عانى التعليم الفنى من الإهمال خلال السنوات الماضية مما أدى إلى تخريج آلاف من الطلاب إلى سوق العمل بدون أية مهارات تؤهلهم إلى الحصول على فرصة عمل مناسبة، وهو الأمر الذى رفع معدل البطالة بين الشباب.. ولكن أعلنت الحكومة عن اهتمامها بالتعليم الفنى بتخصيص وزارة له للمرة الأولى ليكون عاملًا فى إفراز شباب مؤهل لسوق العمل يسهم فى دفع الاقتصاد.. وأكتوبر تناقش سبل تطوير التعليم الفنى بتخصيص وزارة له للمرة الأولى ليكون عاملًا فى إفراز شباب مؤهل لسوق العمل يسهم فى دفع الاقتصاد.. تناقش سبل تطوير التعليم الفنى مع نخبة من الخبراء.كان الدكتور محمد يوسف وزير التعليم الفنى والتدريب قد أعلن عن البدء الرسمى لمشروع إصلاح التعليم الفنى والتدريب المهنى ( TVET2)عقب اجتماعه مع وفد الاتحاد الأوروبى بمقر صندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية بالاشتراك مع الوزارات ذات الصلة، وأكد الوزير أهمية الدور الذى يقوم به المشروع، والذى يأتى بالتزامن مع تفعيل وزارة التعليم الفنى والتدريب، لتنفيذ المحاور الخاصة بوضع نظام متكامل لإدارة منظومة التعليم الفنى والتدريب مع كافة الجهات المحلية والدولية، فضلا عن رفع مستوى جودة التعليم الفنى والتدريب المهنى بكافة القطاعات مع تحقيق الانتقال الفعلى لسوق العمل، وكشف الوزير عن قيام المشروع بالتركيز على احتياجات الصناعة والمشروعات القومية فى كافة الأنشطة المقررة بالمشروع، مع الدعم الكامل من الوزارة والاتحاد الأوروبى لتنفيذ المشروع كنموذج يحتذى به فى كيفية تحسين الصورة المجتمعية للتعليم الفنى والتدريب المهنى، ووجود مخرجات ذات استدامة ومردود فعال فى سوق العمل. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الطلاب فى التعليم الفنى يبلغ حوالى مليون و800 ألف وعدد المدارس 1978 مدرسة، وعدد الخريجين سنويا نحو 600 ألف عاطل لا يجدون وظائف. وتناشد زينب عبد الله عفيفى رئيس قسم تكافؤ الفرص بإدارة عين شمس التعليمية وزير التعليم الفنى والتدريب الدكتور محمد يوسف ضرورة ربط التعليم الفنى بالمصانع فى مصر لتدريب الطلاب عمليا خاصة أن لدينا العديد من المصانع تحتاج لطاقات هؤلاء الشباب فلابد من استغلالها بطريقة إيجابية، إضافة إلى عدم فصل التعليم الفنى عن التعليم الثانوى وتقترح عمل أقسام داخل المدارس علمى وأدبى وتجارى وصناعى وزراعى بحسب إمكانيات كل مدرسة، وأضافت أنه تم عمل دمج للمعاقين مع الأسوياء فكيف لا نستطيع ضم التعليم الفنى والثانوى؟. وأشادت زينب بتجربة احدى المدارس الفندقية التى تعمل على ربط التعليم بالوظائف بحيث يحصل الخريج على وظيفة مباشرة بعد تخرجه وخاصة الكوادر منهم وذلك بأجر رمزى كنوع من التحفيز للطلبة من جهة وتشجعهم على العمل من جهة أخرى، لافته إلى أنه فى معظم الأحيان عندما يتقدم الشاب للزواج يكون أول شىء يسأل عنه الشاب هو الوظيفة قبل الشهادة حتى ولو حاصل على دكتوراه. ولا شك فى أن النظرة السائدة للتعليم المهنى دونية كما قال مدير مدرسة السلام المعمارية سابقا عبد الشكور حسين الذى أضاف: أنه من