أكد الخبراء والعلماء أن توعية وتأهيل الشباب وإشراكهم في صنع وتحمّل مسئولية البلاد. أهم عنصر لتحصينهم ضد التحديات والأزمات الطاحنة التي تتعرض لها الأمة خاصة في الظروف الراهنة التي تحتم علي المجتمع الاهتمام والاعتماد علي العناصر الشبابية لحمايتهم وإبعادهم عن مهاوي الانحراف والانجراف وراء الأفكار المتطرفة أو المنحلّة.. وطالبوا بضرورة تعميق قيم الانتماء والعشق لبلدهم. خاصة أنهم يُحبّونها فعلا لكنهم يحتاجون لمن يُبسِّط لهم القضايا والمشكلات ويشاركهم بفاعلية وجدّية في صنع القرار وتحمّل المسئولية ويدفع بهم إلي قيادة وتولي المناصب الكبري.. وأشاروا إلي أنهم يملكون طاقات متجددة تحتاج لمن يزيدها تألقا وتوهجا بفهم صحيح الدين بعيد عن الإفراط أو التفريط. في البداية يوضح الدكتور الوليد العادل- خبير علم الاجتماع- أن مرحلة الشباب تعد هي الفترة السحرية في حياة البشر لأنها الباب الذي يدلفون منه لتأخذ حياتهم شكلها النهائي عمليا واجتماعيا بعد استكمال "البنية الأساسية البدنية والذهنية والروحية لهم" .. ومخطئ من يظن أن من الخطأ بل والخطر أن يتصدر الشباب موقع القيادة في كل وأي مجال بدعوي نقص الخبرة أو التسرع أو عدم النضج الفكري والوجداني. ولمن يتعللون بتلك المزاعم للبقاء والإبقاء علي مراكزهم السياسية أقول أن حجتكم داحضة .. فأني لمخلوق أن يعرف أكثر من خالقه الذي جعل الرسل والأنبياء عليهم السلام يبدأون ثورات التغيير الكبري من أجل عالم أفضل أكثر أمانا وإيمانا بإرساء قيم الحق والخير والعدل. وكلهم كانوا في عمر الشباب وكلهم نجحوا في مهامهم أيما نجاح. وقال: لا ينبغي أن يفوتنا أن سن الأربعين هو سن اكتمال النضج والقوة والجلد. إذ قال عنه العليم الخبير "حتي إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة...". ولا أحد ينسي أن من قاد مصر الحديثة وحقق لها مكانتها, كان شابا في منتصف الثلاثينيات من عمره اسمه جمال عبد الناصر. ويؤكد الدكتور الوليد. أن الشباب هم أولو العزم والجرأة والقدرة علي الخيال والتصور والتطور واتخاذ القرارات الصعبة لتخطي الأزمات والعبور بالأمم الي شواطئ الأمن والرخاء . فحينما تدلهم الخطوب تحتاج ليد قوية تتخذ القرارات "الجراحية" كعلاج ودواء لكل داء. ولا أجد أصلح لذلك من الشباب . ويضيف: غني عن الذكر أن النجاح في تخطّي الأزمات هو اللاصق السحري الذي يجمع الأمة بإزالة الغمة. أقول هذا وأنا ألحظ بعين الرضا والإعجاب بدء تقليد يقضي بتقلّد الشباب المناصب الرفيعة. وزراء ومحافظون. فلعلنا نبقي علي هذا التقليد أمناء ومحافظين. نظرة متعمقة بنظرة الخبير التربوي والمتعامل مع الشباب بصفة دائمة. يري الدكتور ممدوح رشوان - الأمين العام للاتحاد العربي للشباب والبيئة - أن الوعي الجيد والمعرفة بأبعاد الأزمة أهم عنصر لتأهيل وإعداد الشباب في مواجهة التحديات والأزمات. حتي عندما نتخذ القرار أو الموقف لا يكون انفعاليا أو علي أسس خاطئة واستيفاء المعرفة بأبعاد الأزمة من مصادر ذات ثقة ولها ثقل ومحبة لبلدها. يضيف د. رشوان: أكرر أن شبابنا بخير ويعشق بلده لكنه فقط يحتاج لمن يسمعه ومن يشرح له أبعاد الأزمة بلغة بسيطة يفهمها وعدم الاستهانة بهم وإشراكهم وإيجاد وتحديد دور لهم في التصدي لتلك الأزمات. فهي بلدهم وهم من سيعانون. ولنا في تجربة الإخوان مثال لما حدث ويحدث في مصر لولا إرادة الله ولطفه بمصر. والأحداث في دول الجوار خير دليل للشباب. انظروا وتفكروا وقرروا. والنموذج الذي قدمه شباب قواتنا المسلحة. وخاصة نسور مصر. دافع للأمل. فقد