تشهد أسعار السكن ارتفاعاً ملحوظاً، وتزيد الأسعار بنسبة 30% مع زيادة أسعار مواد البناء، وأكد خبراء الإسكان على أن السوق العقاري يحتاج إلى آلية لتنظيمه، وأن تسود سياسة البناء من أجل توفير السكن خاصة لفئة محدودى الدخل والفقراء، فى ظل الزيادة السكانية السنوية التى تتطلب توفير حوالى 500 ألف وحدة سنوياً فى حين أن الدولة تبنى بمعدل 200 ألف وحدة سنوياً فقط، بما يجعل أزمة السكن مستمرة واللجوء إلى العشوائيات امر استحبه الفقراء للاستقرار. وتشير دراسة بعنوان "إسكان الفقراء" على أن الدولة تخلت عن دورها فى البناء للفقراء منذ سبعينيات القرن الماضي، واتجهت للبناء للطبقة المتوسطة والفوق متوسطة والفاخرة، بما أدى إلى تفاقم الأزمة. وفى ذات السياق تري د.ابتهال أحمد "أستاذ التنمية العمرانية بكلية التخطيط الإقليمى جامعة القاهرة" أن معدلات البناء تتزايد ولم تتوقف رغم ارتفاع أسعار مواد البناء، باعتبار أن الاستثمار فى العقارات أمر لجأ اليه الكثيرون من المستثمرين لتحقيق ربح ومكسب سريع ويعتبرونه "رأس مال ميت "، فضلاً عن أن المضاربة على أسعار الأراضي ينعكس على أسعار الوحدات وتزداد سعرها بمرور الزمن. مضيفة أن معظم المعروض فى السوق من الوحدات السكنية لا يناسب طالبي السكن من فئة الفقراء ومحدودى الدخل، بما يؤدى الى فجوة وعدم اتزان فى السوق العقاري، ويؤدى لمزيد من الوحدات المغلقة والخالية، خاصة أن غالبية طالبى السكن يلجأون إلى الإسكان العشوائى لانخفاض سعره. مشيرة، إلى عدم وجود قانون يلزم المستثمرين بتسجيل العقار، بما يتخلف على الدولة الآلاف من الجنيهات التى قد تعوض عليها من الضريبة العقارية، مؤكدة أهمية دور البرلمان فى إصدار حزمة من التشريعات تعود للسوق العقاري اتزانه. وحدات خالية ومغلقة. وقالت منال الطيبى "رئيس مركز حقوق السكن "، إن السوق العقاري " مشوه" فيوجد حوالى 2 مليون وحدة سكنية مغلقة، وحوالى 4 ملايين وحدة خالية غير مشغولة، بالإضافة إلى أن تجربة المدن الجديدة نجحت فى البناء ولم تنجح فى استقطاب ساكنى العشوائيات إليها، نظرًا لعدم توفير فرص عمل، وعدم وجود استراتيجية واضحة نحو التنمية والعمران فى مصر. مضيفة، أن مشاريع الدولة الإسكانية معظمها يطرح بالتمليك فى حين أن غالبية محدودى الدخل والفقراء لم يتحملوا دفع الأقساط أو مقدمات الحجز، بما يدفع المستثمر أن ينتهج ذات سياسة الدولة ويطرح الوحدات فى السوق بالتمليك، بما انعكس على السوق العقاري وأصبح غير متزن. مؤكدة، أهمية العمل على توفير سكن ملائم للمواطن والبناء من أجل الفقراء وطالبي السكن والكف عن الاستثمار الذى يهدف للربح دون جدوي تعود على المواطن. أزمة توزيع السكن ويقول د. محمد صالحين "أستاذ التخطيط المتكامل ومدير برنامج العمران المتكامل والتصميم المستدام بجامعة عين شمس " إن المشكلة الرئيسية لدينا أننا نعانى من أزمة فى توزيع السكن، فبالرغم من عمليات البناء التى يشهدها السوق العقاري إلا أنها لا تجذب طالبي السكن، والأمر يتطلب البناء فى المحافظات والصعيد وإحياء العمران برؤية تنموية بعيدة المدي للحد من الهجرة من الريف إلى المدن. مضيفاً، أن بعض المستثمرين فى مجال العقارات قد يحجبوا عن البناء بسبب عدم ثبات سعر العملة التى تزيد من تكلفة الوحدة السكنية على المواطن. دعم غير المستحقين وقال عمر الطهطاوى "رئيس تحالف المقاولين المصريين سابقاً" إن الدولة وجهت الدعم الإسكانى لمن لايستحق ومعظم المشروعات الإسكانية السابقة التي قامت بها الدولة مثل ابني بيتك وإسكان الشباب وغيرها من المشروعات استفاد بها من لا يستحق وقام ببيعها لآخرين بأثمان مرتفعة ولم يتحقق الهدف المرجو منه. مضيفاً أن أزمة الإسكان تتلخص فى البيروقراطية الحكومية التي تفتح الأبواب أمام الرشاوى والفساد الذى يستشرى فى القطاع الاسكانى، نظرًا لتعقيد إجراءات البناء وتسجيل العقارات. مشيرا،ً إلى أن مصر بها مساحات كبيرة من الأراضي غير المستغلة، ولو تم تقنين الأوضاع الحالية بالنسبة لواضعى اليد فسوف تتوافر سيولة كبيرة تمكن الدولة من عمل مرافق وخدمات، تسهل بعد ذلك عملية تعمير الصحراء، وفتح أفاق جديدة نحو تنمية شاملة لعمل رواج فى السوق العقاري. الزيادة السكانية وتقول د. نادية رضوان "أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية" إن السكن يعنى استقرار واتزان نفسي واجتماعي للافراد، يسعي كل إنسان منذ الخليقة إلى تحقيق السكن والسكينة، للقدرة على العمل والانتاج ومواصلة متطلبات الحياة. معتبرة، أن تفاقم مشكلة الإسكان فى مصر يرجع إلى الزيادة السكانية حيث نحتاج ل500 ألف وحدة سكنية سنوياً لحديثى الزواج، فضلا عن أن موارد الدولة الاقتصادية ضعيفة ولم تتحمل البناء لسد عجز الزيادة السكانية السنوية.