المعروف أن صاحب المعدل المتدنى يذهب للتعليم الصناعى، لكن الحقيقة على العكس، لأن التعليم المهنى يتضمن تعليما نظريا وعمليا، والطلبة يدرسون الفيزياء وتكنولوجيا المعلومات وذلك يحتاج إلى مهارات كبيرة. تهيئة مبانى وأوضح عبد الشكور حسين مدير سابق بمدرسة السلام المعمارية ورئيس لجنة التعليم بالتجمع الوطنى التقدمى ان تطوير التعليم الفنى يرتبط أولا بتهيئة المبانى المدرسية بحيث تسع اعداد الطلبة الموجودة فهناك العديد من المدارس بها كثافة طلابية تصل إلى 6000 طالب مثل مدرسة غمرة الصناعية ومدرسة السلام المعمارية ومدرسة دار السلام حيث لا يتمكن الطلاب من أخذ يوم كامل من الدراسة، هذا بالإضافة إلى ضرورة توافر معدات مواكبة للعصر الحديث وفقا للتخصصات المختلفة وليس معدات مضى وعفى عليها الزمن، كذلك يجب الاهتمام بنوعية المدرسين الذين يذهبون للتعليم الفنى خاصة أن الكثير يعتبرو التعليم الفنى جزء من المدرسين «المعاقبين» التى لا ترغب الادارة فى عملهم. وأشار إلى أن هناك الكثير من العقبات فى التعليم الفنى بسبب تعدد التخصصات والنظم داخل المدارس يحدث نوع من الارتباك وتصبح الإدارة مزدوجة لذا يجب أن يكون فى كل مدرسة تخصصات متقاربة لمنع هذه الازدواجية وبالفعل تم عمل ذلك فى بعض المدارس مثل المدرسة الكهربائية والمدرسة الميكانيكة لكن ليس بالكفاءة الكاملة ويتمنى تعميم ذلك على جميع المدارس. ويرى أن إصلاح التعليم الفنى يتطلب هيكلة واضحة يضعها علماء التربية بمعايير محددة سواء كان للأفراد والهيئات والمؤسسات التعليمية لتكن قادرة على التطبيق والانجاز وفقا لمدة زمنية. وأوصى المهتمون بتنمية هذا النوع من التعليم بضرورة رفع قدرات المعلمين فى المدارس الصناعية وتزويدهم بالمعدات اللازمة، والحد من التأثير السلبى للمدراء والمعلمين فى المدارس الحكومية على الطلبة لترك الخيار للطلبة بالالتحاق فى المدارس الصناعية، ورفع مستوى التنسيق بين الوزارات ذات العلاقة، وتحديث التخصصات بحيث تلبى حاجة سوق العمل والتطور التكنولوجى للعصر، والقيام بحملات توعية شاملة بدلا من الاستمرار فى التباكى على شباب لا يجد عمل. تجارب ناجحة يوجد العديد من تجارب الدول الاخرى الناجحة فى التعليم الفنى وتم الاستفادة منها فى التسعينيات كما قال فتحى قابيل محمد استشارى تنظيم وإدارة : فى عام 1995 و 1996 تم الالتقاء بمجموعة من الخبراء فى التعليم الفنى من دول أوروبا وآسيا واعطوا لنا برامج ودورات على أحد الصناعات منها البلاستيك وطلب الخبير الأجنبى من كل مهندس إعداد كتاب عن تخصصه سواء كان فى المعدات أو الإنتاج أو الجودة بحيث يتم الاستفادة بحسب التخصص عمليا فى المصانع وبالفعل تم مراجعة هذه الكتب تربويا وطباعتها بواقع 15 كتاب، وتم تطبيق هذه الفكرة على مدرسة ميت غمر الثانوية الصناعية للبلاستيك حتى الآن وتعد من التجارب الناجحة التى يجب تعميمها على جميع المدارس، فالطالب يدرس نظريا ثلاثة أيام ويذهب للمصنع يومين ليطبق ما أخذه نظريا وعمليا، وبالتالى يصبح الطالب خريجا له عمل ووظيفة أو مشروع يستطيع القيام