات التى يتطلبها سوق العمل يجب ان تكتسب من مواقع العمل وليس فى المدرسة. مضيفاً ان المشكلة لدينا ليس لها علاقة بفقر الموارد ولكن لها علاقة بفقر الأفكار والرؤي لدي القائمين على العملية التعليمية فى كيفية استغلال الموارد والامكانات لدينا وتوظيفها. لافتاً الى ان اهمية توحيد الوزارات المعنية بالتنمية البشرية ( وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ووزارة الثقافة ) فى وزارة واحدة، كى لا نشتكي من ترهل الجهاز الاداري للدولة والبيروقراطية وعدم التنسيق بين الوزارات، كما فى التجربة اليابانية التى نشيد بها والتعليم لديها تابع لوزارة واحده تسمي وزارة التعليم والثقافة والعلم. نقص العمالة ويري د. عمرو الدمرداش " خبير تعليم فني " ان عدم الاهتمام بتطوير منظومة التعليم الفني يكبد المصانع المصرية خسائر لاتقل عن 50%، نتيجة انخفاض خبرة العمالة ومهاراتها الحرفية، وتراجع دور العمالة المصرية فى الخارج وفق احصائيات وزارة القوي العاملة والهجرة. مضيفاً ان نسبة البطالة الموجودة توازى بالتقريب نسبة نقص العمالة المطلوبة للعمل بالمصانع، ووفقاً للإحصائيات فهناك 5700 مصنع تم اغلاقها بسبب عدم وجود تمويل وأيضا نقص العمالة، رغم امتلاك مصر لطاقة بشرية هائلة، وتخرج كل عام مئات آلاف من طلاب التعليم الفنى. مشدداً على اهمية إضافة برامج تدريب متميزة للفنيين لمواكبة التطور والتكنولوجيا الحديثة، بالاضافة الى وجود كيان يندرج تحته كل الحرفيين بإشرف متضامن مع وزارة القوى العاملة ووزارات الصناعة والتجارة والنقابات العمالية والتعليم الفنى. التمويل أزمة ويري الحسيني محمد " مدرس اعدادي مهني بالمنوفية " ان التعليم الفني القاطرة الحقيقية للنهوض بمصر بعد ارتباطه بسوق العمل، ويحتاج الى توفير التمويل اللازم لتوفير الخامات والمعدات اللازمة التى يستخدمها طالب التعليم الفني كي يصبح طالبا منتجا. مضيفاً ان طالب التعليم الفنى يشعر بعدم الثقة فى ذاته وقدرته على الابداع، نظراً لنظرة المجتمع الدونية اتجاه التعليم الفنى أو المهني، وعدم تقديرالمجتمع لهذا النوع من التعليم، بما يتطلب تغيير نظرة المجتمع وتحسين وضع التعليم الفني ومساواته بالتعليم العام. مشدداً على اهمية تطوير المناهج وإدخال التكنولوجيا لمواكبة المستجدات فلا يصح ان يستخدم الطالب" المفك " فى عمليات التركيب والتصليح وهناك معدات حديثة تعمل بالتكنولوجيا، بالاضافة الى تطبيق اللامركزية فى ضوء نظرية التعليم المزدوج او التعليم فى بيئة العمل من خلال بروتوكول تعاون بين وزارة التعليم الفني واتحاد الصناعات، لتدريب الطلاب بشكل عملي بما يكسبهم مهارة وخبرة، خاصة انه لا يوجد مصنع أو ورشة تستغنى عن العمالة المدربة وصغيرة السن لسهولة الحركة. مناهج عقيمة ويري مصطفى على " معلم خبير مركبات علمي بمديرية التربية والتعليم بالشرقية " ان مناهج التعليم الفني بها عوار منذ سنوات ولا تؤهل الطلاب لسوق العمل، فقد يدرس الطالب معدات ليس لها اهمية فى الصناعة الحديثة، لان العلم الحديث جعل السيارات على سبيل المثال تعمل بمحرك او موتور" الانجكشن" فى حين ان الطالب مازال يدرس محرك الديزل. مضيفاً ان الجزء العملي فى التعليم الفنى الخاص بتجهيزات الورش غير مواكب للعصر الحديث، فعلى سبيل المثال يدرس الطالب فى المنهج فى تخصص الكهرباء جهاز " plc " ولا يوجد هذا الجهاز فى الورش والمعامل الكهربائية للتدريب عليه، وايضاً نجد فى تخصص مركبات السيارات قد يدرس الطالب معدة صناعة روسية فى حين ان المعدات الموجودة فى السوق استيراد من اليابان وكوريا وبالتالي تختلف تركيبة المعدة المستوردة عما يدرسها الطالب. لافتاً الى ان هناك اجهزة حديثة يستخدمها العالم كافة فى الصناعة ولكنها غير مضافة للمناهج ولا يعرف الطالب عنها شيئا، مثل جهاز " الميكاترونك " فى قسم المركبات الذى يحول الطاقة الهيدروكية الى طاقة ديناميكية او حركية ويستخدم فى الجرارات الزراعية الحديثة التى تعمل دون عمالة. مؤكداً اهمية عودة التدريب الصيفى لطلاب التعليم الفني الذى تم إلغاؤه ضمن القرارات التى اُتخذت بعد ثورة 25 يناير 2011. مشاريع للدولة ويري احمد كامل " معلم اول كهرباء بمدرسة الفيوم الميكانيكية الصناعية " ان طلاب التعليم الفني يمثلون ثلثي طلبة التعليم الناجحين بالمرحلة الاعدادية، وبالتالي يمثلون ثروة بشرية هائله تستطيع ان تنهض بالاقتصاد المصري. مضيفاً ان هناك مشاريع راس المال دائم تقوم بها مدارس التعليم الفنى بالتعاون مع المحافظات لتمويل تلك المشروعات، ولكن يواجهنا مشكلة تتمثل فى ان تلك المشاريع غير مجدية مادياً للمعلم ويحصل على نسبة اقل من 1%، ويفضل ان يعمل فى ورشته الخاصة التى يكسب منها اكثر من مشاركته فى المشاريع التى تقوم بها المدرسة، بما يتطلب تشريعا يحفظ للمعلم حقه المادي وتسهيلا لبعض القوانين التى تفرض ضرائب 13% تؤخذ من اجور المعلمين بالاضافة الى فرض ضريبة ودمغات. لافتاً إلى ان التعليم الفني كي ينهض لابد ان يمول ذاته ويحقق الاكتفاء الذاتي، وهناك مشاريع يستطيع ان يقوم بها الطلاب وتخدم المجتمع مثل تصميم اشارات المرور فى الشوارع، وصناديق القمامة، والمقاعد المدرسية، بدلا من ان تلجأ المحافظات الى التعاقد مع شركات خاصة وتنفق ملايين الجنيهات، او تلجأ للاستيراد من الخارج. لافتاً الى ان هناك عجزا فى عدد المدرسين بالمدارس فى كل التخصصات علمي وعملي ومشرفى الانشطة، نتيجة عدم وجود تعيينات جديدة للمدرسين وآخر دفعة تم تعيينها من حملة المؤهلات فوق المتوسط كانت فى التسعينيات.