قبل ثورة 25 يناير وفى معظم المحافل العامة للمثقفين والساسة عندما كان الجميع ينادى بضرورة العمل عَلى بث روح الانتماء لدى الشباب وغرس حب العمل من أجل الوطن فى النفوس تعالت آنذاك أصوات كثيرة تنادى بضرورة وجود مشروع قومى يلتف من حوله الشباب، بل جميع طوائف الشعب المصرى، ولكن لم يتصور أحدهم أن إطلاق مثل هذه المشاريع ليس بنهاية المطاف، بل إنه بدايات الطريق بالنسبة للشباب لأن أغلبه يعانى بالأساس من التهميش والفقر والجهل مما شكل أولوياته بشكل مختلف كلياً عن الأولويات التى يتصورها المنظرون فى أماكنهم المكيفة، فكيف له إذن أن يشارك فى بناء مجتمعه أو أن يندمج معه ليزداد فيما بعد ذلك الشعور بالانتماء أو يتوهج، إنها متاعب شباب يعانى فقدان الثقة والقدوة فى مجتمعه شاعراً أنه لا أحد يلتفت إليه، حالماً بأن يجد حلولاً حقيقية لمشاكله الأساسية على أرض الواقع؛ حيث لا يتوافر لديه ترف الإنصات للمحاضرات أو متابعة المقالات، خاصة مع سطحية وانحراف الخطاب الدينى عن مساره سواءً بالداخل أو بالخارج، مما يترتب عليه فى بعض الأحيان أن يتخذ بعض هؤلاء الشباب من التنظيمات الراديكالية التى تُمارس العنف النموذج أو القدوة لهم نتيجة لضعف مستوى البعض منهم التعليمى والمادى فى الوقت الذى تقدم فيه هذه التنظيمات لهم الدعم المادى والمعنوى وتقوم بالتركيز على مفاهيم تستهويهم كالنصرة والقدرة على التغيير والتفوق، خاصة إن كان البعض منهم يعانى بالفعل الظلم ببلاده هو أو أحد المقربين منه فيمثل هذا بالنسبة له وقوداً يشعل حماسه ويشجعه علَى الانخراط مع هذه الجماعات التى تتخذ من العنف منهجاً لها تستراً وراء الدين الإسلامى العظيم! ومن هنا يثبت بالدليل القاطع أن فقدان ثقة الشباب بحكوماته العربية أو الإسلامية يعد الخطوات الأولى على طريق الإرهاب وينطبق هذا على قطاع ليس بقليل، فى حين يتجه الباقون من اليائسين من أبناء المجتمعات العَربية أو الإسلامية بكل أسف إلى الإدمان أَو الإجرام والتخريب وربما يتشابه هذا مع ما رأيناه فى أحداث المطرية الأيام القليلة الماضية، التى يعانى أبطالها من ثنائى الجهل والفقر معاً، بالإضافة إلى انعدام الوازع الدينى نتيجة لمفاهيم دينية مغلوطة تم حشو أذهانهم بها من قبَل المحيطين بهم ووسائل الإعلام غير المسئولة هنا وهناك! إنه جزء من واقع نحن فى حاجة لإدراكه جيداً ونحن نتحدث عن جملة موضوعات لا نكف عن الحديث عنها كالإرهاب والانتماء والعمل وغيرها كثير، إنها أزمة الثقة التى لن تزول إلا بتحول الأقوال الرسمية إلى أفعال ملموسة على أرض الواقع، وبالخروج عن نطاق الحديث والجدل الذى لا يهدأ، ثم النظر إلى الأهداف بعين ثاقبة دُون مغالطة أو مماطلة، وإلى اللقاء الأسبوع المقبل.