به، فالطالب فى التعليم الفنى أشبه «بالمنتج الناجح ليس له سوق، وبالتالى لن يباع». وأشاد قابيل بنظام التعليم الجامعى فى ألمانيا على سبيل المثال وليس الحصر خريجى الهندسة لا يطلق عليه لقب مهندس إلا بعد تدريبة لمدة عامين بأحد المصانع للحصول على دورات تدريب فى التخصص الذى درسه بالجامعة ثم بعد ذلك يتم تعينه. ومن جانبه، أوضح الدكتور حسين بشير الأستاذ بمعهد الدراسات التربوية فى جامعة القاهرة أنه تم عمل مشروع لتطوير التعليم الفنى فى ضوء معايير الجودة وتتعلق هذه المعايير بالمكونات الأساسية للتعليم الفنى وتنقسم إلى ثلاث تخصصات: فنى صناعى ويمثل حوالى 50% وفنى زراعى يمثل 11% وفنى تجارى يمثل حوالى 39% وينبثق منه التعليم الفندقى وهناك مستويان لهذه التخصصات فنى مرحلة الثانوية بنظام الثلاث سنوات وفنى أول بنظام الخمس سنوات وكل من هذه التخصصات عصب أساسى للقوى العاملة فى التعليم الفنى، كما يتم وضع معايير للجوانب الثقافية حيث تشمل مواد اللغة العربية والإنجليزية والرياضيات وكذلك وضع معايير للجوانب المهنية ومواد الثقافة العامة للخريج وتعتبر كل هذه المعايير أساسية لابد من توافرها لدى الخريج. وأشار بشير إلى إجراء دراسة مقارنة لمعرفة الملامح الرئيسية للتعليم الفنى فى بعض الدول أوروبية وآسيوية وأمريكية والعربية أيضًا، وذلك بهدف إلقاء نظرة على التعليم الفنى بالخارج والداخل وعمل مقترحات للنهوض به والتعرف على كيفية تحسين هيكلة نظام التعليم الفنى. وأضاف أن نظام التعليم الفنى يتضمن مستويين من العمال هما عامل «عادى» وعامل «ماهر» والعامل العادى له مواصفات حاصل على الإعدادية ويدرس سنة دراسية مهنية لتعلم أساسيات المهنة بإحدى الورش سواء سباكة أو نجارة وهذا النوع ليس موجودًا فى السوق المصرى، أما بالنسبة للعامل الماهر يكون راسبًا من الثانوى ويحصل على بعض التدريبات المهنية. أوجه القصور واكد بشير ان التعليم الفنى إلى الآن لم يحظ بالعناية الأساسية ويعتبر نوعًا من التعليم المتدنى ويرجع الى عدة أسباب فيها النظرة الدونية للتعليم الفنى من قبل المسئولين وأولياء الأمور ذاتهم لذا نحتاج إلى رفع مستوى التعليم الفنى من خلال إتاحة الفرصة للفنى الأول لكى يكمل دراسة جامعية لمدة ثلاث سنوات، حيث كان فى الماضى هناك معاهد عليا صناعية وتجارية وزراعية تم الغاؤها وأصبح الاهتمام بتحويل المعاهد العليا إلى كليات تخريج حاصلين على شهادات دون اكتساب المهارات الفنية والعملية والتطبيقية، ويرى بشير ضرورة النظر فى إعادة إنشاء مثل هذه المعاهد العليا مرة أخرى. وختم د. حسين بشير بقوله إن: تطوير التعليم الفنى فى مصر يتطلب خطة قصيرة وطويلة الأجل وأن يتعامل مع هيئة الضمان والجودة لضمان تكامل مخرجات التعليم، زيادة الجزء العملى للتوزيع مع النظرى، وإلزام الطالب بالتدريب فى احدى الشركات والمصانع، والتوسع فى الأنظمة غير التقليدية داخل المصانع وعددهم حوالى 20 مصنعًا، أما بالنسبة للخطة قصيرة المدى فتتضمن العمل على توفير البيئة الجاذبة للطلاب بالمدرسة، والاستعانة بتجارب الدول فى تطوير المناهج.