قام شبابنا من الأبطال بمسح الحزن والإحباط عن قلوب المصريين. وأكرر أخيرا - والكلام لا يزال علي لسان د. رشوان- شباب مصر عاشق لبلده ويملك من القدرات ما يجعل مصر في أوائل الدول. فقط نحتاج لإزالة ¢العفار¢ البسيط من علي أفئدتهم الذهبية فقط. وتحيا مصر وستحيا مصر بفضل شبابها وعناية الله. كنز المستقبل من جانبه يقول الدكتور منتصر مجاهد- الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس-: إذا أردنا الحديث عن الشباب ودوره في البناء والمواجهة. أي بناء المجتمع ومواجهة المشكلات التي تواجه المجتمع حتي يظل البناء للمجتمع في كل مناحي الحياة مستمرا دون توقف . فإن الأمر يتطلب من الحكومة والدولة النظرة بأنهم أبناء المجتمع وهم الكنز الذي يحمل مشاعل المستقبل والركيزة الأساسية في نهضته. هذه النظرة الواعية من قبل الجهات الرسمية نحو الشباب. تدفع بالدولة أن تتبني هؤلاء الشباب في تربيتهم تربية سليمة. أولي مقومات هذه التربية: بث روح الوطن والمواطنة في أنفسهم وجعل محور هذا الأمر أن بلادنا لا يبنيها غيرنا وإن شئت قلت: زرع وبث وتربيتهم علي تحمل المسئولية والانتماء إلي هذا البلد. هذه الروح تدفع الشباب دفعا نحو البناء. يسبق هذا كله تسليح الشباب بالعلم والمعرفة. ثم تعريفه بأهم قضايا الوطن وما يعانيه الوطن وكل يحتاجه إليه من أبنائه المخلصين مع تنوع الأمثلة والنماذج من الدول المتقدمة وكيف نهض شبابها بها . ناهيك دور الدين في غرس روح الولاء والانتماء. فلو أدرك الشباب هذه المسئولية الملقاة علي عاتقهم لهبوا جميعا لكي يواجهوا ما تعانيه البلاد من مشاكل ولعملوا جميعا علي حلها. لان أسوأ ما يقابل الشباب هو فقدان القدوة وعدم إعطائهم الثقة في أنفسهم. خلاصة الأمر الشباب يحتاج إلي من يوعيه ويكون له القدوة ويحتاج إلي من يزرع الانتماء فيه. ويا حبذا لو عملنا جميعا علي تحقيق العدالة الاجتماعية بين الجميع. هذا الأمر يدفع الشباب دفعا ويبعده عن حالات اليأس التي يعانيها. إذن القضية في مضمونها: علم يبني عقول. وتربية تهذب. وثقة تدفع إلي العمل. وقدوة تقود. وعدالة تزيل اليأس والحقد. وانتماء وولاء إلي البلاد يمحو الكره. ويدفع إلي التضحية بالغالي والثمين من اجل الوطن. ومن ثم لكي يواجه الشباب المشكلات ويعمل علي حلها فلابد من ان يملك الأدوات والآليات والمنهج الذي يساعده علي الحل. حجر الزاوية يقول الشيخ سعد الفقي- وكيل وزارة الأوقاف بكفر الشيخ-: الشباب في كل زمان ومكان هم حجر الزاوية والقاطرة التي تأخذ الأمة الي بر الأمان. ففي صدر الإسلام الأول استعان النبي صلي الله علية وسلم بالشباب وها هو يقدم عليا رضي الله تعالي عنة وإرضاه ليقوم بدور الفدائي عندما نام علي فراشه ثم يستعين به لرد الودائع والأمانات ثم يستعين بعد ذلك بخالد بن الوليد ليكون قائدا للجيش. يستطرد الشيخ الفقي قائلا: والشباب في الغالب الأعم يمثلون العدد الأكبر من تعداد الأمم وبالتالي فليس اقل من تقدمهم الصفوف والدفع بهم إلي المهام الصعبة. ومن خلال اكتسابهم الخبرات أري أنهم سيكونون أكثر عطاء. وبالتالي ليس اقل من الاهتمام بهم معنويا وثقافيا فهم أصحاب الطاقات المتجددة التي لا تنضب والتي تتوهج دائما ولابد من تسليحهم بشتي العلوم ليكونوا زادا للأمة عندما تتهددها المخاطر ويتكالب عليها الأعداء. ومصر في هذه الأيام أحوج ما تكون إلي تشجيع الشباب والأخذ بأيديهم إلي بر الأمان ليكونوا أداة للدفاع عن البلاد لا أداة للهدم من خلال تبصيرهم بجوهر الدين الصحيح الذي لا يعرف الإفراط أو التفريط.